«مناكفات سياسية» في ليبيا تستبق اجتماعات جنيف

دعوات لتفكيك الميليشيات في مواجهة اشتراط سحب قوات الجيش

TT

«مناكفات سياسية» في ليبيا تستبق اجتماعات جنيف

تتصاعد «المناكفات السياسية» بين الموالين لـ«الجيش الوطني» الليبي، وقوات حكومة «الوفاق» المسنودة بالميليشيات المسلحة، كلما اقترب موعد اجتماعات اللجنتين «العسكرية والأمنية» و«السياسية» في لقاءات منفصلة بجنيف هذا الأسبوع، وفقاً لمخرجات مؤتمر برلين، وسط تمسك كل فريق بشروط مسبقة يريد تحقيقها باتجاه الطرف الآخر.
يأتي ذلك في وقت استعجلت فيه البعثة الأممية مجلس النواب، المنعقد في مدينة طبرق (شرق)، لتسليم ممثليه الـ13، بهدف البدء في المسار السياسي بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة». وقال المتحدث باسم البعثة جان علم في تصريح لقناة «218» الليبية، مساء أول من أمس، إن «مجلس الدولة بعث رسالة للبعثة الأممية، تتضمن أسماء ممثليه في هذا المسار، وما زلنا ننتظر قائمة مجلس النواب».
وأضاف علم موضحاً: «نأمل أن يختار البرلمان ممثليه بشفافية قبل ظهر يوم الأربعاء (اليوم)، وأي تأخير سيطيل أمد الأزمة، وبالتالي معاناة الناس»، لافتاً إلى أن رئيس البعثة غسان سلامة سيقدّم إحاطة لمجلس الأمن حول الوضع في ليبيا اليوم، يستعرض فيها «آخر المستجدات بشأن المسار السياسي، ومن تجاوب مع جهود البعثة ومن لم يتجاوب».
ورأى الدكتور محمد عامر أمس أنه «لا معنى للقاءات جنيف والميليشيات في طرابلس تمتشق سلاحها»، مشدداً على «ضرورة الاصطفاف خلف (الجيش الوطني) في معركة (تطهير) المدن والقرى الليبية».
بموازاة ذلك، يتمسك مؤيدون لحكومة «الوفاق» بأنه لا يجب التعاطي مع الاجتماعات المرتقبة في جنيف، إلا بعد انسحاب قوات «الجيش الوطني» إلى ما كانت عليه قبل تاريخ 4 أبريل (نيسان) العام الماضي، وهو الموعد الذي أمر فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش، بشن عملية عسكرية على طرابلس لـ«تحريرها» من «الجماعات المسلحة والإرهابية».
وتضم اللجنة، التي اقترحتها البعثة الأممية لبحث المسار السياسي، 40 شخصية ليبية، و13 نائباً عن البرلمان، ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة، بالإضافة إلى 14 شخصية مستقلة، تمثل كل المدن الليبية، تختارهم البعثة سعياً لحوار سياسي فاعل بين مختلف الأفرقاء.
وكانت البعثة قد أعلنت أنها تسلمت القائمة «5+5»، التي تضم 5 ضباط نظاميين من كل طرف، حيث من المقرر وفقاً لمصادر أنها ستعقد أول اجتماعاتها في جنيف الأسبوع الحالي.
في سياق ذلك، قال عضو مجلس النواب صالح أفحيمة، إن لقاءات جنيف ليست إلا «خبط عشواء»، وذهب إلى أن البعثة الأممية «تتعمد إدخال العملية السياسية برمتها في ليبيا إلى متاهة جديدة»، من خلال لقاء جنيف دون أجندة معلنة.
وأضاف أفحيمة، النائب عن مدينة بني جواد الدائرة الفرعية، في تصريحات له أمس، أن «خلط المسارات (الأمني والسياسي والاقتصادي) بحجة هشاشة وقف إطلاق النار لن يقودنا إلاّ إلى النتيجة السابقة نفسها، وهي جسم سياسي مهلهل، يقوم على مبدأ التمثيل مقابل القوة، الذي سوف يؤدي بدوره إلى تأجيل الحرب وليس لإنهائها»، مستكملاً: «عندما تتغير موازين القوى على الأرض ستستعر هذه الحرب المؤجلة مرة أخرى».
وانتهى أفحيمة إلى أن «الصراع في ليبيا ليس صراعاً مناطقياً ليكون هناك تمثيل للنواب في جنيف على أساس الدوائر الانتخابية، فحين أن التمثيل على أساس المعتقد السياسي قد يكون أنجع وأقرب إلى إنجاح الملتقى إذا خلصت النوايا».
من جهته، قال عضو مجلس النواب إبراهيم أبو بكر، إنه ليس مقتنعاً بأي حوار مع من سماهم الطغمة المسيطرة علی ما یسمی مجلس الدولة»، مضيفاً أن التجربة «علمتنا أن لا عهد لهم ولا میثاق، ولست مطمئنا إلی المكونات الشعبیة التی سیختارها سلامة لأننا لا نعرف من هم، وما خلفیاتهم وانتماءاتهم».
وعبر أبو بكر، الذي ينتمي إلى مدينة طبرق، عن خشيته من أن اللجنة التي ستتسلم البعثة الأممية قائمة بأسماء النواب الـ«13» تعتبرها بديلاً عن البرلمان.
وقال مسؤول بحكومة «الوفاق»: «إننا فقدنا الثقة في أي عملية سياسية في ظل استمرار (القوات المعتدية) في قتل المدنيين بالقصف الصاروخي، وسعيها الدائم لتدمير مطار معيتيقة لفرض حصار على مواطني العاصمة».
وأضاف المسؤول، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأنه غير مخول له الحديث لوسائل الإعلام، أن المجتمع الدولي «يعرف من هو الجاني الحقيقي، لكنهم يغضون الطرف، وذلك كان واضحاً للجميع بعدما أمر حفتر بإغلاق عملية ضخ النفط، ما سيتسبب في تجويع الشعب الليبي قريباً».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.