اتفاق حول سد النهضة في واشنطن والتوقيع نهاية الشهر

اجتماع في 12 الحالي لوضع اللمسات الأخيرة

TT

اتفاق حول سد النهضة في واشنطن والتوقيع نهاية الشهر

بعد جولات من المفاوضات المضنية بين وزراء الخارجية والموارد المائية في مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي، برعاية الولايات المتحدة الأميركية ومشاركة البنك الدولي، توصلت الأطراف إلى تفاهمات وُصفت بالمهمة في طريق حل الأزمة المستمرة منذ سنوات، على أن يتم توقيع اتفاق نهائي بحلول نهاية الشهر الحالي.
وصدر أمس بيان، في ختام مفاوضات واشنطن التي استمرت على مدى 4 أيام، خلال الفترة من 28 إلى 31 يناير (كانون الثاني) 2020، أشار إلى توصل الوزراء إلى اتفاق حول عدد من الموضوعات، من بينها، جدول يتضمن خطة ملء سد النهضة على مراحل، والآلية التي تتضمن الإجراءات ذات الصلة بالتعامل مع حالات الجفاف، والجفاف الممتد، والسنوات الشحيحة أثناء الملء، والآلية التي تتضمن الإجراءات الخاصة بالتعامل مع حالات الجفاف، والجفاف الممتد، والسنوات الشحيحة أثناء التشغيل.
كما اتفق الوزراء على أهمية الانتهاء من المفاوضات والتوصل إلى اتفاق حول آلية تشغيل سد النهضة خلال الظروف الهيدرولوجية العادية، وآلية التنسيق لمراقبة ومتابعة تنفيذ الاتفاق وتبادل البيانات والمعلومات، وآلية فض المنازعات، فضلاً عن تناول موضوعات أمان السد وإتمام الدراسات الخاصة بالآثار البيئية والاجتماعية لسد النهضة.
وقد قام الوزراء بتكليف اللجان الفنية والقانونية بمواصلة الاجتماعات في واشنطن من أجل وضع الصياغات النهائية للاتفاق، على أن يجتمع مجدداً وزراء الخارجية والموارد المائية بالدول الثلاث في واشنطن يومي 12 و13 فبراير (شباط) 2020 من أجل إقرار الصيغة النهائية للاتفاق تمهيداً لتوقيعه نهاية فبراير 2020.
وأعد الجانب الأميركي وثيقة اتفاق حول الموضوعات المشار إليها، وقامت مصر فقط بتوقيعها في نهاية الجلسة. وأعربت مصر عن تقديرها وتثمينها للدور الذي اضطلعت به الإدارة الأميركية والاهتمام الكبير الذي أولاه الرئيس دونالد ترمب من أجل التوصل إلى اتفاق شامل وعادل ومتوازن يحقق مصالح الدول الثلاث حول هذا الموضوع الحيوي الذي يؤثر على المنطقة برمتها، وبالأخص الشعب المصري الذي يمثل نهر النيل بالنسبة له شريان الحياة، وكذلك الجهد الدؤوب والمقدر الذي بذله وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشن وفريقه المعاون في إدارة جولات التفاوض وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، وكذلك رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس وفريقه المعاون الذي شارك وساهم في تحقيق هذا التقدم.
وتستهدف الاجتماعات التي عقدت في واشنطن، التوصل إلى «اتفاق شامل حول ملء وإدارة السد الإثيوبي». وأنهى وزراء الخارجية والري اجتماعاتهم في وقت متأخر أول من أمس (الخميس)، وتردد أنه كان هناك تعنت إثيوبي في المناقشات، وواصل الوزراء اجتماعاتهم أمس (الجمعة) قبل أن يغادر الوزراء العاصمة الأميركية، كلٌ إلى بلده لإطلاع القيادات السياسية، والحكومات المعنية على ما دار خلال هذه الدورة الأخيرة من المفاوضات والنتائج التي تم التوصل إليها.
وأشارت مصادر واشنطن إلى أن الراعي الأميركي المتمثل في وزارة الخزانة والبنك الدولي، ومن ورائهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سعوا جميعاً إلى استخدام مختلف الوسائل المناسبة، لإقناع أطراف المفاوضات على ألا تنتهي هذه الجولة دون نتيجة ملموسة؛ حتى لا يظل هذا الملف الخلافي مفتوحاً بجولة أو جولات لاحقة من المفاوضات في هذا الملف.
وتسعى الإدارة الأميركية إلى أن يكون حل هذه القضية الخلافية ضمن المكاسب التي حققتها على صعيد السياسة الخارجية للرئيس الأميركي بنهاية شهر حافل بالأحداث بالنسبة لأميركا والشرق الأوسط والعالم. وحرصت جميع الأطراف المشاركة في المفاوضات على تحقيق النتائج المنشودة بالنسبة لكل دولة على حدة، وكانت نقطة الخلاف الرئيسية هي تمسك كل طرف، خصوصاً مصر وإثيوبيا، بمطالبه فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، بالنظر للاعتبارات الحيوية واحتياجات هذه الدول والتأثيرات الإيجابية والسلبية على اقتصاديات هذه الدول.
وترى إثيوبيا أنها في حاجة ماسة إلى سرعة ملء هذا السد، وتشغيله بأقل وقت ممكن، وربما لا تصل إلى أربع سنوات؛ نظراً لاحتياجاتها من الكهرباء لصالح المشروعات الاقتصادية والتنمية فيها، بينما ترى مصر أن سرعة ملء السد وتشغيله، ستؤدي إلى تقليص ما تحصل عليه مصر من مياه، خصوصاً في فترات جفاف النهر في ظل اعتماد مصر بنسبة 90 في المائة على نهر النيل مصدراً حيوياً للمياه العذبة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».