البيشمركة يصلون اليوم إلى كوباني وتركيا تعزز الإجراءات على الحدود

قائد القوة المتوجهة للمدينة لـ «الشرق الأوسط»: سنحمل أسلحة أميركية ثقيلة وسنقلب موازين المعركة

رتل من مقاتلي البيشمركة يغادر قاعدته في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق أمس متوجها إلى تكريت ومنها إلى كوباني (رويترز)
رتل من مقاتلي البيشمركة يغادر قاعدته في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق أمس متوجها إلى تكريت ومنها إلى كوباني (رويترز)
TT

البيشمركة يصلون اليوم إلى كوباني وتركيا تعزز الإجراءات على الحدود

رتل من مقاتلي البيشمركة يغادر قاعدته في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق أمس متوجها إلى تكريت ومنها إلى كوباني (رويترز)
رتل من مقاتلي البيشمركة يغادر قاعدته في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق أمس متوجها إلى تكريت ومنها إلى كوباني (رويترز)

غادرت آليات عسكرية تابعة لقوات البيشمركة الكردية أمس قاعدتها العسكرية في شمال العراق، أمس، متوجهة إلى تركيا، تمهيدا للعبور إلى مدينة كوباني في شمال سوريا التي تتعرض منذ أكثر من شهر لهجوم من تنظيم «داعش». وبينما نفذت طائرات التحالف الدولي ثلاث غارات على مواقع التنظيم في المدينة على وقع استمرار حرب الشوارع بين مقاتلي «داعش» والأكراد، عززت تركيا إجراءات الأمن على حدودها مع سوريا غداة محاولة مقاتلي التنظيم المتشدد السيطرة على موقع على الحدود التركية - السورية وتصدي المقاتلين الأكراد لهم.
وقال قائد قوة البيشمركة المتوجهة إلى المدينة ذات الغالبية الكردية لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن هويته، إن «القوات التي أقودها تتكون من 150 مقاتلا من قوات الإسناد الأولى والثانية في قوات البيشمركة». وأضاف المتحدث، وهو ضابط برتبة عميد، أن الأسلحة الثقيلة والآليات الخاصة بالقوة التي تسمى «قوة النار» نقلت عصر أمس يرافقها 80 من أفراد القوة برا إلى تركيا لتدخل منها إلى كوباني، وأن بقية عناصر القوة كانوا سينقلون جوا الليلة الماضية من مطار أربيل إلى داخل الأراضي التركية.
وعن الأسلحة التي ستستخدمها هذه القوة لإسناد المقاتلين الأكراد في كوباني، قال قائد القوة: «لدينا أسلحة ثقيلة أميركية جديدة، بالإضافة إلى قطع مدفعية ودوشكا ومضادات الدروع»، مشيرا إلى أن هذه القوات تسمى قوات النار. وأكد أن القوة مدربة بشكل جيد وستقدم مع وصولها الإسناد للمقاتلين الأكراد في كوباني، متوقعا أن يقلب دخول هذه القوة إلى كوباني موازين المعركة لصالح الأكراد في كوباني.
من جانبه، قال المسؤول في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري (بي واي دي) هيمان هورامي في تغريدة على موقع «تويتر» إن قوات البيشمركة تحركت من مطار أربيل إلى مدينة سيلوبي التركية الحدودية، حيث ستنتقل من هناك برا إلى كوباني.
واعتبر القيادي المحلي في الحزب إدريس نعسان، أن مشاركة البيشمركة هي مشاركة رمزية تعكس وحدة القرار الكردي وتضيف المزيد من الشرعية في معركتهم، فيما تكمن الأهمية في نوعية الأسلحة التي سيحملها المقاتلون. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن المقاتلين الأكراد ليسوا بحاجة إلى الدعم البشري بقدر ما هم بحاجة إلى الأسلحة والذخائر، توقع أن تساهم الأسلحة والذخائر النوعية إذا وصلت عن طريق البيشمركة، إيجابا على أرض المعركة لصالح الأكراد.
في المقابل، رأى إدريس أن مشاركة الجيش الحر في معركة كوباني كما طرحت سابقا بكثير 1300 مقاتل، تبدو صعبة التحقيق، وقال: «الأولوية بالنسبة إليهم اليوم جبهة حلب»، مستبعدا أن يعمدوا إلى إرسال التعزيزات العسكرية.
وأتى انطلاق البيشمركة بعد إعلان أنقرة أن هذه القوات بإمكانها العبور «في أي وقت» إلى كوباني، مبدية رغبتها في أن تكون المدينة، وهي ثالث أكبر المدن الكردية في سوريا، تحت سيطرة المعارضة «المعتدلة»، بدلا من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعده أنقرة «إرهابيا».
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن قرابة 40 شاحنة وآلية عسكرية بعضها مزود برشاشات ثقيلة، وعلى متنها عناصر من البيشمركة بملابس كردية تقليدية، غادرت القاعدة الواقعة شمال شرق أربيل، عاصمة كردستان العراق.
وقال ضابط من البيشمركة، مفضلا عدم كشف اسمه إن «40 مركبة تحمل رشاشات وأسلحة ومدافع، مع 80 من قوات البيشمركة، ستتجه برا إلى دهوك (المحافظة الحدودية مع تركيا في شمال العراق)، وستعبر اليوم (أمس) إلى داخل الأراضي التركية، على أن ينتقل 72 آخرون عن طريق الجو في وقت مبكر من فجر الأربعاء».
وكان برلمان كردستان العراق أجاز الأربعاء الماضي إرسال المقاتلين للانضمام إلى عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذين يقاتلون في كوباني وتدعمهم الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وفي غضون ذلك، أكد وزير الخارجية التركي مولود شاوش أوغلو أمس في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الأناضول: «الآن ليست هناك مشكلة سياسية. لا مشكلة لعبورهم (الحدود إلى كوباني). يستطيعون العبور في أي لحظة».
وقال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إن بلاده تأمل في أن تسيطر المعارضة السورية المعتدلة على مدينة كوباني بدلا من النظام السوري أو الأكراد. واعتبر في مقابلة مع تلفزيون «بي بي سي»، أن على الولايات المتحدة «أن تجهز وتدرب الجيش السوري الحر، بحيث لا يحل النظام السوري مكان تنظيم (داعش) إذا ما انسحب من (كوباني) ولا يحل إرهابيو حزب العمال الكردستاني محله».
وفي سياق متصل، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن طائرات التحالف العربي - الدولي نفذت 3 ضربات على أماكن في منطقة سوق الهال وبالقرب منها في مدينة كوباني بالتزامن مع اشتباكات بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي وتنظيم «داعش» في المنطقة نفسها. ولفت المرصد إلى أن مقاتلي وحدات الحماية، نصبوا كمينا لعناصر من التنظيم بين قريتي شيران وقبه جوغ، بالريف الشرقي للمدينة مما أدى لمصرع 9 عناصر على الأقل من التنظيم.
وأشار المرصد إلى أن «داعش» فجر عربة مفخخة صباح أمس، بالقرب من مبنى البلدية بينما سقطت قذيفتان على الأقل منذ الصباح على مناطق في المدينة، أطلقهما التنظيم. ودارت اشتباكات في أطراف حي كاني عربان ومنطقة البلدية، وفي الجبهة الجنوبية بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي و«داعش»، وكذلك في منطقة المركز الثقافي وساحة الحرية، إثر هجوم لعناصر التنظيم ومحاولتهم التقدم في المنطقة.
وأكد مصدر ميداني في كوباني، أن الجهتين الشرقية والجنوبية تشهدان هدوءا بنسبة كبيرة بعد سيطرة «داعش» عليها. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن التنظيم يسيطر على المناطق الواقعة غرب المربع الأمني وصولا إلى سوق الهال وجامع الحاج رشاد، جنوب شرقي حي الجمرك، بما في ذلك مباني البلدية والسرايا والمخفر.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.