«لحن لم يتم» يعيد أسمهان إلى الأوبرا المصرية

فيلم يوثق مشوارها الفني ويحتفي بصوتها

«لحن لم يتم» يعيد أسمهان إلى الأوبرا المصرية
TT

«لحن لم يتم» يعيد أسمهان إلى الأوبرا المصرية

«لحن لم يتم» يعيد أسمهان إلى الأوبرا المصرية

أعاد الفيلم التسجيلي «لحن لم يتم» الفنانة الراحلة أسمهان، إلى دار الأوبرا المصرية مساء أول من أمس، بعد عرضه ضمن برنامج صالون الأوبرا الثقافي، وتناول الفيلم الذي أخرجه عادل السيد، حياة أسمهان منذ بدايتها، وحتى النهاية المأساوية التي أودت بحياتها في حادث سير بمدينة رأس البر بمحافظة دمياط (شمال القاهرة) في 14 يوليو (تموز) عام 1944. وسرد الفيلم الذي تبلغ مدته نحو 30 دقيقة، تفاصيل البداية الفنية للمطربة الراحلة، التي اكتشفها الموسيقار داود حسني، واختار لها اسم الشهرة «أسمهان»، ليكون بديلاً لاسمها الحقيقي «آمال الأطرش»، وأعجب بصوتها الموسيقار محمد عبد الوهاب، ورشحها لتغني معه أوبريت «مجنون ليلى» في فيلم «يوم سعيد» 1939، لكن المخرج محمد كريم رأى أن ملامحها غربية، لا تناسب الدور فسجلت الأوبريت بصوتها، بينما جسدت الدور الممثلة راقية إبراهيم.
وفي الفيلم تحدث عنها شقيقها الفنان الراحل فريد الأطرش، بنبرة حزينة، مؤكداً أنه اهتم في أول ظهور لها كمطربة أن يستغل قدراتها الصوتية الكبيرة في ألحان عصرية فقدم لها عام 1937 أغنية «نويت أداري آلامي» بتوزيع أوركسترالي ولكن بإطار شرقي أصيل، ولم يكن ذلك مألوفا في ذلك الوقت، كما قاسمها أول أفلامها «انتصار الشباب».
كما تطرق الفنان الكبير يوسف وهبي بطل ومخرج فيلمها الثاني والأخير «غرام وانتقام» في تسجيل نادر له إلى حادث مصرعها الذي وقع أثناء تصوير الفيلم قائلاً: «لقد طلبت مني السفر مع بعض صديقاتها لرأس البر وحاولت إقناعها بالسفر معي أنا وزوجتي إلى الإسكندرية لكنها أصرت على السفر معهن»، مؤكداً أن الحادث ليس به أي شبهة جنائية.
وولدت المطربة الراحلة في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1912 لعائلة درزية لبنانية من أصول سوريا، جاءت مع أسرتها إلى مصر لتبزغ موهبتها إلى جوار شقيقها فريد الأطرش، الذي تبناها فنياً، كما قدمت أسمهان ألحانا لكبار موسيقى عصرها أمثال محمد القصبجي، ومحمد عبد الوهاب، ورياض السنباطي.
وذكر عادل السيد مخرج فيلم «لحن لم يتم» ورئيس جمعية محبي فريد الأطرش، خلال الحفل أن «يوسف وهبي اضطر للاستعانة بدوبليره لاستكمال مشاهد أسمهان، التي رحلت قبل تصوير 40 في المائة من مشاهد الفيلم، معتمداً في ذلك على اللقطات الواسعة والبعيدة ولم يكتشف الجمهور ذلك».
وشهد احتفال الأوبرا المصرية حضوراً عربياً وجماهيرياً كبيراً اكتظ به المسرح الصغير، وقدمت مطربات من مصر والمغرب أغنياتها الشهيرة، إلى جانب قصائد ألقاها بعض شعراء العامية عنها، وكان صالون الأوبرا الثقافي، قد استضاف المهندس اللبناني محمود الأحمدية وعادل السيد رئيس جمعية محبى فريد الأطرش بالقاهرة، كما استضاف المطربة المغربية إيمان بن يحيى التي جاءت خصيصا لتقدم بعض أغنيات المطربة الراحلة.
وقدمت المطربة المغربية إيمان بن يحيى، بعض أغنيات أسمهان الشهيرة، بمصاحبة عازف الكمان المغربي البشير بن يحيى، وقالت إيمان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنها «جاءت من المغرب للغناء في صالون الأوبرا للاحتفال بأسمهان التي تعشق صوتها وتحفظ أغنياتها».
وأكد الفنان أمين الصيرفي مدير صالون الأوبرا لـ«الشرق الأوسط» أنه من المقرر كشف الستار خلال الفترة المقبلة عن تمثال لأسمهان سيتم وضعه بالأوبرا ليجاور تمثال شقيقها الذي تم كشف الستار عنه في 2016 لتنضم إلى كبار نجوم عصرها، على غرار أم كلثوم وعبد الحليم حافظ.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».