مصر تقنن «الزراعات العضوية» للنفاذ إلى الأسواق الأوروبية

تقدر مساحتها بـ214 ألف فدان

الهدف توفير منتج عضوي يسهم في حماية صحة الإنسان (الشرق الأوسط)
الهدف توفير منتج عضوي يسهم في حماية صحة الإنسان (الشرق الأوسط)
TT

مصر تقنن «الزراعات العضوية» للنفاذ إلى الأسواق الأوروبية

الهدف توفير منتج عضوي يسهم في حماية صحة الإنسان (الشرق الأوسط)
الهدف توفير منتج عضوي يسهم في حماية صحة الإنسان (الشرق الأوسط)

لم يكتف الاتحاد الأوروبي في 2019 بإصدار قرار بوقف استيراد أي منتج خارج منظومة الزراعة العضوية، بل إنه زاد في اشتراطاته بالذهاب إلى رفض أي منتجات عضوية من أي دولة ليس لديها قانون ينظم هذا النوع من الزراعة.
والزراعة العضوية تعرف بأنها نظام يستخدم الأسمدة البيولوجية من بقايا المخلفات الحيوانية والنباتية في إنتاج النبات، ولا يستخدم الأسمدة الصناعية والمبيدات الكيميائية.
ورغم أن مصر قطعت شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه، فإن الاشتراطات التي وضعها الاتحاد الأوروبي جعلتها في مأزق، إذ يعني عدم التجاوب معها حرمانها من سوق كبيرة جداً لصادراتها العضوية، وهو ما كان يقتضي الإسراع بإصدار قانون للزراعة العضوية من أجل النفاذ إلى الأسواق الأوروبية، وافق البرلمان المصري أخيراً بالإجماع على بنوده، ليدخل حيز التنفيذ قريباً.
وتبلغ مساحات الزراعات العضوية في مصر حاليا 214 ألف فدان، وتحتل مصر بهذه المساحة المركز الثالث في الزراعات العضوية بأفريقيا بعد تونس وإثيوبيا.
ويفرض القانون على كل مصدر لمنتج عضوي أو حيوي الحصول على شهادة من الإدارة العامة للزراعة العضوية أو هيئة سلامة الغذاء التابعتين لوزارة الزراعة، تفيد بأن المصدر مسجل لدى إحدى جهات المطابقة المرخص لها بتصدير منتجات عضوية، وأن تكون هذه الشهادة من بين المستندات اللازمة للموافقة على التصدير.
وعلى الرغم مما يبدو، وكأنه محاولة لعودة المنتجات العضوية المصرية إلى أوروبا، والتي تمثل نحو من 30 إلى 40 في المائة من نسبة صادرات هذا النوع من الزراعات لأوروبا، وتتضمن نحو 47 سلعة، في مقدمتها النباتات الطبية والعطرية، فإن الدكتور محمد القرشي المتحدث باسم وزارة الزراعة قال لـ«الشرق الأوسط»: «صحة المستهلك المصري ومصلحة المزارع هي التي تهمنا في الأساس، ويأتي بعدها التصدير للخارج».
وأوضح القرشي أن القانون الذي صدر أخيراً يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذت بهدف نشر ثقافة الزراعة العضوية، مشيراً إلى أن «القانون وإن كان هدفه فتح الأسواق الأوروبية لمصر، فإنه يدعم جهود نشر ثقافة هذا النوع من الزراعات، ويأتي استكمالا لما سبقه من إجراءات اتخذت في هذا الإطار، وكان هدفها المواطن المصري قبل أي شيء».
ومن بين الإجراءات التي اتخذتها مصر في هذا الإطار وأشار إليها القرشي، هي افتتاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لصوب الزراعات العضوية، والإعلان عن زراعة 100 ألف فدان بالزراعات العضوية، وقبلها تم تدشين هيئة لسلامة الغذاء، وإنشاء المعمل المركزي للزراعة العضوية بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة، بهدف تنمية رقعة الأرض المزروعة وفقاً لمعايير الزراعة العضوية، كما صدر قرار وزاري في عام 2008 يعتمد المعايير المنظمة لإنتاج وتداول المنتجات الزراعية العضوية المصرية.
هذه الإجراءات التي اختتمت بإصدار القانون، تهدف في الأساس إلى توفير منتج عضوي يسهم في حماية صحة الإنسان، وتقليل الإصابة بالكثير من الأمراض وخصوصاً أمراض الكبد والكلى والسرطانات، الناتجة عن استخدام الأسمدة الكيميائية عند الزراعة، وزيادة فرص تصدير الحاصلات الزراعية للخارج، ولكن هناك فوائد غير مباشرة أشار إليها الدكتور شعبان حسين، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة أسيوط.
ويقول الدكتور حسين لـ«الشرق الأوسط»، إن القانون وما قبله من إجراءات سيساعد في الحفاظ على خفض معدلات استهلاك الطاقة غير المتجددة والحد من الانبعاثات الغازية الناتجة عن صناعة الأسمدة الكيميائية، وخفض معدلات التلوث بالمخلفات الصناعية، وحماية البيئة المحلية ومصادر المياه السطحية والجوفية من التلوث، كما سيساعد على زيادة خصوبة التربة ورفع محتواها العضوي وتدوير المخلفات العضوية حفاظا على البيئة.


مقالات ذات صلة

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

صحتك بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

أفادت دراسة علمية حديثة بأن تناول المأكولات الغنية بالألياف يزيد من حماية الجسم من العدوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية

7 نصائح للرجال للياقة بدنية تتجاوز العمر

القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية ليتمتعوا بصحة أفضل يوماً بعد يوم وفي أي عمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرمان يزود الجسم بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام (غيتي)

تحسين الكولسترول والوقاية من السرطان... فوائد هائلة لتناول الرمان يومياً

بتناول حبات الرمان يومياً تضمن أن تزود جسمك بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مريضة بسرطان الثدي (رويترز)

تقرير: النساء الشابات أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من الرجال

تمثل حالة الأختين رورك ظاهرة منتشرة في الولايات المتحدة، وهي تشخيص المزيد من النساء الشابات بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

ربما تكون مثل كثير من الناس الذين من أوائل الأشياء التي يقومون بها كل صباح هو النظر من النافذة لمعرفة حالة الطقس

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».