استمرار خرق حظر السلاح يطرح تساؤلات حول محاسبة الجهات المتورطة

TT

استمرار خرق حظر السلاح يطرح تساؤلات حول محاسبة الجهات المتورطة

تعكس اللقطات المصورة، المنقولة من جبهات القتال بالضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس، عدم اكتراث المقاتلين لنفاذ ذخيرتهم، أو تحطيم آليتهم العسكرية، التي تبدو «جديدة في كل مرة وبحالة جيدة»، وسط تساؤلات عن إمكانية إخضاع الجهات المتورطة في خرق حظر التسليح للمساءلة.
ومنذ اندلاع الحرب على طرابلس، بدأت قوات «الجيش الوطني» و«بركان الغضب»، الناطقة باسم قوات «الوفاق»، تعلن باستمرار عن ضبط كميات من الصواريخ والآليات العسكرية، كلما تمكنت إحداهما من «تحقيق نصر» على الأخرى، ويلي ذلك استعراضه في وسائل الإعلام التابعة لكل منهما، حيث تظهر المقاطع المصورة الصواريخ أو المدرعات وصناديق الذخيرة، وعليها اسم بلد المنشأ الأصلي، والمصدّر لها، وتاريخ التصنيع، وأدلة أخرى توضح أحياناً طريقة وكيفية نقل هذه المعدات إلى البلاد، فضلاً عن بقايا الطائرات المسيرة والمحترقة التي تشير إلى ذلك أيضاً، لدرجة دفعت المواطنين للتندر بأنها «باتت أكثر من الحمام في سماء البلاد على كثرتها».
ووسط تبادل الاتهامات بين القوتين المتحاربتين بخرق حظر التسليح، المعلن منذ عام 2011، قال مصدر عسكري تابع لـ«الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «الأجهزة المعنية لديهم تُوثق كل المعلومات التي تدل على أن دولا بعينها، ومن بينها تركيا، وشركات أوكرانية تمد حكومة الميليشيات بالأسلحة المختلفة». في إشارة إلى حكومة «الوفاق» المدعومة أممياً. وأشار المصدر العسكري إلى التقرير الأممي الذي تناول معلومات عن سيدة أعمال أوكرانية (قتلت في حادث الطائرة فوق إيران مؤخراً)، وقال إن شركاتها «تورطت على مدار أشهر في نقل السلاح إلى طرابلس، وهناك معلومات تؤكد ذلك».
والسيدة المعنية التي أتى تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة الصادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على ذكرها، تدعى أولينا مالاخوفا، وقال إنها مديرة شركة «Sky AviaTrans» الأوكرانية، والشريك في مجموعة «Volaris».
وأضاف المصدر العسكري، الذي ينتمي إلى جهة رفيعة تابعة للجيش، أن «البعثة الأممية في ليبيا تعلم هذه الحقائق، لكنها لا تريد تسمية هذه الدول بالاسم»، لافتاً إلى أن «أنقرة لا تتوقف عن الدفع بالأسلحة إلى جبهات الميليشيات في طرابلس».
ومع كثرة التقارير التي تتحدث عن تورط شركات ودول في تصدير السلاح إلى ليبيا، ظهر اسم السيدة الأوكرانية في تقرير خبراء الأمم المتحدة حول خروقات قرار حظر التسليح، وذلك عقب إسقاط مقاتلات «الجيش الوطني» لطائرة من طراز «Ilyushin Il - 76TD» بمحيط الكلية العسكرية في مدينة مصراتة في أغسطس (آب) من العام الماضي، و«هي طائرة الشحن الوحيدة التي تمتلكها شركة (فولاريس) وتديرها شركة (سكاي إيفيا ترانس) الأوكرانية»، وفقاً للتقرير.
ورغم أن حكومة «الوفاق» قالت إن الطائرة كانت تحمل قطع غيار للسيارات. لكن تبين بحسب التقرير الأممي أنها كانت محملة بأجزاء لطائرات مسيرة «سيتم تجميعها لاحقاً»، بحسب المصدر العسكري.
وبخصوص تزايد عمليات إسقاط الطائرات «المسيرة»، وخاصة التي دفعت بها تركيا إلى البلاد، قال عثمان البوهي، وهو ناشط مدني: «هذه حرب طائرات (الدرون) لم يشهدها سابقا بلد مثل ليبيا... فالأطفال أصبحوا يلهون ببقايا قطع هذه الطائرات التي تتناثر على رؤوسهم، فيما المجتمعي الدولي يواصل التنديد».
ودائماً ما تستعرض القوتين المتحاربتين كميات من المدرعات التي (غنمتها) من الطرف الآخر، ويبدو عليها صور وعلامات وكتابات تشير بوضوح للجهة المسؤولة عنها، وعن جلبها إلى البلاد. ومن بين المقاطع المصورة التي سبق أن عرضتها حكومة «الوفاق» عند استيلائها على مدينة غريان صورايخ «جافلين» الأميركية الصنع، والتي وصلت إلى ليبيا عن طريق فرنسا. وبعد مرور قرابة شهرين على الواقعة اعترفت وزارة الجيوش الفرنسية بأن صواريخ «جافلين»، التي عثر عليها في غريان «تعود في الواقع للجيش الفرنسي الذي اشتراها من الولايات المتحدة»، ونفت أن تكون قد سلمتها إلى «الجيش الوطني»، أو خرقت حظر التسليح، لافتة إلى أن هذه الصواريخ «غير صالحة للاستعمال».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».