«شوف» منصة الشباب السعودي لإطلاق إبداعاتهم الإعلامية

تناول الملتقى أبرز القضايا المتعلقة بالإعلام المرئي الرقمي

أصبح «شوف» محط  أنظار الشباب المهتمين بالإعلام الجديد للاستفادة من تجارب الآخرين وتطوير مهاراتهم («الشرق الأوسط»)
أصبح «شوف» محط أنظار الشباب المهتمين بالإعلام الجديد للاستفادة من تجارب الآخرين وتطوير مهاراتهم («الشرق الأوسط»)
TT

«شوف» منصة الشباب السعودي لإطلاق إبداعاتهم الإعلامية

أصبح «شوف» محط  أنظار الشباب المهتمين بالإعلام الجديد للاستفادة من تجارب الآخرين وتطوير مهاراتهم («الشرق الأوسط»)
أصبح «شوف» محط أنظار الشباب المهتمين بالإعلام الجديد للاستفادة من تجارب الآخرين وتطوير مهاراتهم («الشرق الأوسط»)

بدأت جواهر الحيدر، ماجستير إعلام صاحبة قناة «حياتي سكر» على الـ«يوتيوب» مشوارها الاحترافي أمس بعد تبني القائمين على ملتقى «شوف» قناتها التي تهدف من خلالها لتوعية المشاهدين ضد مرض السكر ونشر كل ما يتعلق به في خطوة ملهمة للاستفادة من منصة الـ«يوتيوب» وتسخيرها لتوعية الناس من خلال عمل ونشر مقاطع تثقيفية.
جاء ذلك بعد مشاركتها في الجلسة الثانية لملتقى «الإعلام المرئي الرقمي» (شوف) الذي انطلقت أول من أمس الأحد أعمال دورته الثانية بفندق «فورسيزونز» بالرياض بمبادرة من مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز الخيرية «مسك» والتي تحدثت فيها عن قصة إطلاق قناتها حيث كان السبب الرئيس هو معاناتها مع المرض ذاته. وتناول الملتقى أبرز القضايا المتعلقة بالإعلام المرئي الرقمي وتأثير منافذه ومنابره المتنوعة على الشباب وتفاعل الشباب مع هذا النمط الإعلامي الحديث، بهدف الوصول إلى صيغة تؤطر التعامل الإيجابي مع تلك الأدوات وكيفية الإفادة منها لتحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في ظل تنامي التوجه نحو هذا الإعلام وتأثيره الفاعل على مختلف شرائح المجتمع.
وسلط «شوف» الضوء على القضايا المتعلقة بالإعلام المرئي الرقمي، ومدى إسهامه في رفع الوعي لدى الشباب وتسخير أدوات هذا الإعلام لخدمة وتنمية الوطن، بهدف إبراز المقدرة الوطنية في الإعلام المرئي الرقمي، ورفع الوعي لدى الشباب وتسخير أدوات الإعلام المرئي الرقمي لتطوير الشباب السعودي وتوسيع نتاجه بشكل أفضل، وإتاحة فرص اللقاء وتوطيد علاقة التعاون والشراكة بين المواهب الشابة الجديدة وبين المستثمرين والجهات ذات العلاقة.
وخاطب الملتقى المتخصصين في الإعلام المرئي الرقمي، والأفراد الراغبين في تطوير معارفهم ومعلوماتهم عن الإعلام المرئي الرقمي، وشركات القطاع الخاص في نفس المجال. وتناولت الجلسات الثلاث الرئيسة ثلاث منصات مختلفة، الأولى «القنوات التلفزيونية: تأثير منصات البث الجديدة» والثانية موضوع «منصة الـ(يوتيوب): الابتكار طريق الوصول» والثالثة موضوع «منصة الإنستغرام: القيمة الإبداعية للمحتوى».
وأكد حمزة الغبيشي مدير تنظيم الإعلام المرئي والمسموع بهيئة الإعلام المرئي والمسموع في فرع مكة خلال مشاركته في الجلسة الأولى عن اقتراب فتح صالات السينما في السعودية، ويتم حالياً دراسة عرض إنشاء سينما بحسب الضوابط المسموحة. وتحدث فيصل السيف عن برنامج (تيك بيلز) متسائلا عن لماذا «يوتيوب»؟ وتناول أهمية البرنامج ومنفعته للناس، مستندا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (خير الناس أنفعهم للناس) وتطرق إلى الدوافع والاحتياج والأدوات والقنوات والنتيجة والدروس المستفادة والفرص المتاحة في هذا المجال وأبرز الصعوبات ونظرة البرنامج للمستقبل وكذلك القيمة المضافة.
كما تناول علي الحميدي مقدم برنامج «أشكل» على قناة «صاحي» التحول المفاجئ من الإعلام التقليدي إلى عاصفة من برامج الإعلام الجديد وتأثيره السريع وانتشاره وإسهامه في ظهور قنوات متخصصة ذات رأسمال وعمل احترافي.
وتحدثت إسراء عسيري المتخصصة في الإعلام المرئي الرقمي عن تطبيق الإنستغرام وتناوله البدايات قبل أربع سنوات، موضحة هدف إنستغرام وأدواته وآلياته وإفرازاته، كما أوردت إحصائيات للصور والمشاركات ومعدل الاستخدام خلال السنوات الأربع الماضية وكذلك ذكرت ميزات إنستغرام مما جعله بيئة ناجحة للوصول إلى المستخدمين وتحول من مجرد تطبيق مشاركة صور إلى منصة تجارية إلكترونية وتسويقية متوفرة للجميع بكل سهولة، كما أوردت كيفية البروز في إنستغرام والجديد في استخداماته، مشيرة إلى إصدار تحت التجربة.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)