«سد النهضة»: تطلعات إثيوبية.... وتداعيات سلبية على مصر

«سد النهضة»: تطلعات إثيوبية.... وتداعيات سلبية على مصر
TT

«سد النهضة»: تطلعات إثيوبية.... وتداعيات سلبية على مصر

«سد النهضة»: تطلعات إثيوبية.... وتداعيات سلبية على مصر

بعد مفاوضات ماراثونية، دامت أكثر من 8 سنوات، تخللها العديد من العثرات، وصل النزاع المصري الإثيوبي حيال «سد النهضة»، إلى مرحلة حاسمة ودقيقة، اقتربا فيها من التوصل إلى اتفاق، بفضل الرعاية الأميركية، التي سعت مؤخراً لإنقاذ المفاوضات من الانهيار».
ويتعلق الخلاف بشكل جوهري بتعارض التطلعات الإثيوبية التنموية ومساعيها لتوليد الكهرباء، مع مصالح مصر المائية، في ظل تأثيرات سلبية متوقعة على حصة مصر في المياه، وانعكاس ذلك على الزراعة وتشغيل «السد العالي» جنوب مصر، وغيرها من التداعيات. وفي هذا السياق يمكن الإشارة لمجموعة من الحقائق المتعلقة بالسد الإثيوبي، على النحو التالي:
* يقع سد النهضة في منطقة بينيشانغول على الحدود السودانية والتي تبعد 900 كيلومتر شمال غربي العاصمة أديس أبابا. وبدأت إثيوبيا في بنائه عام 2011 على النيل الأزرق، ليكون أكبر سد مولد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا. وقد أكدت مصر أنه لم يجرِ إخطارها مسبقاً بالمشروع.
> وفقاً للمستهدف، فإن السد سيكون الأكبر في أفريقيا، إذا يبلغ ارتفاعه (170 متراً)، على أن تصل سعته التخزينية 74 مليار متر مكعب، وهي مساوية تقريباً لحصتي مصر والسودان السنوية من مياه النيل.
* تتمتع إثيوبيا بوفرة في المياه، غير أنها تسعى إلى سد عجزها من الكهرباء، وأن تتحول إلى دولة صناعية مصدرة للكهرباء. خصوصاً أنه المتوقع أن يمد السد إثيوبيا بنحو 6000 ميغاوات.
> حتى الآن انتهى أكثر من 70% من عملية البناء، ومن المقرر أن تبدأ إثيوبيا ملء الخزان مع نهاية العام الجاري، حسب وزير المياه سيليشي بيكيلي. وهي نقطة الخلاف الرئيسية، حيث خططت إثيوبيا أن تكون فترة ملء الخزان 3 سنوات فقط، بينما طرحت مصر سابقاً مدها إلى 10 سنوات، ثم خفضتها إلى 7 سنوات.
> من المرجح أن تتسبب عملية ملء الخزان، في فقدان مصر نحو ربع حصتها المائية، المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً، والتي لا تفي باحتياجاتها. وحسب «تقرير الحالة المصرية 2019»، الصادر عن «منتدى أخبار اليوم للسياسات العامة»، والقريب من دوائر صنع القرار، فإن العجز الذي تعانيه مصر حالياً يبلغ نحو 22 مليار متر مكعب سنوياً، فضلاً عن أن المنتجات الغذائية المستوردة تتضمن مياهاً افتراضية بنحو 23 مليار متر مكعب سنوياً، وبالتالي فإن إجمالي العجز يصل إلى 55 مليار متر مكعب سنوياً.
> ويشير تقرير الحالة المصرية إلى أن مخزون السد العالي بمصر سيعاني، وفقاً للدراسات، نقصاً شديداً في أثناء ملء وتشغيل السد الإثيوبي، ما سيؤثر على توليد الكهرباء، كما أن بعض السيناريوهات أظهرت إمكانية هبوط مستوى التخزين في بحيرة السد العالي لمستويات يتوقف معها عمل توربينات الكهرباء، وقد يصل إلى حد أن تهبط المناسيب لأدنى من منسوب التخزين الميت لعدة سنوات في أثناء الملء وتكرار ذلك في أثناء التشغيل. وبالنسبة إلى تأثيره على الزراعة، فسوف يؤدي انخفاض كمية المياه الواردة إلى انخفاض حصة مصر الزراعية. وتشير الدراسات إلى انخفاض متوقع للإنتاج الكلي من القمح بنحو 2.9 مليون طن سنوياً، وانخفاض إنتاج الذرة بنحو 2.3 مليون طن سنوياً، بينما ينخفض الأرز بنحو 1.7 مليون طن سنوياً، وغيرها من المحاصيل. بحيث يقدّر إجمالي الخسائر المباشرة على القطاع الزراعي بنحو (151 مليار جنيه) سنوياً خلال فترة ملء سد النهضة.
> يعد الموقف السوداني أكثر تفهماً لرغبة إثيوبيا التنموية، ويرجع ذلك لكون الآثار السلبية المتوقعة على حصة السودان من المياه يمكن استعاضتها بالموارد المائية الأخرى كالأمطار، فضلاً أن الخرطوم تأمل أن تستفيد من الكهرباء المولدة من سد النهضة عند تصديرها، وكذلك حماية سد النهضة لمناطق سودانية عدة من خطر الفيضانات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.