تصعيد حوثي يستهدف الأسماء الجمهورية «لطمس الهوية اليمنية»

الجماعة أطلقت أسماء قتلاها على الشوارع والحدائق والقاعات

تصعيد حوثي يستهدف الأسماء الجمهورية «لطمس الهوية اليمنية»
TT

تصعيد حوثي يستهدف الأسماء الجمهورية «لطمس الهوية اليمنية»

تصعيد حوثي يستهدف الأسماء الجمهورية «لطمس الهوية اليمنية»

تواصلاً لمساعي الميليشيات الحوثية لطمس الهوية اليمنية، أقدمت الجماعة مطلع الأسبوع الجاري، على تغيير أسماء عدد من الحدائق العامة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، واستبدال أسماء أخرى بها ذات صبغة طائفية وسلالية، وذلك بالتزامن مع اختتام فعاليات الاحتفال السنوي بقتلاها.
وكشفت مصادر محلية في أمانة العاصمة لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادة الميليشيات أقدمت السبت الماضي، وفي انتهاك سافر للدلالة اليمنية التاريخية والمواقع الرمزية الوطنية، على تغيير اسم حديقة «الجندي المجهول» الواقعة خلف ضريح «الجندي المجهول» في ميدان السبعين (وسط صنعاء) إلى حديقة أطلقت عليها اسم «الشهيد الصماد» وهو الرئيس السابق لمجلس حكم الانقلاب.
وجاءت التوجهات الميليشياوية - وفق المصادر - عقب سنوات قليلة من اعتدائها السافر على النصب التذكاري للجندي المجهول، وتحويله من قبلها إلى ضريح للصماد وستة من مرافقيه الذين قتلوا، في عملية سابقة لتحالف دعم الشرعية في الحديدة في 2018.
ويرى مراقبون يمنيون أن استهداف الجماعة لرمزية النظام الجمهوري ونضالاته يعد انتقاماً من اليمنيين، ضمن مساعيها لطمس أحد معالم الجمهورية اليمنية، وترسيخ ضريح صريعها الصماد في ذهنية اليمنيين من جهة، وجعله مزاراً رائجاً لأتباعها الطائفيين من جهة ثانية.
القيادي الحوثي المدعو أحمد الصماد، المعين من قبل الميليشيات مديراً عاماً لمديرية صنعاء القديمة، قام في الوقت نفسه بتغيير اسم حديقة الإمام «الطبري» إلى حديقة «شهداء الطبري» تكريماً من قبل الانقلابيين لصرعاهم من أبناء الحي الذين لقوا حتفهم على أيدي قوات الجيش الوطني.
وسميت حديقة «الطبري» - وفقاً للمصادر - بهذا الاسم بعد إنشائها نسبة للحي الذي تقبع فيه، والذي يحمل اسم إمام المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب أكبر كتابين في تفسير القرآن الكريم والتاريخ الإسلامي.
وأبدى سكان محليون بالعاصمة صنعاء، امتعاضهم الشديد من خطوات الميليشيات الأخيرة التي سعت وتسعى من خلالها لطمس الهوية اليمنية ومعالمها التاريخية والوطنية.
وأكد السكان سعي الميليشيات الحوثية من وراء تلك التغييرات إلى ترسيخ أسماء قتلاها من العناصر والقيادات السلالية، الذين لقوا مصرعهم في سبيل تنفيذ أجندتها، وفقاً لسياسة ولاية الفقيه والأفكار الطائفية المستوردة من إيران، في عقول أبناء المجتمع اليمني بهدف تغيير الهوية القومية اليمنية.
وأكد سكان العاصمة الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»: أنه «من الجرم والعار أن تقوم الميليشيات الإرهابية وبهذه السهولة واللامبالاة، بإحلال أسماء صرعاها وقادتها وأسمائها الطائفية الأخرى، مكان أسماء المعالم والشخصيات الوطنية والتاريخية الإسلامية التي أثرت في حياة الأمة اليمنية والعربية والإسلامية، في عدة مجالات فكرية وأدبية وعلمية وسياسية».
ويعتقد الأهالي أن جماعة الانقلاب الحوثية لم ولن تنجح، في طمس «هوية اليمن» مهما حاولت ذلك؛ لأنها تستعين بقوة السلاح أمام رفض اليمنيين القاطع لها، وعدم رغبتهم في وجودها أو تقبل أجندتها وأفكارها.
وكانت الميليشيات قد أقدمت في وقت سابق على تغيير أسماء القاعات الدراسية بعدد من الجامعات الحكومية بمناطق سيطرتها، واستبدال أسماء صرعاها من عناصرها وقياداتها السلالية بها.
وأصدرت الجماعة مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، قراراً بتغيير أسماء 23 قاعة دراسية في جامعة ذمار، لتحمل أسماء قياداتها الذين قتلهم الجيش اليمني في الجبهات.
وبحسب مصادر خاصة بجامعة ذمار، فإن قرار الميليشيات يأتي ضمن مساعيها المتواصلة والرامية لطمس الهوية اليمنية العربية، وتغييرها بأخرى ذات صبغة طائفية مذهبية دخيلة على اليمن واليمنيين، وربط كل الأسماء بالحرب والموت، على حساب الأسماء ذات الدلالة اليمنية التاريخية والرموز الوطنية.
ويقول أساتذة جامعيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»: «إن اختيار أسماء عناصر الميليشيات لهذه القاعات الدراسية والمكتبات وغيرها، يعد امتهاناً للعلم والمسيرة التعليمية التي طالما أساءت لها الميليشيات، تارة بمحاولات تغيير المناهج التعليمية، وأخرى بإقحام أسماء شخصيات تلطخت بدماء الأبرياء، في محاولة لتمجيدهم على حساب تاريخ اليمنيين».
وأشاروا إلى أن هذا الإجراء المتنافي مع القيم المعرفية والعلمية، لم يكن في جامعة ذمار وحسب؛ بل سبق ذلك في جامعات يمنية أخرى واقعة تحت سيطرة الميليشيات، كجامعة صنعاء وعمران، وغيرها من الجامعات والمدارس.
وفي أواخر العام الماضي، أقدمت الجماعة الحوثية - كعادتها - على تغيير اسم أحد أبرز معالم العاصمة اليمنية صنعاء، المتمثل بميدان السبعين، إلى اسم «ميدان الصمود»، كما أصدرت حزمة من القرارات تتعلق بتغيير أسماء عدد من الشوارع في أمانة العاصمة بتسميات حوثية.
وإلى جانب تغير اسم ميدان السبعين، غيرت الميليشيات أيضاً اسم «ميدان التحرير» الذي يرمز إلى الثورة ضد الإمامة وهزيمتها، إلى «ميدان الصمود»، كما أقرت تغيير اسم القصر الجمهوري بصنعاء إلى «مقر المجلس السياسي الأعلى».
ويأتي استهداف الرموز الجمهورية، ضمن سعي الجماعة لصبغ المجتمع بأفكارها الإيرانية، وإرغامه على اعتناق عقيدتها، والتماهي مع خطابها الملغم بالأحقاد التاريخية، والخضوع لممارساتها الاستعلائية القائمة على فكرة الاصطفاء الإلهي المزعوم لسلالة زعيمها الحوثي.
وسبق أن أقدمت الجماعة على إلغاء اسم مستشفى «الشهيد العلفي» في مدينة الحديدة، وحولته إلى «مستشفى الساحل الغربي الطبي التعليمي» في سياق مساعيها لطمس الرموز الجمهورية الثائرة على الحكم الإمامي، الذي تحاول الجماعة إعادته في اليمن بنسخته الخمينية.
والعلفي هو أحد الضباط الجمهوريين الذين أعدمهم نظام الإمام، بعد أن حاولوا اغتياله أثناء زيارته للمستشفى في مدينة الحديدة، وذلك قبل نحو عام من اندلاع ثورة «26 سبتمبر (أيلول)» ضد نظامه عام 1962.
وفي محافظة إب، أطلقت الجماعة اسم «الصماد»، على مبنى «المجمع التربوي» التابع لجامعة إب، كما أطلقته على عدد من المستشفيات والمدارس في صنعاء، من بينها مستشفى «48» الذي يخلد اسمه السنة التي شهدت أول انتفاضة يمنية في القرن العشرين، ضد نظام الإمامة عام 1948.
وكانت مصادر تربوية في صنعاء، قد أفادت «الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية أعدت لائحة بأسماء عشرات المدارس، من أجل تغيير أسمائها ذات البعد الوطني الجمهوري، وإحلال أسماء بديلة محلها، تعكس هوية الجماعة الطائفية ومشروعها المرتبط بإيران.
وإمعاناً منها في الانتقام من التاريخ السياسي للرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، وسعياً لطمس آثاره المعنوية بعد تصفيته، قامت بتبديل اسم المسجد الذي يحمل اسمه، من «جامع الصالح» إلى «جامع الشعب»، كما سطت على المؤسسة الخيرية التي تحمل اسمه، وبدلتها إلى «جمعية الشعب».
كما أزاحت عناصر الميليشيات الحوثية كافة الآثار المادية والمعنوية للرئيس صالح، ولبقية الشخصيات والرموز الوطنية الجمهورية، من المتحف الحربي في صنعاء، وأحلت مكانها ملابس مؤسسها حسين الحوثي، وملابس عدد من قادتها الصرعى، سعياً لتخليدهم في الذاكرة المجتمعية.
وبلغت الحال في ظل إلحاح الجماعة على تعميم وجودها الطائفي والانقلابي على الذاكرة الشعبية، أن أطلقت مسابقة في أوساط المزارعين اليمنيين، تحمل اسم رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد، وشكلت لجنة ميدانية مهمتها إقناع المزارعين بالمشاركة فيها، والحصول على جوائز تمنح لأكثرهم إنتاجاً.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.