محاولة روسية ثانية لحمل المدنيين على مغادرة إدلب

موسكو تعيد فتح «معابر آمنة» لإخراج سكان شمال غرب سوريا

استهداف مشفى «الإيمان» في سرجة قرب معرة النعمان بريف إدلب فجر أمس (أ.ف.ب)
استهداف مشفى «الإيمان» في سرجة قرب معرة النعمان بريف إدلب فجر أمس (أ.ف.ب)
TT

محاولة روسية ثانية لحمل المدنيين على مغادرة إدلب

استهداف مشفى «الإيمان» في سرجة قرب معرة النعمان بريف إدلب فجر أمس (أ.ف.ب)
استهداف مشفى «الإيمان» في سرجة قرب معرة النعمان بريف إدلب فجر أمس (أ.ف.ب)

بالتزامن مع استمرار التصعيد العسكري حول إدلب، وإعلان القوات الحكومية عزمها على مواصلة الهجوم بعد اقترابها من معرة النعمان، دخلت موسكو على الخط مجدداً، في مساعٍ لتشجيع سكان إدلب على النزوح من المدينة باتجاه مواقع سيطرة الحكومة، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، مساء أول من أمس (السبت)، إعادة افتتاح ثلاثة «معابر آمنة»، لتسهيل خروج المدنيين من المنطقة.
وقال مدير «مركز حميميم للمصالحة»، التابع لوزارة الدفاع الروسية، يوري بورينكوف، إنه «بسبب تأجيج تنظيم (هيئة تحرير الشام)، والتشكيلات المتحالفة معه الأعمال القتالية، ظهر في منطقة إدلب لخفض التصعيد خطر على أمن الأهالي المدنيين». وأضاف في بيان أن «مركز حميميم»... «نظم، بهدف منع سقوط قتلى بين السكان المدنيين، وبالتعاون مع القوات الحكومية السورية وأجهزة السلطة المحلية، عمل 3 معابر إنسانية، في الحاضر في حلب وأبو الضهور في إدلب والهبيط في حماة»، داعياً المدنيين إلى استخدام هذه المعابر لمغادرة المنطقة.
وأفاد بورينكوف بتسجيل 108 حالات قصف «نفذتها التشكيلات المسلحة في منطقة إدلب خلال الساعات الـ24 الماضية»، في إشارة إلى أن قرار إعادة افتتاح المعابر يهدف إلى تسهيل وصول آمن للمدنيين إلى مناطق سيطرة النظام، وقال إن «المعابر مجهزة بكل ما يلزم من متطلبات الرعاية الصحية العاجلة، والأغذية ووسائل النقل إلى مناطق آمنة».
وتعد هذه ثاني محاولة، من جانب موسكو لحمل المدنيين على مغادرة المنطقة، بعدما كانت أعلنت في 12 يناير الحالي عن فتح المعابر الثلاثة، وشجعت حملة دعائية وإعلامية نفسية قوية قامت بها القوات الحكومية لدفع المدنيين للمغادرة، من خلال إلقاء منشورات من الجو، وبث أخبار عن تصعيد في عمليات القصف من جانب المسلحين، لكن هذه الجهود لم تسفر عن تدافع المواطنين على المعابر، وتم تسجيل حالات مغادرة محدودة جداً، ما دفع وزارة الدفاع الروسية إلى إصدار بيان حمّلت فيه «الإرهابيين في إدلب» مسؤولية إفشال عمل المعابر الآمنة، وقالت إنهم «يعملون على ترويع المواطنين وإجبارهم على عدم مغادرة المنطقة بهدف استخدامهم دروعاً بشرية».
واللافت أن البيانات العسكرية الروسية أكدت الالتزام بقرار وقف النار الموقع مع الجانب التركي، لكنها واصلت، خلال الأسبوعين الأخيرين، التركيز على «انتهاكات» تقوم بها الفصائل المسلحة، وأوردت تفاصيل عن هجمات شنتها قوات المعارضة على مواقع حكومية من دون أن تشير إلى الهجوم الواسع الذي تشنه القوات النظامية على تخوم إدلب. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها تلقت «بلاغات متعددة من قبل المواطنين السوريين من مناطق سيطرة التشكيلات المسلحة في منطقة إدلب لخفض التصعيد، بطلب إعادتهم إلى بيوتهم الواقعة في الأراضي التي تم تحريرها من المسلحين». في مسعى لتبرير القرار بإعادة فتح المعابر الإنسانية.
في الأثناء، نقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» الحكومية، أمس، عن مصادر عسكرية، أن الجيش السوري نجح في «فرض سيطرته على وادي الضيف في ريف إدلب الجنوبي، شمال سوريا، وسط تقدمه باتجاه معرة النعمان الاستراتيجية لتحريرها من سيطرة الإرهابيين».
وزاد المصدر العسكري أن «الجيش السوري يخوض معارك عنيفة ضد مسلحي (جبهة النصرة)... وأن قوات الجيش السوري دخلت نحو 150 متراً من الجهة الشرقية لمعرة النعمان».
كما أشارت الوكالة إلى أن الجيش تمكّن، أول من أمس (السبت)، من تحرير عدد من القرى والبلدات والتلال الاستراتيجية، منها، معر شمارين وتقانة وتلمنس ومعرشمشة، في ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي، وبات على مشارف معرة النعمان الاستراتيجية، أحد أهم معاقل جبهة النصرة في الشمال.
وتزامنت هذه البلاغات عن مجريات العمليات العسكرية، وإعلان وزارة الدفاع عن إعادة فتح المعابر الآمنة، مع إعلان وزارة الدفاع الروسية في إيجاز صحافي يومي، أن روسيا رصدت في إطار عمل لجنة وقف إطلاق النار في سوريا 96 حالة انتهاك لوقف إطلاق النار في يوم واحد، فيما رصد الجانب التركي في اللجنة 92 حالة.
وأضاف البيان الذي يرصد بشكل يومي الانتهاكات، أنه وفقاً للاتفاق بين الطرفين الروسي والتركي، اعتباراً من الساعة 14:00 في 9 يناير 2020، أصبح «نظام الصمت» سارياً في منطقة تصعيد إدلب، وأن الجانب الروسي من المكتب التمثيلي للجنة الروسية التركية المشتركة للنظر في القضايا المتعلقة بانتهاكات وقف الأعمال العدائية رصد في الساعات الـ24 الأخيرة 96 واقعة إطلاق النار في المحافظات، بينها في إدلب 34 حادثة، وفي اللاذقية 26، وفي حلب 26، وفي حماة 10. في مقابل رصد الجانب التركي 92 انتهاكاً سجل منها في حلب 56، وفي إدلب 36.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.