جيريمي موريس: أعرف أن السوق تزخر بالتصاميم المبتكرة لكن يبقى الاستمرار للأقوى

عين على إرث والده والأخرى على فتيات المستقبل

جيريمي موريس
جيريمي موريس
TT

جيريمي موريس: أعرف أن السوق تزخر بالتصاميم المبتكرة لكن يبقى الاستمرار للأقوى

جيريمي موريس
جيريمي موريس

يعترف جيريمي موريس بأنه يجد صعوبة في تذكر الوجوه والأسماء، لكنه لا ينسى أبداً قطعة مجوهرات مرصعة بحجرة كريمة مرت عليه. فهذه تحفر تفاصيلها في ذاكرته للأبد، ويتعرف عليها من النظرة الأولى، مهما طال الزمن.
للعلم، فإن جيريمي هو المصمم الفني الرئيس التنفيذي في «ديفيد موريس»، واحدة من دور المجوهرات القليلة التي لا تزال ملكاً عائلياً، وبالتالي تتمتع باستقلالية مالية وفنية على حد سواء. وقد تأسست في عام 1965، وتسلم مقاليدها من والده ديفيد في عام 2003. وهذا يعني أنه شب على بريق الأحجار، وبالتالي ليس غريباً أن تربطه بها علاقة حميمة خاصة جداً. ورغم أنه ليس من جيل والده، وكان يتمتع بفورة الشباب، فإنه لم يحاول تغيير أسلوب الدار، وحافظ على حجم الأحجار الكبير، وتقنيات التقطيع والترصيع التي تتعمد إبراز جمال اللون، متوهجاً كان أم داكناً عميقاً. أمر جعل الأب مطمئناً على مستقبلها، وإلى أن إرثه سيبقى راسخاً وهو يسلمها له. كان يعرف أنهما يتقاسمان النظرة الفنية نفسها. ويشرح جيريمي الأمر بقوله إنه رغم تمتعه بكل الصلاحيات، وحصوله على كامل الحرية لكي يضع بصمته الخاصة على تصاميم الدار، فإنه لم يرَ أي حاجة للتغيير «فما أرساه والدي لا يزال عصرياً راقياً لا يعترف بزمن. كل ما كان عليّ القيام به أن أضيف إليه تجديدات طفيفة بما يتلاءم مع العصر. فنظرة زبونة الستينات والتسعينات وتعاملها مع المجوهرات ليست نفسها نظرة وتعامل زبونة اليوم».
وترجم الابن هذه التجديدات العصرية بكل أشكال الفن العصري الذي يعشقه، وبتوظيف شغفه بالأحجار الملونة في تصاميم فريدة. فهذه الألوان كما يقول «تُفسح لي مجالاً أكبر لإبداع قطع تحاكي الفن». وهذه الحرية المطلقة يعتبرها ترفاً في وقت تغيرت فيه العلاقة بين المُصمم والسوق. فكونه يترأس داراً لا تزال عائلية يعني أنه لا يخضع لإملاءات السوق ومتطلباته، بقدر ما يخضع للمعايير التي أرساها والده ولحسه الفني، في وقت أصبحت فيه كثير من بيوت المجوهرات الكبيرة، مثل «بوميلاتو» و«بولغاري» وغيرهما، تنضوي تحت أجنحة مجموعات ضخمة مثل «كيرينغ» أو «إل في إم إتش» أو «ريشمون». استقلاليتها لم تؤثر عليها سلباً، بل العكس هو الصحيح. فهي لم تنجح في البقاء في الميدان تلعب مع الكبار بندية فحسب، بل استطاعت أن تتوسع في الأسواق العالمية بثقة. فإلى جانب الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وهونغ كونغ وغيرها، افتتحت في السنوات الأخيرة سلسلة من المحلات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، مثل الرياض ودبي وأبوظبي، والبقية تأتي، حسب قول جيريمي. فزبون اليوم حسب رأيه «عالمي، ودائم التنقل. وفي تنقلاته هذه، يعشق البحث عن كل ما هو مميز». لهذا مهم أن يوجد في عدة عواصم ومحطات رئيسية.
ويضيف أنه يُدرك أن السوق مزدحمة حالياً بالأسماء العريقة، إضافة إلى دخول مصممين شباب على الخط، برهنوا أنهم يشقون طريقهم بنجاح وحرفية، إلا أن البقاء دائماً للأقوى. فما ينتج عن هذا الكم الهائل من المجوهرات المطروحة في كل عام أن الكل يراعي خطوط الموضة، ويتابع ما يجري في الساحة «فهذه تغيرات يفرضها الزبون غالباً، وتضعنا تحت المحك كمصممين. وهذا ما يزيد من متعة العمل، لأنها (أي التغيرات) تُحفزنا على الابتكار من دون توقف أو أخذ نفس، كما تُميز المتنافسين بعضهم عن بعض».
ويتابع: «مثلاً، انتهينا للتو من تنفيذ سوار مرصع بالماس، مقطع بشكل سداسي، استغرق منا عامين من التصميم إلى الإنتاج. كان علينا العمل مع خبراء مهرة في الماس لإعادة تقطيع كل ماسة على حدة يدوياً، قبل وضعها في مكانها من الداخل، من دون أن تظهر الزوايا. كانت طريقة جديدة كشفنا عنها الستار في أسبوع الـ(هوت كوتير) في يناير (كانون الثاني) 2020».
ويستدل أيضاً بأقراط أذن تم بيعها بمجرد الانتهاء منها، وكانت من «الأوبال الأسود الأسترالي، بزنة 85 قيراطاً». فقد لا يكون حجر الأوبال من الأحجار النادرة أو الثمينة، مثل الماس أو الياقوت، إلا أن الحصول على حجرة بهذا الحجم، وعدم تأثر بريقها وألوانها المتداخلة عند التقطيع، كان بمثابة سبق لجيريمي، لهذا لا يتوقف عن الحديث عنها. غير أن الملاحظ أنه إلى جانب بحثه عن أحجار نادرة يصوغها في أشكال رفيعة تخاطب النخبة والذواقة، لا ينسى فتيات الجيل الجديد. فهذه الشريحة فرضت نفسها على الساحة، وتُذكر صناع الترف دائماً أنهن المستقبل الذي يجب عليهم الاستثمار فيه. لهذا كلما تم تعريفهن بالدار وجذبهن إليها في الصغر أخلصن لها في الكبر.
وبدأت محاولات «ديفيد موريس» بمجموعتين: الأولى «بيري»، والثانية «ميس دايزي»، اللتين صُممتا وإمكانيات جيل يافع في البال. فهي قطع راقية تحمل كل مواصفات الدار وجيناتها، لكن بأسعار في متناول يدهن، والأهم من هذا تراعي الخطوط الماضية وتوجهاتها الحالية، من ناحية أنها تتيح لهن ارتداءها بطرق متنوعة، أو بمزجها بعضها مع بعض.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.