اشتباكات في جنوب طرابلس وقلق أممي من خرق «حظر التسليح»

TT

اشتباكات في جنوب طرابلس وقلق أممي من خرق «حظر التسليح»

استمرت الاشتباكات المتقطعة في العاصمة الليبية طرابلس، أمس، بين قوات الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، التي حققت تقدماً في مناطق بغرب البلاد، و«الميلشيات الموالية» لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج. وأعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن «أشد الأسف للانتهاكات الصارخة المستمرة لحظر التسليح في ليبيا، حتى بعد الالتزامات التي تعهدت بها البلدان المعنية خلال المؤتمر الدولي المعني بليبيا الذي عُقد في برلين مؤخراً».
وتواصل مجدداً خرق «هدنة وقف إطلاق النار» في العاصمة طرابلس قبل اجتماع مرتقب هو الأول من نوعه سيعقده المسؤولون العسكريون من الطرفين في جنيف الأسبوع الحالي. وأبلغ مسؤول رفيع المستوى في الجيش الوطني «الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم تعريفه، بأن «عدة محاور قتال بين الطرفين بالمدينة شهدت ما وصفه باشتباكات متقطعة»، معتبراً أن «الجيش أثناء الهدنة يكسب في مواقع جديدة بتكتيك احترافي، مثل السيطرة علي منطقة رابش أبو سليم».
وأفاد بيان للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع للجيش الوطني، بـ«وصول 4 حالات إصابتهم خطرة من المرتزقة السوريين إلى مستشفى غوط الشعال التخصصي في العاصمة طرابلس»، مشيراً إلى أنه تم «نقلهم وسط حراسة مشددة وتكتم شديد، بعد هجومهم على تمركزات قوات الجيش».
وتحدثت عملية «بركان الغضب» التي تشنها القوات الموالية لحكومة السراج عن «مقتل مواطن مغربي، وإصابة 3 مواطنين» مساء أول من أمس، إثر «سقوط قذيفة جراد في محيط مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس»، كما قالت إن «عاملين أصيبا في مستشفى محلى بمنطقة الهضبة إثر سقوط قذيفة عشوائية أطلقتها قوات الجيش».
ونقلت، في بيان منفصل، أن ما وصفته بـ«القصف العشوائي بصواريخ الجراد» لمحيط المطار أجبر «طائرة على تغيير مسارها في اللحظات الأخيرة، حيث كانت على وشك الهبوط في مطار معيتيقة، عندما تساقطت الصواريخ على منطقة عرادة، والمناطق المحيطة بالمطار».
ودفعت التطورات «شركة الخطوط الجوية الأفريقية» إلى الإعلان، في بيان مقتضب، مساء أمس، عن قيامها بتغيير مسار رحلاتها للذهاب والعودة من مطار معيتيقة إلى مطار مصراتة حتى إشعار آخر. وأرجعت الشركة هذا القرار إلى ما وصفته بـ«ظروف مطار معيتيقة الأمنية»، دون أن تقدم مزيداً من التفاصيل. كما أعلنت شركة طيران محلية أخرى أنه «نظراً لتعليق الملاحة الجوية بالمطار، وحفاظاً على استمرار رحلاتها، عن تسيير رحلاتها أمس من مطار مدينة مصراتة الدولي، على بعد 200 كيلومتر شرق العاصمة».
ونقلت عملية «بركان الغضب» عن المتحدث الرسمي باسم قوات السراج أن «قوات الجيش قصفت صباح أمس بقذائف عشوائية بداية طريق المشروع بالعاصمة طرابلس»، معتبراً أنه «مع تكرار العدو الغادر خرقه لوقف إطلاق النار، فهو بذلك يجعل من وقف إطلاق النار والعدم سواء».
وبعدما اتهم قوات الجيش بارتكاب خرق جديد للهدنة، بمحاولتها التي وصفها بالبائسة للتقدم تجاه أبوقرين، زعم أن قواته «حافظت على تمركزاتها، وتُلاحق فلول الميليشيات الإجرامية باتجاه الوشكة».
وجرت أيضاً معارك حول مدينة سرت الساحلية باتجاه مدينة مصراتة (غرب البلاد)، حيث أكد مصدر عسكري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الجيش تمكنت من إلحاق ما وصفه بـ«هزيمة فادحة بالميليشيات التابعة لحكومة السراج المدعومة بالطيران التركي المسير لدى محاولتها التقدم باتجاه مواقع خاضعة لسيطرة الجيش».
وأضاف المصدر: «تعرضت قوات الجيش لهجوم مفاجئ، لكنها تصدت له وقامت بدحر المهاجمين، وغنمت آليات مسلحة منهم، وشرعت في مطاردتهم في مناطق سيطرتهم».
وبدورها، أعلنت «غرفة عمليات سرت الكبرى» بالجيش الوطني أن قواته تصدت أمس لهجوم شنته الميليشيات بمنطقة الوشكة «مما أجبرها على الانسحاب والتقهقر إلى ما بعد أبوقرين، بعد غنم عدة آليات مسلحة منهم».
ووزعت الغرفة أمس مقطع فيديو يظهر قيام عناصر من الكتيبة (110) التابعة لها باسترداد آلية لها من الميليشيات المسلحة، وأسر عنصر منها، بعد دحر محاولة نفذتها الميليشيات للتقدم والهجوم على مواقع قوات الجيش الوطني.
وأكد النقيب فايز المالكي، آمر عمليات القوات الخاصة بالجيش الوطني، تقدم قواته بعد هجـوم شنته مـن 4 محاور على الميليشيـات المسلحة، لافتاً إلى السيطرة علـى عـدّة منـاطق، مـن أهمّهـا منطقة أبوقرين التي كانت نقطـة تجمع للميليشيـات التي قال إنها «انهارت في دقـائق معدودة، وجلّهم لاذوا بالفرار، تاركين خلفهم أسلحتهم وآلياتهم، ولم يتمكنوا من الصمود أمام التقدمات الكاسحة لقواتنا».
وشدد «الجيش الوطني» على انسحاب الميليشيات الموالية لحكومة السراج من المنطقة بعد سيطرة قواته على منطقتي زمزم وأبوقرين الواقعتين جنوب شرقي مصراتة، لكن وسائل إعلام محلية تابعة للحكومة نقلت في المقابل عن العميد إبراهيم بيت المال، آمر غرفة عمليات سرت التابعة للحكومة، أن قواتها «استعادت السيطرة على منطقة أبوقرين، وتقدمت إلى ما بعدها»، وفق تصريحه.
وبدورها، لفتت البعثة الأممية لدى ليبيا، في بيان لها، إلى أنه رغم أن ما وصفته بـ«الهدنة الهشة» التي تم التوصل إليها الأسبوع الماضي بموافقة حكومة الوفاق والجيش الوطني قد أفضت إلى «انخفاض ملحوظ في الأعمال القتالية في طرابلس، وأعطت مهلة للمدنيين في العاصمة هم بأمس الحاجة إليها، مهددة الآن بما يجري من استمرار نقل المقاتلين الأجانب والأسلحة والذخيرة والمنظومات المتقدمة إلى الأطراف من قبل الدول الأعضاء، ومن بينها بعض من الدول المشاركة في مؤتمر برلين». ولم تحدد البعثة الأممية أسماء الدول المتهمة بخرق الحظر على إرسال الأسلحة إلى ليبيا.
وكشفت النقاب عن أنه «على مدار الأيام العشرة الماضية، شوهدت كثير من طائرات الشحن والرحلات الجوية الأخرى تهبط في المطارات الليبية في الأجزاء الغربية والشرقية من البلاد لتزويد الأطراف بالأسلحة المتقدمة والمركبات المدرعة والمستشارين والمقاتلين».
وبعدما أدانت «هذه الانتهاكات المستمرة التي تهدد بإغراق البلاد في جولة متجددة مكثفة من القتال، دعت البعثة الدول المعنية إلى الوفاء بالتزاماتها، واحترام حظر التسليح في ليبيا الذي يفرضه قرار مجلس الأمن رقم (1970) لسنة 2011 والقرارات اللاحقة احتراماً تاماً، وتنفيذه بشكلٍ لا لبس فيه».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.