فريق بريطاني يكشف أسرار مومياء مصرية بعد 2600 عام

أصلها أوروبي وماتت مقتولة وامتلكت سناً إضافية

مومياء تاكابوتي الفرعونية
مومياء تاكابوتي الفرعونية
TT

فريق بريطاني يكشف أسرار مومياء مصرية بعد 2600 عام

مومياء تاكابوتي الفرعونية
مومياء تاكابوتي الفرعونية

بعد 2600 عام على وفاة مومياء تُدعى «تاكابوتي»، تمكن فريق مشترك من علماء المصريات في جامعتي «مانشستر» و«كوين» في بلفاست بآيرلندا الشمالية، من كشف مجموعة من الأسرار عن تلك المومياء.
ويرجع تاريخ انضمام تلك المومياء لمتحف أولستر في آيرلندا الشمالية إلى عام 1834، حين اشتراها الثري الآيرلندي توماس غريغ، من تجار الآثار، ونقلها إلى بلفاست، حيث كانت تجارة المومياوات المصرية منتشرة ومسموح بها في ذلك التوقيت، وفكّ عالم المصريات إدوارد هينكس رموز الكتابة الهيروغليفية الموجودة عليها عام 1835.
ووجد هينكس أنّ اسمها «تاكابوتي»، وأنّها في وقت وفاتها كانت متزوجة، وكانت في العشرينات من عمرها وتقيم في طيبة (الأقصر) حالياً، وكان والدها كاهناً يخدم في معبد آمون، إله الشمس.
وبمناسبة الذكرى الخامسة والثمانين بعد المائة على فك الرموز التي كانت على تلك المومياء، أعلن الفريق البحثي من علماء المصريات في جامعة مانشستر ومتحف أولستر في آيرلندا الشمالية في 27 يناير (كانون الثاني) الجاري، بعضاً من الأسرار التي خبأها جثمان المومياء منذ 2600 عام.
خضعت «تاكابوتي»، للفحص بالأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب، وتحليل الشعر، والتأريخ بالكربون المشع، حيث أظهر الأخير أنّها عاشت نحو عام 660 قبل الميلاد، في نهاية الأسرة الخامسة والعشرين.
وشملت أحدث الاختبارات تحليل الحمض النووي والأشعة المقطعية، وكشف الباحثون عن نتائج غير متوقعة.
ووفق بيان أصدرته جامعة مانشستر، فإنّ المومياء كان شعرها «كيرلي»، وأظهر تحليل الحمض النووي أنها كانت أكثر تشابها وراثياً مع الأوروبيين من المصريين في العصر الحديث.
وقالت عالمة الوراثة د. كونستانتينا دروسو، خلال البيان: «البصمة الوراثية لتاكابوتي (H4a1)، وهي نادرة نسبياً حيث لم يُعثر عليها -على حد علمي- في أي مجتمع مصري قديم أو تتفق هذه النتيجة مع الدراسات السابقة حول كون المصريين القدماء أكثر تشابهاً وراثياً مع الأوروبيين من العرب في العصر الحديث».
وأوضح البيان أنّ من المفاجآت الأخرى، إظهار الأشعة المقطعية أن قلبها كان سليماً ومحفوظاً بشكل جيد، كما كشفت الفحوصات أيضاً عن وفاتها العنيفة، حيث ظهرت علامات من الطعن في ظهرها العلوي، بالقرب من كتفها اليسرى، وأنها امتلكت سناً إضافية (33 بدلاً من 32).
وتقول د.إيلين ميرفي، عالمة آثار بيولوجية من كلية البيئة الطبيعية بجامعة «كوين» في بلفاست: «كثيراً ما كنا نتخيل المومياء كأنها تبدو سليمة للغاية داخل نعشها، لكنّنا نعلم الآن أنّ لحظاتها الأخيرة لم تكن جيدة، وأنها توفيت على يد أخرى».
وليس غريباً في رأي كاتب علم المصريات بسام الشماع، اكتشاف وفيات بالقتل في مومياوات فرعونية، إذ قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «أشهر حالة قتل في مصر الفرعونية سُجّلت في مومياء (رمسيس الثالث) الذي توفي في إطار مؤامرة نُفّذت عليه، عُرفت تاريخياً باسم (مؤامرة الحريم)، ولا يزال موت توت عنخ آمون، محل جدل، هل مات مقتولاً أم لا».
ويشكك الشماع فيما ذهب إليه الفريق البحثي من أنّ المومياء ذات أصول أوروبية، وقال إن «مواصفات شعرها والفترة التي وُجدت فيها وهي نهاية الأسرة الخامسة والعشرين، تتطابق مع ما هو معروف من مواصفات (الأسرة النوبية) أو ما تُعرف بـ(الأسرة الكوشية) وهي مملكة نوبية قوية حكمت مصر لفترة».
ويتعجب الشماع من اعتبارهم وجود القلب في الجثمان أمراً غريباً، مع أنّ الأصل في التحنيط هو وجود القلب، فالمصري القديم كان يقدّر هذا العضو ويعدّه مصدر الحكمة والتذكر، لا العقل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».