«الجيش الوطني» الليبي يعلن إسقاط طائرة «تركية مسيّرة»

اعتبر أي استخدام أمني أو مدني لمطار معيتيقة يشكل «خرقاً لوقف النار»

صورة جانبية لمطار معيتيقة الدولي بعد تعرضه لقصف صاروخي أمس (أ.ف.ب)
صورة جانبية لمطار معيتيقة الدولي بعد تعرضه لقصف صاروخي أمس (أ.ف.ب)
TT

«الجيش الوطني» الليبي يعلن إسقاط طائرة «تركية مسيّرة»

صورة جانبية لمطار معيتيقة الدولي بعد تعرضه لقصف صاروخي أمس (أ.ف.ب)
صورة جانبية لمطار معيتيقة الدولي بعد تعرضه لقصف صاروخي أمس (أ.ف.ب)

أسقطت مقاتلات «الجيش الوطني» الليبي، أمس، طائرة «تركية مسيرة»، في وقت عادت فيه الملاحة الجوية إلى مطار معيتيقة الدولي، الذي تعرض مجدداً لقصف، في ظل استمرار القتال المتقطع بضواحي العاصمة طرابلس.
وأعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للقوات المسلحة، في بيان مقتضب، أمس، أن «قوات الدفاع الجوي بالقيادة العامة أسقطت طائرة تركية مسيرة بعد إقلاعها من قاعدة معيتيقة الجوية»، مشيراً إلى أنها «كانت تحاول الإغارة على موقع وحداتنا العسكرية في طرابلس». واضاف المسماري في موقف لاحق مساء أمس أن الجيش الوطني يحظر أي استخدام أمني أو مدني لمطار معيتيقة باعتباره يشكل خرقا للهدنة، مشيراً إلى أن المطار أصبح نقطة انطلاق للقوات التركية لاستهداف تمركزات الجيش.
وكانت إدارة مطار معيتيقة أعلنت في وقت سابق أمس أن حركة الملاحة توقفت به عقب تعرضه لقصف صاروخي جديد، واتهمت قوات «الوفاق»، برئاسة فائز السراج المدعومة من الميليشيات المسلحة، قوات «الجيش الوطني»، التي يقودها المشير خليفة حفتر، بشن القصف، قبل أن تعلن إدارة المطار عودة الملاحة ثانية. وأضافت، في بيان لها، أمس: «ستباشر الشركات الناقلة إجراءات رحلاتها المجدولة، مع مراعاة التأخير في المواعيد، الخارج عن الإرادة»، وأعلمت مسافريها بمواعيد السفر الجديدة.
ونفت إدارة المطار ما أُشيع، أمس، عن إصابة طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الليبية، مساء أول من أمس، بقذيفة صاروخية في المطار، مشيرة إلى أن الطائرة قد أُصيبت، بسبب أعمال المناولة، والعمليات الأرضية بمطار مصراتة الدولي.
واتهم المتحدث باسم عملية «بركان الغضب»، التي تشنّها القوات الموالية لحكومة السراج، في بيان، أمس، قوات «الجيش الوطني» بقصف مطار معيتيقة الدولي في طرابلس، بستة صواريخ «غراد»، ونقلت عن المتحدث باسمها أن هذا يمثل «تهديداً صارخاً لحركة الملاحة الجوية، وخرقاً جديداً ومتكرراً لوقف إطلاق النار».
وأكد هشام أبو شيكوات، وكيل وزارة المواصلات بحكومة السراج، توقف حركة الملاحة في المطار، بعد تعرضه لقصف بصواريخ «غراد»، واعتبره بمثابة «خرق واضح للهدنة من قبل الطرف المعتدي على طرابلس». في إشارة إلى الجيش الوطني، معلناً تحويل الرحلات مؤقتاً إلى مطار مصراتة.
في سياق آخر، وعلى الرغم من أن «المؤسسة الوطنية للنفط»، الموالية لحكومة السراج في طرابلس، قد رحّبت بدعوة السفارة الأميركية في ليبيا لاستئناف عمليات المؤسسة، فإنها قالت في بيان إنه «لا يمكن أن تُستأنف العمليات إلا بإنهاء الإقفال غير القانوني الذي يضرّ بمقدرات الشعب الليبي، ويتسبب في أضرار جسيمة للاقتصاد الوطني»، مشددة على أنه «على كل الأطراف المسؤولة إنهاء هذه الإقفالات، واحترام سيادة القانون».
وانضمت السفارة البريطانية في ليبيا، أمس، إلى السفارة الأميركية التي أعربت عن قلقها العميق من تأثير وتداعيات وقف عمليات النفط في ليبيا. وقالت السفارة البريطانية في بيان لها: «نحن قلقون تجاه الحصار المفروض على منشآت النفط في ليبيا الذي يضر بالعمليات النفطية، وعمل (المؤسسة الوطنية للنفط) بشكل خطير». وبعدما اعتبرت أن «هذه الأعمال تضرّ بالشعب الليبي، وترفع من حالات الإعانة الإنسانية، وتضر بالاقتصاد»، دعت إلى «استئناف أعمال (المؤسسة الوطنية للنفط) فوراً». وكانت «مؤسسة النفط» قد اتهمت قوات الجيش الوطني بإغلاق حقول النفط والموانئ النفطية في شرق وجنوب البلاد، وحذرت من أن الإنتاج سينخفض من نحو 1.2 مليون برميل يومياً إلى 72 ألف برميل فقط في اليوم، مع ما يعنيه ذلك من خسائر مالية فادحة.
في غضون ذلك، انتقد عبد الرحمن السويحلي، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، قرار سلفه خالد المشري بشأن استبعاده من تشكيل اللجنة المكونة من 13 عضواً، التي ستبحث المسار السياسي في جنيف. وشن السويحلي هجوماً حادّاً على «حزب العدالة والبناء»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، متهماً المشري وحزبه بالفرار خارج البلاد. كما اتهم السويحلي كتلة حزب الإخوان، برئاسة المشري، بعزله، لافتاً إلى أنهم قدموا خدمة كبيرة لما سماها «عصابة حفتر»، وصوتوا على القرار الباطل بتجميد عضويته، بحجة الغياب عن ست جلسات بعد انتخابه ديمقراطياً، كممثل عن «الدائرة التاسعة - مصراتة»، في حوار جنيف.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم