فرنسا تحاكم «الجهاديين» الموتى وترفض استعادة الأحياء

عناصر من «داعش» في سجن تحت حراسة القوات الكردية شمال شرقي سوريا (نيويورك تايمز)
عناصر من «داعش» في سجن تحت حراسة القوات الكردية شمال شرقي سوريا (نيويورك تايمز)
TT

فرنسا تحاكم «الجهاديين» الموتى وترفض استعادة الأحياء

عناصر من «داعش» في سجن تحت حراسة القوات الكردية شمال شرقي سوريا (نيويورك تايمز)
عناصر من «داعش» في سجن تحت حراسة القوات الكردية شمال شرقي سوريا (نيويورك تايمز)

جاءت المحاكمات الشهر الحالي استثنائية في دولة قاومت بشدة استعادة المشتبه بهم في قضايا الإرهاب من العائدين من ساحات القتال في العراق وسوريا.
فقد نظر قاض في باريس في قضايا مقامة ضد 24 رجلاً وامرأة متهمين بصلات مع تنظيم داعش الإرهابي، وجرى استدعاء الشهود، وأدلى المدعون العامون ومحامو الدفاع بتصريحاتهم قبل إصدار الأحكام.
الغريب أن 19 من المتهمين قد لقوا حتفهم، وحوكموا جميعاً غيابياً، ولذلك وصفتها وسائل الإعلام الفرنسية بـ«محاكمة أشباح».
واعترف أنطوان أوري، أحد محامي الدفاع، بذلك، وقال للمحكمة: «في فرنسا عام 2020، نرفض إعادة الأحياء، ونحاكم الموتى».
وأبرزت المحاكمة التي انتهت الأسبوع الماضي بإدانات للجميع إحدى مفارقات الوضع الفرنسي فيما يتعلق بقضايا من هذا النوع. وتتطلع الحكومة إلى مقاضاة المشتبه في ضلوعهم في الإرهاب، على أمل منعهم من استغلال ثغرات قانونية، ومحاولة جمع بيانات عن كيفية عمل تلك الشبكات للحصول على أدلة في المحاكمات المقبلة للأحياء، لكنها لا تريد إجراء المحاكمات على أراضيها.
ومنذ عام 2018، كانت فرنسا في طليعة المفاوضات الأوروبية مع الحكومة العراقية لمحاكمة المتطرفين الأوروبيين، لكنها لم تحقق فيها سوى نجاح متواضع».
ورضوخاً للرأي العام المطالب بحزم بعدم استعادة أولئك الذين غادروا للقتال مع «داعش»، لم توافق فرنسا سوى على استعادة بعض جهادييها، حيث كانت البلاد رافدا مهماً لمقاتلي التنظيم الإرهابي، إذ قدر عدد من غادروا فرنسا للانضمام إلى التنظيم المسلح بنحو ألف شخص من عام 2012 حتى 2015.
وقال جان تشارلز بريسارد، مدير «مركز تحليل الإرهاب»، وهو منظمة بحثية مقرها باريس، إن نحو 80 من مقاتلي «داعش» ما زالوا محتجزين في العراق وسوريا.
وأضاف أن «الموقف الفرنسي سياسي، يستند إلى رفض الرأي العام لرؤية الإعادة إلى الوطن. لكن فيما يتعلق بنظامنا القضائي، كل شيء جاهز لاستعادتهم، بما في ذلك السجون».
وعلى مدار العامين الماضيين، كانت المحاكم الفرنسية تحاكم عشرات المتشددين الذين يُفترض أنهم ماتوا. ولم يكن أمام المحاكم خيار يذكر لأن أجهزة الاستخبارات لم تتمكن من الوصول إلى مناطق القتال في سوريا والعراق للتحقق من الوفيات.
وعرضت محاكمة الشهر لمحة لما أصبح منهجاً معقداً لمكافحة الإرهاب، حتى في الوقت الذي تستعد فيه فرنسا للمحاكمات التي طال انتظارها للمتهمين بالاعتداء على صحيفة «تشارلي إيبدو»، وللمشتبه بهم في هجمات نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 على قاعة حفلات «باتاكلان» ومواقع أخرى في باريس.
واستثمرت فرنسا كثيراً في تكييف نظام العدالة الجنائية مع تهديد المتطرفين، وبات لديها الآن بعض من أكثر قوانين مكافحة الإرهاب شمولية في أوروبا.
وبحسب أنطوان ميغي، الخبير في قوانين مكافحة الإرهاب بجامعة روان في شمال فرنسا، فإنه «قضاء يترك مجالاً للتفسير»، مضيفاً أن المنطق يقول: «يكفي أن تحاكم لأنك على صلة بأنشطة متشددة».
لكن تجربة الشهر الحالي أظهرت أن العملية برمتها سخيفة. ومن أوضح الأمثلة على ذلك المتهم كوينتين روي الذي كان يسكن في ضواحي باريس، وغادر للقتال مع تنظيم داعش في سوريا عام 2014. وحسب أوري، الموكل للدفاع، فقد أشارت ملفات المحكمة أن روي فجر نفسه في العراق في يناير (كانون الثاني) 2016، وأنه مرتبط بـ«أنشطة عسكرية أدت به في نهاية المطاف لأن يصبح مفجراً انتحارياً». وأمام المحكمة، قال أوري: «أنت تحاكم رجلاً انتحر! هل شاهدت مثل هذا التناقض؟!».
وكان روي جزءاً من شبكة «سفران» المزعومة، وهي شبكة تجنيد جهادية مقرها منطقة في ضواحي باريس تحمل الاسم ذاته، وتعمل من داخل قاعة صلاة غير رسمية عرفت فيما بعد باسم «مسجد داعش».
ومن بين المتهمين البالغ عددهم 24 في المحاكمة، كان 13 منهم يترددون على المسجد. وروى والدي روي، فيرونيك وتيري، أمام القضاة كيف تحول ابنهما إلى اعتناق آيديولوجية متطرفة في غضون أشهر معدودة.
ووصفت والدة روي ما حدث بأنه «تجربة تطرف طائفي»، قالتها وهي تصف كيف أن ابنها اعتنق الإسلام عام 2012، ثم تخلى عن دراسته ووظيفته، وانفصل عن حبيبته.
وفي سبتمبر (أيلول) 2014، أخبر روي والديه أنه يتعين عليه الذهاب إلى فرانكفورت ليعمل سائقاً لدى «أوبر». وبعد بضعة أيام، عبر الحدود من تركيا إلى سوريا. وكما فعلوا مع عائلة روي، استمع القضاة إلى أقارب المتهمين الذي بلغ عددهم 19، لرسم خط سير رحلة المتهمين الذين يُعتقد أنهم ماتوا. وكان من بين هؤلاء المدعى عليهم الأخوان محمد ومهدي بلحسين اللذان ارتبطا بهجوم على سوبر ماركت «كوشير»، نفذه أميدي كوليبالي في يناير (كانون الثاني) 2015.

- خدمة «نيويورك تايمز»



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.