السياسيون مسؤولون عن توغل شركات المراهنات في كرة القدم الإنجليزية

الاتحاد الإنجليزي أخر المباريات دقيقة ضمن حملة الاعتناء بالصحة العقلية والذهنية وتناسى خطورة المراهنات
الاتحاد الإنجليزي أخر المباريات دقيقة ضمن حملة الاعتناء بالصحة العقلية والذهنية وتناسى خطورة المراهنات
TT

السياسيون مسؤولون عن توغل شركات المراهنات في كرة القدم الإنجليزية

الاتحاد الإنجليزي أخر المباريات دقيقة ضمن حملة الاعتناء بالصحة العقلية والذهنية وتناسى خطورة المراهنات
الاتحاد الإنجليزي أخر المباريات دقيقة ضمن حملة الاعتناء بالصحة العقلية والذهنية وتناسى خطورة المراهنات

من المفارقة أن مباريات الجولة الثالثة لكأس إنجلترا، التي استغلّها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لترويج لحملة «خذ دقيقة» لتشجيع الجماهير على الاعتناء بصحتهم العقلية والذهنية، تُبث معظمها بشكل مباشر وحصري على مواقع شركات المراهنات، بشكل يمثل تهديداً حقيقياً على الصحة المالية والعقلية!
وكانت شركة «آي إم جي» العملاقة للتسويق قد اشترت حقوق البث التلفزيوني لمباريات المنافسة الأقدم والأعرق في إنجلترا من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، قبل أن تبيعها لشركات المراهنات، بشكل يربط اللعبة نفسها بالمراهنات بشكل قوي.
ووصف تشارلز ريتشي، الذي قتل ابنه جاك نفسه في عام 2017 بعد أن أصبح مدمناً على المراهنات، هذا الترتيب بأنه «مخزٍ»، واستهداف لمشجعي كرة القدم الذين قد يكونون في طريقهم نحو الإدمان والانتحار في نهاية المطاف. وتتمثل الحجة الأساسية لحملة «المراهنة بالحياة» التي أطلقها ريتشي بالتعاون مع عائلات أخرى فقدت أشخاصاً بسبب إدمان المراهنات، في أنه يجب التعامل مع المراهنات على أنها خطر على الصحة العامة.
واصطفّ عدد من الساسة، بما في ذلك وزير الثقافة والإعلام والرياضة الجديد نيكي مورغان، لانتقاد هذه الصفقة، باعتبارها غير أخلاقية وغير مقبولة، وطالبوا الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بإعادة النظر فيها.
ونتيجة ذلك، أثيرت ضجّة كبيرة بشأن حملة «خذ دقيقة» التي أطلقها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لتشجيع الجمهور على العناية بصحته الذهنية والعقلية، رغم أن نيات الاتحاد في هذا الأمر حسنة، ورغم أن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، كان في واقع الأمر أحد هيئات كرة القدم القليلة التي اتخذت مواقف أخلاقية جيدة فيما يتعلق بحقوق الرعاية الخاصة بشركات المراهنات.
وفي حين أن الأندية وقمصانها وملاعبها، ورابطة الدوري الإنجليزي نفسها - التي تخضع جميعها لرعاية شركة «سكاي بيت» للمراهنات - متورطة بشكل كبير في إعلانات شركات المراهنات، فقد أنهى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في مايو (أيار) 2017 شراكته مع شركة «لادبروكس» للمراهنات، وقرر عدم إبرام صفقات رعاية مع شركات المراهنات بعد ذلك.
وبحلول ذلك الوقت، كانت الصفقة التي وقعها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم مع شركة «آي إم جي» بشأن بث مباريات كأس الاتحاد الإنجليزي قد تم التوقيع عليها بالفعل وتمتد لستة مواسم خلال الفترة بين موسمي 2018 و2024. كما باعت شركة «آي إم جي» حقوق البث لسبع شركات مراهنات في المملكة المتحدة والمزيد من الشركات الأخرى حول العالم.
وأوضح الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أن الأمر سيكون أكثر تعقيداً، وقد يتطلب تكلفة باهظة لحل هذه المشكلة، ولن تكون التبعات بسيطة مثل تلك التي نتجت عن التراجع عن صفقة واحدة بشكل مباشر مع شركة «لادبروكس». لكن تصريح الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بأنه «سيراجع» الجزء الخاص بالمراهنات في الصفقات عندما يتم تجديدها في موسم 2024 - 2025 يعني أن هذه الصفقة سوف تستمر حتى نهايتها في موسم 2024.
لذلك، تعرض الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إلى عاصفة من الانتقادات، على الرغم من أن رئيسه، جريج كلارك، كان معارضاً بقوة للمد الساحق لشركات المراهنات، منذ أن ألغت حكومة حزب العمال القيود المفروضة على شركات المراهنات في عام 2005.
والآن، أصبح جمهور كرة القدم، بما في ذلك الشباب الذين يكبرون وهم يعشقون كرة القدم وتاريخها، يرون هذا التشابك الهائل بين كرة القدم والمراهنات.
إن القيود الشديدة التي كانت سائدة في الماضي، وتجميد محلات بيع شركات المراهنات، استجابة لمخاطر المراهنات التي بات يدركها الجميع بوضوح، قد تم التخلص منها تماماً لثقافة أصبحت فيها المراهنات في المقدمة، سواء عبر الإنترنت أو أمام المشجع بشكل مباشر.
وتوضح رابطة الدوري الإنجليزي أن صفقات الرعاية الخاصة بها تنبع من المنفعة المتبادلة، لكن لا يزال من الممكن أن تشعر بالصدمة عندما تعرف أن اسم شركة «سكاي بيت» للمراهنات يأتي ضمن الأسماء الفعلية، التي ترعى أقدم مسابقة لكرة القدم في إنجلترا. ويحق لشركة «سكاي بيت» بث 16 مباراة من مباريات دوري الدرجة الأولى في الموسم عبر موقعها على شبكة الإنترنت، كما تبث مواقع المراهنات الدولية مباريات المسابقة، لكن رابطة الدوري الإنجليزي أوضحت أن هذا ليس حصرياً، إذ إنه يتم بث جميع هذه المباريات على شاشات التلفزيون، أو يتم بثها من قبل الأندية.
ولا يوجد ترتيب من هذا القبيل في الدوري الإنجليزي الممتاز كجزء من صفقة حقوق البث، التي تصل قيمتها إلى مليارات الجنيهات، لكن قامت كثير من أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، وعلى مدار سنوات طويلة بوضع شعارات شركات المراهنات على قمصانها ولوحاتها الإعلانية في الملعب، وحصلت على أموال من «شركاء» رسميين يعلمون في مجال المراهنات.
وفي بعض الأحيان، وفي ظل ظهور إعلانات شركات المراهنات بشكل مكثف خلال المباريات، وفي ظل حقيقة أن شركات المراهنات كانت هي الراعية لتغطية القنوات التلفزيونية، فإن كرة القدم الإنجليزية باتت تبدو وكأنها منصة لتشجيع وتسهيل المراهنات، سواء داخل إنجلترا أو في جميع أنحاء العالم.
ربما يكون من الممكن أن نغفر للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم شعوره بالاستياء من السياسيين الذين انتهزوا هذه القضية، واستغلوا بث مباريات كأس الاتحاد الإنجليزي التي لم يتم اختيارها من قبل قنوات البث التلفزيوني على موقع «بيت 363» للمراهنات، من أجل تحقيق مكاسب خاصة. وفي الحقيقة، فإن الحكومات هي المسؤولة عن هذا المشهد المتغير بشكل مذهل، بعد أن ألغت القيود المنظمة لعمل شركات المراهنات. وقد استقالت تريسي كراوتش بشرف من منصبها وزيرة للرياضة عندما كانت الحكومة تنحرف عن التوصيات الخاصة بتقييد احتمالات الرهانات الثابتة إلى اثنين من الجنيهات الإسترلينية، لكن العمل على معالجة مشكلات المراهنات في بريطانيا يسير بوتيرة بطيئة بشكل مثير للقلق. ومن الواضح أن السياسيين، بما في ذلك الوزير الجديد مورجان، يشعرون بالقلق بسبب وجود عوائق داخل اتحاد كرة القدم، لكن القدرة على إحداث فروق حقيقية تكمن في أيدي هؤلاء السياسيين، وليس في يد أحد غيرهم.


مقالات ذات صلة

ولفرهامبتون المهدد بالهبوط يقيل مدربه أونيل

رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

ولفرهامبتون المهدد بالهبوط يقيل مدربه أونيل

ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن ولفرهامبتون واندرارز أقال مدربه، غاري أونيل، اليوم (الأحد)، بعد سلسلة نتائج بلا انتصارات مما جعل الفريق يقبع في منطقة الهبوط.

رياضة عالمية أوناي إيمري (إ.ب.أ)

إيمري: فورست منافس حقيقي في السباق على المراكز الأولى

قليلون هم الذين كانوا يتوقعون منافسة نوتنغهام فورست على المراكز الأربعة الأولى، في بداية موسم الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

مدرب ولفرهامبتون: فرص خسارة وظيفتي تزيد مع كل «نتيجة سيئة»

قال غاري أونيل مدرب ولفرهامبتون واندرارز إنه غير مكترث بالتكهنات بشأن مستقبله بعد هزيمة فريقه الرابعة على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية خرج سيتي بالفعل من كأس الاتحاد الإنجليزي ويحتل المركز 22 في جدول دوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوارديولا: لن أرحل في هذه الظروف... لست نادماً على تمديد عقدي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه لا يشعر بأي ندم بعد تمديد عقده لمدة عامين رغم معاناة الفريق الحالية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إيساك لاعب نيوكاسل يحتفل بهدفه في ليستر سيتي (رويترز)

هدف جوتا ينقذ ليفربول من فخ فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».