خلال عامين فقط، شهدت قرية الرملة التابعة لمدينة بنها (دلتا مصر)، واقعتي قتل للأبناء «مفجعتين»، بحسب المتابعين، ففي الواقعة الأخيرة التي حدثت أول من أمس، ألقت أم تبلغ من العمر (33 سنة) طفلتيها من شرفة شقتها بالطابق الرابع، أسماء (6 سنوات)، ورغدة (4 سنوات)، وتوفيتا في الحال، ثم تبعتهما لكن قبل سقوط الأم على الأرض أنقذ قائم حديدي مثبت في شرفة الطابق الثاني حياتها، بعدما علق في جلبابها، وتم نقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج، وخضعت لجراحة عاجلة لوقف النزيف، ولا تزال دوافع انتحار الأم وقتلها لطفلتيها مجهولة حتى الآن، لا سيما أن السلطات الأمنية أكدت أنها ستستجوبها بعد تحسن حالتها للوقوف على تفاصيل الحادثة.
وفي شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2018، قادت رائحة كريهة تنبعث من إحدى شقق القرية ذاتها المتاخمة لمدينة بنها، المواطنين والسلطات إلى اكتشاف جريمة قتل أبناء بشعة، وبعد العثور على جثة الأب بجوار أبنائه الأربعة أكدت التحقيقات أن الأب قتل أبناءه الأربعة بالسم، ثم انتحر بسبب مروره بحالة نفسية سيئة نتيجة تراكم الديون عليه وخلافاته الزوجية.
هاتان الواقعتان لا يمكن فصلهما عن بقية الحالات الموجعة الأخرى التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة، وكانت قضايا رأي عام هزت المجتمع المصري، ما دفع خبراء علم الاجتماع والطب النفسي إلى مطالبة الحكومة المصرية بتنفيذ دراسات وأبحاث ميدانية لدراسة تلك الحالات للوقوف على حجم المشكلة ووضع توصيات لها.
ويرجع بعض الخبراء هذه الجرائم المفجعة إلى إصابة الكثيرين بالأمراض النفسية، من بينهم الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «وصول بعض المرضى النفسيين في بعض الأحيان إلى ذروة اليأس، بسبب كثرة الضغوط الحياتية، يتسبب في قتلهم لأنفسهم ولأطفالهم بطرق متنوعة، إذ يعتقدون أن الانتحار سيكون ملاذاً جيداً للخلاص من المشكلات».
وأكدت أن «افتقاد ثقافة الطب النفسي، تسهم في تفاقم المشكلة بمصر، إذ يعد الكثيرون الذهاب إلى الطبيب النفسي بأنه أمر غير طبيعي، ويخشون من (الوصمة) التي تلتصق ببعض المرضى الذين يعالجون لدى الطبيب النفسي».
ورغم أن هذه الوقائع لا تعدو كونها حالات فردية، ولا ترقى إلى حد وصفها بالظاهرة، فإن فايد ترى أن الحكومة المصرية مطالبة بسرعة وضع خطة شاملة للتعامل مع هذا الأمر، لوضع الحلول المناسبة له، عبر اقتراب الباحثين والخبراء النفسيين من هذه الحوادث، وبحثها جيداً، ورفع نتيجة دراساتهم وأبحاثهم للمسؤولين لاتخاذ التدابير المناسبة على غرار الحلول الإعلامية والثقافية والدينية.
وقبيل انتهاء عام 2018، هزت جريمة ذبح طبيب مصري أطفاله الثلاثة وزوجته بمدينة كفر الشيخ (شمال القاهرة بنحو 150 كيلومتراً)، الرأي العام في مصر؛ واستطاعت أجهزة المباحث فك طلاسم الجريمة بسرعة شديدة، رغم ادعاء الزوج المتهم بالقتل، في البداية، بأنه وجد زوجته وأبناءه مقتولين من قبل مجهولين، لدى وصوله إلى المنزل، قبل إبلاغه الشرطة. لكن بعد تضييق الخناق عليه اعترف بارتكابه الجريمة بسبب وجود خلافات أسرية بينه وبين زوجته.
قرية مصرية تشهد واقعتي «قتل للأبناء» خلال عامين
قرية مصرية تشهد واقعتي «قتل للأبناء» خلال عامين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة