«كورونا» يجهض منتدى سوتشي الاقتصادي الروسي

TT

«كورونا» يجهض منتدى سوتشي الاقتصادي الروسي

مع استمرار انتشاره، وبانتظار ابتكار لقاح مناسب يقضي عليه، يواصل فيروس كورونا الجديد توسيع تأثيره على النشاط الاقتصادي في روسيا. إذ دفعت المخاوف منه السلطات الروسية إلى تبني تدابير وقائية «مشددة»، شملت إغلاق الحدود البرية مع الصين في أقصى الشرق، ووقف حركة النقل البري وبواسطة السكك الحديدية، باستثناء قطار «موسكو - بكين»، بينما لم يتضح الأمر بعد بالنسبة لمصير النقل التجاري من الصين إلى روسيا، وعبور ترانزيت المنتجات الصينية إلى أوروبا عبر السكك الحديدية الروسية. المخاوف ذاتها من الفيروس، كانت وراء قرار إلغاء منتدى سوتشي الاستثماري الدولي، وفق ما ذكرت صحف روسية نقلا عن مصادر رسمية.
دخلت التدابير الروسية الرامية إلى منع انتقال فيروس كورونا الجديد من الصين، مرحلة جديدة اعتباراً من يوم أمس الجمعة 31 يناير (كانون الثاني)؛ حيث بدأ العمل بموجب قرار حكومي نص على تعليق حركة النقل والتنقل عبر 16 معبرا بريا على الحدود بين البلدين، وإغلاق الحدود بين الصين وروسيا في إقليم «دالني فوستوك» (أقصى شرق روسيا)، ويشمل القرار حظر عبور المشاة وعلى متن السيارات والحافلات والقطارات. وتم تعليق جميع الرحلات على متن القطارات بين المدن الصينية والروسية، باستثناء القطار بين موسكو وبكين، مع مواصلة التدابير الوقائية المشددة على متنه، بما في ذلك تعقيمه.
وكان القرار يشمل تعليق النقل التجاري عبر السكك الحديدية، وقالت مؤسسة السكك الحديدية الروسية إن نقل البضائع والمنتجات سيتوقف اعتبارا من 31 يناير، إلا أن الحكومة عادت وتراجعت عن هذا القرار، وأحالت ذلك إلى «رسالة توضيحية من وزارة النقل»، لم تفصح عن مضمونها. وتتريث الحكومة في اتخاذ قرار بشأن استمرار أو تعليق ترانزيت المنتجات الصينية إلى أوروبا عبر شبكة السكك الحديدية الروسية.
وعلى الرغم من أن التدابير شملت عمليا تجميد عمل «قسم» من قطاعات اقتصادية، عبر يوري تروتينف، نائب رئيس الحكومة الروسية، عن قناعته بأن تلك التدابير لن تؤثر على الاقتصاد الروسي. في غضون ذلك قال مراقبون إن أضرار الاقتصاد الروسي نتيجة انتشار فيروس كورونا ستكون ضمن الحد الأدنى. ورأى آخرون أنها ستكون كبيرة لكن بالنسبة لقطاعات محددة، لافتين على سبيل المثال إلى تأكيد مؤسسة السكك الحديدية الروسية، قبل قرار إغلاق روسيا حدودها مع الصين، تلقي إشعارات من أقاليم صينية تُبلغ فيها الجانب الروسي بعدم تمكنها، بسبب الوضع نتيجة انتشار الفيروس، من جمع الكميات الضرورية من المنتجات لنقلها على متن «قطارات الحاويات» إلى روسيا، وتطلب بالتالي إلغاء رحلات شحن تجاري كانت مقررة سابقاً.
ولا يتفق القطاع السياحي مع تقديرات نائب رئيس الوزراء الروسي بشأن «عدم تأثير الوضع حول كورونا على قطاعات الاقتصاد الروسي». وتشير تقديرات رابطة الشركات السياحية الروسية إلى أن قرار إلغاء رحلات المجموعات السياحية الصينية إلى روسيا، الذي تم اتخاذه أخيراً، سيؤدي إلى تراجع من 70 إلى 80 في المائة من أعداد السياح من الصين إلى روسيا خلال الربع الأول من العام الحالي، وأن تصل خسائر الشركات السياحية الروسية والصينية التي تقدم الخدمات للسياح الروس حتى 27 مليون دولار خلال شهر فبراير (شباط) القادم.
ولا تتوفر بيانات حول حجم خسائر شركات النقل الجوي الروسية، بعد تعليق الرحلات السياحية بين البلدين، كما لم تقدم الرابطة تقديراتها للخسائر نتيجة توقف رحلات المجموعات السياحية الروسية إلى الصين، والتي توفر جزءا رئيسيا من دخل عدد كبير من الشركات السياحية.
في سياق متصل فرضت المخاوف من انتشار فيروس كورونا نفسها على فعاليات اقتصادية ضخمة في روسيا. ونقلت صحف روسية يوم أمس عن أكثر من مصدر معلومات تفيد بإلغاء المنتدى الاستثماري في سوتشي، الذي كان مقررا نهاية النصف الأول من فبراير (شباط) الجاري. وأحالت المصادر هذه القرار إلى المخاوف من انتشار فيروس كورونا الجديد. ويُعرف هذا المنتدى رسميا باسم «منتدى سوتشي الاستثماري الدولي»، ويُعد من أهم وأضخم الفعاليات الاستثمارية في روسيا. ويركز في فعالياته على توسيع وتنشيط التعاون التجاري - الاستثماري بين الأقاليم الروسية، مع عرض المشروعات الاستثمارية فيها على الضيوف الأجانب. يرأس أعماله عادة رئيس الحكومة، وكان من المفترض أن يكون في دورته «المؤجلة» الأول الذي يرأسه رئيس الوزراء الروسي الجديد ميخائيل ميشوستين.
ورجحت مصادر رسمية لصحيفة «كوميرسانت» أمس احتمال إلغاء دورة المنتدى القادمة في 12 - 14 فبراير، وتحديد موعد آخر لها. وبينما نفى مصدر حكومي للصحيفة اتخاذ قرار بإلغاء أو تأجيل المنتدى، أكد مصدر حكومي آخر أن «الحكومة تؤكد اتخاذ قرار بإلغاء المنتدى». وأثارت هذه المعلومات استياء بعض الشركات، وقال مسؤول من مؤسسة كانت تستعد للمشاركة فيه: «لا نفهم سبب إلغاء المنتدى، لا سيما أنه لم يسبق أن شاركت الصين في أعماله بوفد كبير». وقال موظف في شركة تم تسجيلها للمشاركة في المنتدى لصحيفة «فيدوموستي» إن وزارة الاقتصاد والديوان الرئاسي، و«روس كونغرس» أكدوا المعلومات حول إلغاء دورة أعمال المنتدى في فبراير.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.