يستخدمه السياسيون... ماذا يعني مصطلح «جمهوريات الموز»؟

هندوراس أول بلد أُطلق عليه مصطلح «جمهورية الموز» (رويترز)
هندوراس أول بلد أُطلق عليه مصطلح «جمهورية الموز» (رويترز)
TT

يستخدمه السياسيون... ماذا يعني مصطلح «جمهوريات الموز»؟

هندوراس أول بلد أُطلق عليه مصطلح «جمهورية الموز» (رويترز)
هندوراس أول بلد أُطلق عليه مصطلح «جمهورية الموز» (رويترز)

عندما يحتاج أحد السياسيين انتقاد الأوضاع في بلاد ما، فإنه يصفها في الغالب بمصطلح «جمهورية الموز». وعندما يحتاج أحد السياسيين التأكيد على سيادة دولة القانون في بلاده، يقول: «لسنا من جمهوريات الموز».
وبذلك نجد أن المصطلح منتشر في الأوساط السياسية؛ لكن معناه غير متداول ولا مألوف في أوساط العامة. فما هي «جمهوريات الموز»؟
«جمهورية الموز» هو مصطلح يُطلق للانتقاص من دولة غير مستقرة سياسياً أو اقتصادياً. ويُستخدم هذا المصطلح غالباً بطريقة ساخرة لوصف حكومات بعض البلدان في أميركا الوسطى ومنطقة بحر الكاريبي، وأحيانا يُشير إلى دول في أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا.
وصاغ المصطلح في بادئ الأمر الكاتب الأميركي أوليفر هنري، للإشارة إلى هندوراس في كتابه «الملفوف والملوك» الذي صدر عام 1904. وهو مجموعة قصص قصيرة تجري أحداثها في أميركا الوسطى، ليُطلق على الحكومات الديكتاتورية التي تسمح ببناء مستعمرات زراعية شاسعة على أراضيها مقابل المال «جمهورية الموز».
ففي كتابه يحكي أوليفر هنري، كيف أن شركات الفاكهة الأميركية كانت تمارس نفوذاً غير عادي على سياسات هندوراس، وفقاً لمجلة «الإيكونوميست» البريطانية.
فبحلول نهاية القرن التاسع عشر، سئم الأميركيون من محاولة زراعة الفاكهة في بلدهم البارد، فانتقلت شركات الفاكهة الأميركية العملاقة إلى هندوراس، وشيدوا الطرق والموانئ والسكك الحديدية مقابل الأرض، لزراعة الفاكهة التي تحتاج أجواء حارة، وخصوصاً الموز.
ثم قامت هذه الشركات بدعم انقلاب ضد حكومة هندوراس، وساهموا في تنصيب رئيس آخر حليف لهم. ومن هنا جاء المعنى الحقيقي لـ«جمهورية الموز»: «دولة تتدخل فيها الشركات الأجنبية في توجيه سياسات الحكومة، ويكون قائدها منساقاً لقوى خارجية».
وأمس (الثلاثاء)، وجَّه وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، انتقادات للدول الأوروبية، بشأن انتقادات وُجِّهت لبلاده، مؤكداً أن المملكة «ذات سيادة... ولن تقبل أن يملي عليها أحد أي محاضرات».
وقال الجبير في كلمة ألقاها أمام لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي: «نحن دولة ذات سيادة، ولن نقبل أن تحاضروا علينا»، وأضاف: «معلوماتكم حول السعودية مبنية على الإشاعات... توقفوا عن انتقاد قضائنا... لسنا دولة من دول جمهوريات الموز».
وأشار الجبير إلى الدور الأوروبي المهم في المنطقة اقتصادياً وعسكرياً، مبيناً أن بلاده تواصل العمل على مكافحة الإرهاب والقضاء عليه. وشدد على أن المملكة تلاحق كل من ينشر التطرف والإرهاب.
وتطرق وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي إلى النظام الإيراني، مؤكداً أن إيران تعد الدولة الكبرى الراعية للإرهاب في العالم، نافياً أن تكون طهران هي الحامي الرئيسي للشيعة في العالم، موضحاً أن الشيعة في العراق ولبنان وإيران يتظاهرون حالياً ضد سياسات نظام الملالي.
وكان الوزير الجبير قد عقد سلسلة لقاءات في بروكسل مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي؛ حيث التقى - كلاً على حدة - عضو البرلمان توماس زيشوفسكي، وهانا نيومن رئيسة بعثة العلاقات مع شبه الجزيرة العربية في الاتحاد، والممثل لحقوق الإنسان إيمون غلمور، والمفوض الأوروبي لإدارة الأزمات جانيز لينارجيك. وتناولت اللقاءات مناقشة القضايا والموضوعات المشتركة، وسبل التعاون بين السعودية والاتحاد الأوروبي.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.