الأزمة الفنزويلية تتحول إلى محور صراع سياسي في إسبانيا

غوايدو خلال القائه كلمة في مدريد أمس (إ.ب.أ)
غوايدو خلال القائه كلمة في مدريد أمس (إ.ب.أ)
TT

الأزمة الفنزويلية تتحول إلى محور صراع سياسي في إسبانيا

غوايدو خلال القائه كلمة في مدريد أمس (إ.ب.أ)
غوايدو خلال القائه كلمة في مدريد أمس (إ.ب.أ)

بعد اجتماعه برئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في لندن، مساء الأربعاء الماضي، واللقاء الذي أجراه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، اصطدم الزعيم الفنزويلي المعارض خوان غوايدو بقرار مدريد عدم استقباله من لدن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتشيز في المحطة الأخيرة من جولته الأوروبية التي شملت أيضاً مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وقد أثارت زيارة غوايدو لمدريد وبرنامج لقاءاته، أزمة داخل الحزب الاشتراكي الحاكم، تمثّلت في تأييد رئيس الوزراء الأسبق خوسيه لويس زاباتيرو، قرار سانتشيز عدم استقبال الرئيس الفنزويلي بالوكالة الذي اعترفت به أكثر من 60 دولة بينها البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والموقف الذي صدر عن الزعيم الاشتراكي النافذ والرئيس الأسبق للوزراء فيليبي غونزاليس، الذي يَعدّ غوايدو الرئيس الشرعي الوحيد لفنزويلا. وكان غونزاليس، الذي كان أول رئيس اشتراكي للحكومة الإسبانية بعد عودة الديمقراطية، قد أصدر بياناً جاء فيه «أن غوايدو هو الممثل الوحيد الذي يتمتع بالشرعية الديمقراطية وفقاً لأحكام الدستور الفنزويلي في وجه سلطة الأمر الواقع التي يمثّلها طغيان مادورو مدعوماً من دمى الجمعية التأسيسية والمحكمة العليا والقيادات العسكرية».
وتجدر الإشارة إلى أن إسبانيا كانت قد اعترفت بخوان غوايدو «رئيساً بالوكالة» في مثل هذه الأيام من العام الماضي، بعد أن وجّهت إلى جانب فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إنذاراً إلى مادورو لإجراء انتخابات، وكانت هي التي دفعت داخل الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على النظام الفنزويلي الذي لم يعلن حتى اليوم عن موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والعامة. وفي دافوس التقى غوايدو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والمستشار النمساوي، فيما كانت مدريد تعلن أنه سيلتقي فقط وزيرة الخارجية آرانتشا غونزاليس. وقال ناطق بلسان الحكومة الإسبانية إن قرار سانتشير عدم استقبال غوايدو خلال زيارته لمدريد اتُّخذ عندما كان هناك اتفاق بين الدول الأوروبية على اتخاذ الموقف نفسه، لكن قرار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استقباله شكّل خروجاً عن ذلك الاتفاق.
كان رئيس الوزراء الإسباني الأسبق زاباتيرو، الذي يقوم بدور الوسيط في الأزمة الفنزويلية، قد صرّح في مقابلة صحافية بـ«أن هناك تضليلاً كثيراً في المعلومات المتداولة حول فنزويلا»، وقارن الوضع بالذي كان سائداً في العراق قبيل حرب الخليج في عام 2003، كما أعرب عن أسفه للوضع الذي نشأ عن الاعتراف بغوايدو، ليس من طرف إسبانيا التي قال إن موقفها كان حذراً، بل من طرف الولايات المتحدة التي وضعت في تصرّف الرئيس الفنزويلي بالوكالة ممتلكات وأصولاً مالية، الأمر الذي أدّى إلى وضع غريب على الصعيد القانوني وبالنسبة إلى المواطنين والمؤسسات. وانتقد زاباتيرو العقوبات الدولية التي فُرضت على نظام مادورو «لأنها تُلحق الضرر بالشعب وتزيد من معاناته، عوضاً عن تعزيز فرص الحوار بين طرفي النزاع».
لكن غونزاليس من جهته قال إنه يَعدّ غوايدو «رئيساً للجمعية الوطنية، ورئيساً مكلّفاً للجمهورية تعترف به الدول الديمقراطية الرئيسية في الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية والولايات المتحدة وكندا». وأضاف: «يجب ألا نثق بمادورو إلّا عندما يقول إنه لن يدعو لإجراء انتخابات كي يخسرها».
كانت الرئاسة الفرنسية قد أصدرت بياناً أشارت فيه إلى أن «ماكرون سيجتمع بخوان غوايدو، رئيس الجمعية الوطنية والرئيس الانتقالي لفنزويلا، في إطار جولته الأوروبية»، وذلك بعد أن كان الرئيس الفرنسي قد غرّد قائلاً: «من حق الفنزويليين التعبير عن آرائهم بحرية وديمقراطية، وفرنسا تعترف بغوايدو بصفته (رئيساً مكلّفاً) لتنفيذ العملية الانتخابية، وفرنسا تدعم مجموعة الاتصال التي شكّلها الاتحاد الأوروبي خلال هذه الفترة الانتقالية».
يُذكر أن وضع غوايدو، الذي فشل حتى الآن في تحقيق هدفه الرئيسي لإجراء انتخابات في فنزويلا، قد ازداد تعقيداً في الخامس من هذا الشهر عندما مُنع من دخول مبنى الجمعية الوطنية في كاراكاس للمشاركة في الجلسة التي كان مفترضاً أن يجدد فيها ولايته كرئيس للبرلمان ويحتفظ بلقبه كرئيس للجمهورية بالوكالة، الأمر الذي استغلّه النظام لتنصيب رئيس جديد منشقّ عن المعارضة، في جلسة لم يكتمل نصابها.
وفي تطوّر لافت دخل على خط الأزمة التي أثارتها زيارة غوايدو لإسبانيا زعيم حزب «بوديموس» اليساري بابلو إيغليزياس، الذي يتولّى منصب نائب الرئيس في الحكومة الائتلافية، حيث قال إن غوايدو «هو زعيم سياسي مهم في المعارضة الفنزويلية، ومن الصائب أن تستقبله وزيرة الخارجية لا رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز». وأضاف إيغليزياس، الذي ترجّح أوساط أن يكون وراء قرار سانتشيز عدم الاجتماع بغوايدو «إن المعارضة الفنزويلية ذاتها قد أقالته من منصبه كرئيس للجمعية الوطنية»، في إشارة إلى جلسة الخامس من هذا الشهر التي مُنع غوايدو من المشاركة فيها وأدانت دول عديدة، بينها دول الاتحاد الأوروبي، ما جرى فيها.
المعارضة اليمينية من جهتها خصّت غوايدو بمعاملة لا يحظى بها سوى رؤساء الدول، حيث قرّرت حكومة مدريد الإقليمية ومجلس بلدية العاصمة، اللذين تسيطر عليهما القوى المحافظة، تسليم الزعيم الفنزويلي المفتاح الذهبي للمدينة ومنحه الوسام الدولي للإقليم الذي لم يُمنح لأحد بعد منذ استحداثه في عام 2017.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».