بدء محاكمة ناشط بارز في الحراك الجزائري

وزير السكن السابق ينضم إلى قائمة الملاحقين بتهم فساد

TT

بدء محاكمة ناشط بارز في الحراك الجزائري

بينما بدأت في الجزائر أمس محاكمة ناشط بارز في الحراك بتهمة «إضعاف معنويات الجيش»، أعلنت المحكمة العليا، التي تعد أعلى هيئة في القضاء المدني بالبلاد، عن متابعة وزير السكن سابقاً بتهم فساد.
وتجمَع عدد من النشطاء أمس، أمام مقر «محكمة بئر مراد رايس» بالعاصمة، للمطالبة بإطلاق سراح الناشط سمير بلعربي، مع بدء محاكمته أمس. وطالب الادعاء العام الحكم بسجن بلعربي لمدة 3 سنوات، علما أن هذا الناشط، الذي كان مناضلاً في الحزب الإسلامي «حركة الإصلاح الوطني»، اعتقل في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي من طرف رجال أمن بزي مدني، بينما كان في الشارع. ورافع أكثر من 20 محامياً دفاعاً عن بلعربي.
وكان القضاء رفض عدة مرات، طلب محامين الإفراج المؤقت عنه وكان ذلك مؤشراً، بحسب محامين، على تشدَد السلطات ضد نشطاء الحراك المعتقلين، وبخاصة المتهمين بـ«إضعاف معنويات الجيش». وأفرجت السلطات، الشهر الماضي، عن المناضل التاريخي لخضر بورقعة (86 سنة) المتابع بالتهمة نفسها، بعد أن تدهورت صحته. وسيحاكم الكاتب الصحافي فضيل بومالة في 9 من الشهر المقبل. أما المعتقل السياسي البارز كريم طالبو، فأحيلت أوراق ملفه على محكمة الجنح في انتظار تحديد تاريخ محاكمته.
من جهة أخرى، قال أعضاء في «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى في البرلمان) لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجنة القانونية بالمجلس أعطت وزير الأشغال العمومية السابق، عبد القادر والي، وهو برلماني عن «حزب جبهة التحرير الوطني»، مهلة 10 أيام قصد إعلانه بنفسه التنازل عن الحصانة، تمهيداً لمتابعته في قضايا فساد، تخص فترة توليه الوزارة (2016 - 2017). وذكرت مصادر قضائية أن الأمر يتعلق بتسهيلات خارج القانون، تخص مشروعات وصفقات، استفاد منها رجال أعمال في السجن حالياً.
وفي حال رفض البرلماني التنازل عن الحصانة طواعية، تعرض مسألة رفعها إلى جلسة عامة للتصويت. ويطمح والي، من خلال هذا الموقف، إلى إقناع أكبر عدد من زملائه في «المجلس»، إلى عدم الانخراط في طلب وزارة العدل بإلغاء ما يمنع مقاضاته. وهو هامش مناورة ضيق بالنسبة له، لكنه ليس مستحيلاً طالما أن برلماني «التجمع الوطني الديمقراطي»، رجل الأعمال إسماعيل بن حمادي، اختار هذا الطريق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونجا مؤقتاً من السجن عندما صوّتت أغلبية النواب ضد مسعى وزارة العدل. وبانتهاء ولايته، المنتظرة في 2022، سيتحرك القضاء ضده بشكل آلي. وفي جلسة التصويت نفسها، فشل في الامتحان رجل الأعمال المثير للجدل بهاء الدين طليبة ووضع في الحبس الاحتياطي.
إلى ذلك، أعلنت النيابة العامة لدى المحكمة العليا، أمس في بيان، أنها ستباشر إجراءات المتابعة القضائية ضد وزير السكن السابق عبد الوحيد طمار، بصفته والياً لولاية مستغانم (غرب). وأكدت أن الأفعال المنسوبة له «تحتمل وصفا جزائيا لها صلة بمنح العقار العمومي»، وذلك طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية. وتتولى المحكمة العليا متابعة الوزراء وأصحاب المناصب السامية، وفق مبدأ «الامتياز القضائي»، عندما تكون الوقائع مرتبطة بفترة مزاولة المسؤولية، وهي حالة عدد كبير من كبار المسؤولين في الدولة، تمت إدانة بعضهم بأحكام ثقيلة بالسجن، أبرزهم كل من رئيسي الوزراء سابقا أحمد أويحيى (حكم عليه بـ15 سنة) وعبد المالك سلال (حكم عليه بـ12 سنة). وأكد مصدر قضائي أن وزير العدل بلقاسم زغماتي، راسل رئاسة «المجلس الوطني»، بخصوص عدد من النواب محل شبهة فساد، بغرض تجريدهم من الحصانة، غالبيتهم كانوا مقرّبين من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وهي ترتيبات جديدة بعد إجراءات كانت اتخذت ضد نواب في وقت سابق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».