اتحاد كتاب المغرب يلتئم في مؤتمر استثنائي بالرباط

وزير الثقافة استقبل وفداً من لجنته التحضيرية

الحسن عبيابة يستقبل وفداً من اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب
الحسن عبيابة يستقبل وفداً من اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب
TT

اتحاد كتاب المغرب يلتئم في مؤتمر استثنائي بالرباط

الحسن عبيابة يستقبل وفداً من اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب
الحسن عبيابة يستقبل وفداً من اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب

ينتظر أن ينظم في شهر أبريل (نيسان) المقبل، بالرباط، مؤتمر استثنائي لاتحاد كتاب المغرب، على أمل أن يخرج هذه المنظمة العريقة من وضعية الشك التي هزت صورته في أعين الكتاب ولدى الرأي العام، ويعيد إليه الروح بعد حالة الجمود التي عاشها على مدى السنتين الأخيرتين، بفعل الصراعات التي تفجرت بين عدد من أعضائه.
وذكر بيان لوزارة الثقافة والشباب والرياضة، مساء أول من أمس، أنّ الحسن عبيابة، وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة، استقبل الاثنين الماضي، «وفداً عن اتحاد كتاب المغرب»، وذلك «لتدارس القضايا والإجراءات التنظيمية»، المرتبطة بتنظيم المؤتمر الاستثنائي للاتحاد، يومي 18 و19 أبريل المقبل، في الرباط.
وأعرب عبيابة، في هذا اللقاء الذي حضره كل من حسن نجمي ومبارك ربيع وصلاح بوسريف وحسن المخافي وسعيد كوبريت، عن «حرص» وزارته على «دعم ومواكبة وتشجيع المشاريع والأنشطة الفكرية والفنية والإبداعية التي من شأنها الإسهام في التنمية الثقافية الشاملة والمستدامة» بالبلاد، وكذا «تقريب الفعل الثقافي من مجموع مناطق المملكة»، وذلك «تكريساً لمبادئ العدالة المجالية ذات الصلة بالقطاع».
وأضاف البيان أنّ الوزير عبيابة قد أكد بعد عرض أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر «الترتيبات التي اتُخذت لتنظيم هذا المؤتمر»، أنّ الوزارة «ستعمل على ضمان إنجاح هذا الحدث المهم»، وذلك «اعتباراً للأدوار الأساسية التي تلعبها مؤسسة اتحاد كتاب المغرب»، والتي «يتعين معها الحفاظ على مكتسباتها ودعم أنشطتها».
وأضاف البيان أنّ أعضاء اللجنة قدموا من جهتهم «كامل الشكر» للوزير على «سنده ودعمه من أجل تنظيم هذا المؤتمر في أحسن الظروف»، وعلى «تجاوبه السريع مع مطلب اللجنة في عقد هذا اللقاء».
وتباينت ردود الفعل الأولى للكتاب والمتابعين، بين الترحيب والتوجس، سواء فيما يتعلق باللقاء الذي جمع الوزير عبيابة مع أعضاء اللجنة التحضيرية، أم بخبر تنظيم المؤتمر الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب.
وفي الوقت الذي شدّدت فيه أصوات على مدى السنتين الأخيرتين، على الحاجة إلى «إعادة التوهج والبريق» إلى هذه المنظمة العتيدة و«تشجيع كل المبادرات التي تشتغل في هذا الاتجاه»، رأى آخرون أنّ «ما حدث لاتحاد كتاب المغرب أمر طبيعي»، من منطلق أنّ «هناك ولاءات جديدة لذوات الكتاب، واصطفافات لم تكن لهم من قبل، بسبب تعدد فضاءات النشر، ونشوء علاقات قيمة غير قابلة لأي سلطة حتى ولو كانت سلطة رمزية»، ولأنّ «العالم يتغير، ويتآلف ويتفرق»، وبالتالي فـ«للتعامل مع هذا الوضع، لا بد من أخذ مسافة مع كل إطار تنظيمي يريد أن يكون تكتلاً أو ما شابه هذا». فيما رأى آخرون أنّ اتحاد كتاب المغرب الذي يوجد «في أضعف حالاته اليوم»، هو «في حاجة إلى من ينقذه، لا من (يركب عليه)».
يذكر أنّ اتحاد كتاب المغرب، الذي تأسس قبل أكثر من نصف قرن، ليكون «منظمة ثقافية جماهيرية مستقلة»، ظل يشكل أكبر تجمع للكتاب المغاربة. وقد تداول على رئاسته كل: من محمد عزيز الحبابي (1961 - 1968)، وعبد الكريم غلاب (1968 - 1976)، ومحمد برادة (1976 - 1983)، وأحمد اليابوري (1983 - 1989)، ومحمد الأشعري (1989 - 1996)، وعبد الرفيع الجواهري (1996 - 1998)، وحسن نجمي (1998 - 2005)، وعبد الحميد عقار (2005 - 2009)، وعبد الرحيم العلام (2012 - 2019). وكان العلام، آخر رئيس لاتحاد كتاب المغرب، قد أعلن تنحيه يوم 18 فبراير (شباط) الماضي، مشيراً في بيان التنحي إلى أنّ قراره جاء «تغليباً لمصلحة الاتحاد على أي اعتبار آخر كيفما كان نوعه»، و«لأجل وضع كل طرف أمام مسؤولياته التاريخية والأخلاقية والتنظيمية»، و«حرصاً على أن تظل منظمة الاتحاد شامخة معافاة». كما ذكّر بـ«المجهود الكبير» الذي بذل في الإعداد لتنظيم المؤتمر الوطني التاسع عشر الذي عقد في شهر يونيو (حزيران) 2018، في مدينة طنجة، وبـ«توفير الشروط اللازمة التنظيمية والأدبية واللوجيستية، لعقده وضمان إنجاحه، وفقاً لقوانين الاتحاد ولمبادئه وأهدافه النبيلة»، مبدياً أسفه الشديد لـ«إجهاض هذا المؤتمر أثناء جلسته الافتتاحية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».