تركيا تقصف مواقع لـ«الوحدات» الكردية في الحسكة

أكدت استمرار النزوح من إدلب بسبب هجمات النظام

TT

تركيا تقصف مواقع لـ«الوحدات» الكردية في الحسكة

قصف الجيش التركي مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية في تل تمر بريف الحسكة شمال شرقي سوريا بالمدفعية الثقيلة.
وطال القصف التركي مواقع للوحدات الكردية، التي تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في محور قرية مباقر في ناحية تل تمر، وأسفر عن أضرار مادية فقط.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، أمس (الخميس)، إنه تم القبض على 4 من عناصر «قسد» في مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي الغربي، خلال استعدادهم لتنفيذ هجمات في منطقة عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا.
وشهدت مدينة تل أبيض، في وقت سابق، هجمات عدة بسيارات مفخخة أسفرت عن مقتل وجرح عشرات المدنيين وعناصر من فصائل «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا. وسيطرت القوات التركية والفصائل الموالية لها على مناطق تابعة لـ«قسد» في شمال شرقي سوريا خلال العملية العسكرية التي نفّذتها في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأوقفتها في 17 من الشهر ذاته بعد تفاهم مع الولايات المتحدة، أعقبه تفاهم مع روسيا في 22 أكتوبر بشأن انسحاب الوحدات الكردية وإقامة منطقة آمنة في شرق الفرات.
وعززت تركيا أول من أمس، قواتها المنتشرة بطول الحدود مع سوريا بآليات عسكرية وعناصر من القوات الخاصة.
من ناحية أخرى، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن الآلاف يفرون من الموت جراء الهجمات المكثفة على محافظة إدلب شمال غربي سوريا، لافتاً إلى انتهاك نظام بشار الأسد للتفاهمات المتعلقة بوقف إطلاق النار من خلال مواصلة الهجمات على الأماكن المأهولة والمستشفيات والمدارس.
وأضاف أكار، في تصريحات أمس، أن «آلاف الناس يفرون نحو منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون (اللتين تسيطر عليهما القوات التركية والفصائل السورية المسلحة الموالية لها في شمال سوريا) هرباً من الموت جراء الهجمات الجوية المكثفة على إدلب».
وأشار أكار إلى أن عملية «نبع السلام» في شمال شرقي سوريا أسهمت في تطهير المنطقة ممن وصفهم بـ«الإرهابيين»، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، مؤكداً استمرار الجهود الرامية لحماية الأمن والاستقرار في مناطق عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون».
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن الجميع قلقون حيال تطورات الأوضاع في محافظة إدلب، وإن نحو 400 ألف شخص بدأوا بالتحرك نحو الحدود التركية هرباً من القصف. ولفت إلى أن نقاط المراقبة التركية في إدلب (12 نقطة)، تأسست بموجب اتفاق سوتشي المبرم بين أنقرة وموسكو، بهدف رصد انتهاكات وقف إطلاق النار.
وذكر أن «إحدى نقاط المراقبة التركية باتت حالياً داخل المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام، وسنقوم بما يلزم في حال تعرضت هذه النقطة لأي اعتداء، النظام السوري لا يؤمن بالحل السياسي بل يريد الحل العسكري».
وعن طرح ألمانيا فكرة إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري تحت إشراف قوة دولية، قال جاويش أوغلو، في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية نُشرت أمس: «إن تركيا لم ترفض هذه الفكرة، لكنها شددت على صعوبة تطبيقها».
وفيما يخص عمليات تركيا العسكرية في الشمال السوري، لفت جاويش أوغلو إلى شائعات عن قيام تركيا بتغيير التركيبة السكانية في تلك المناطق، ووصفها بأنها «عارية عن الصحة تماماً».
وقال: «تركيا لا تقوم بتغيير ديموغرافية المنطقة، إنما وحدات حماية الشعب الكردية هي التي تقوم بذلك، ففي تركيا يوجد حالياً 350 ألف لاجئ من الأكراد، وهم لا يريدون العودة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة (هذا التنظيم الإرهابي)».
وأضاف أن الهدف من العمليات العسكرية التركية داخل الأراضي السورية هو القضاء على التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن تركيا وتسعى لتقسيم سوريا.
وقال جاويش أوغلو إن الاتحاد الأوروبي لم يدفع نصف تعهداته تجاه اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، التي تبلغ 6 مليارات يورو، حسب الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) 2016.
وأضاف أن «الاتحاد الأوروبي تعهد بدفع 3 مليارات يورو نهاية 2016، ومثلها في نهاية 2018، وها نحن الآن في عام 2020 والاتحاد لم يسدد الدفعة الأولى بشكل كامل، فمن أخلف وعده، تركيا أم الاتحاد الأوروبي؟». وتابع: «انظروا إلى موجات اللجوء التي كانت تنتقل من تركيا إلى الجزر اليونانية، فقبل الاتفاقية كان العدد يصل إلى 7 آلاف يومياً، بينما تراجع هذا العدد بعد الاتفاقية إلى حدود 57 فقط يومياً، ومن هنا يمكنكم أن تدركوا الجهة التي صدقت بوعدها والجهة التي أخلفت».
وقال: «كنا نستطيع فتح حدودنا مع أوروبا أمام اللاجئين، نظراً إلى وجود بنود في الاتفاقية لم تلتزم بها أوروبا، مثل إلغاء تأشيرة دخول الأتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي وتحديث الاتفاق الجمركي وغيرها، لكننا التزمنا بالاتفاقية ولم نفسح المجال للاجئين للتوجه نحو أوروبا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.