برنامج الابتعاث الثقافي يبدأ استقبال طلبات السعوديين

برنامج الابتعاث الثقافي يبدأ استقبال طلبات السعوديين
TT

برنامج الابتعاث الثقافي يبدأ استقبال طلبات السعوديين

برنامج الابتعاث الثقافي يبدأ استقبال طلبات السعوديين

أعلنت وزارة الثقافة السعودية أمس، تدشين منصة إلكترونية لاستقبال طلبات الانضمام إلى برنامج الابتعاث الثقافي، وذلك من الراغبين والراغبات في دراسة التخصصات الثقافية والفنية؛ أبرزها الموسيقى والمسرح والدراما والسينما وصناعة الأفلام، مع التوجه لإدراجها في المناهج قريباً.
ويتيح برنامج الابتعاث الثقافي الدراسة في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في تخصصات ثقافية ومتنوعة تشمل دراسات فرعية في مجالات الثقافة والفنون في أبرز المؤسسات التعليمية على مستوى العالم.
ويشمل برنامج الابتعاث الثقافي تخصصات الموسيقى والمسرح والدراما والتمثيل والإخراج وجميع التخصصات المسرحية، والفنون البصرية بما فيها من رسم ونحت ودراسة لنظريات الفن وفن الخط وتاريخ الفن والتصوير الفوتوغرافي السينمائي، وصناعة الأفلام، والآداب واللغات، وعلم الآثار، وفنون الطهي، والتصميم، وفنون العمارة، والمكتبات والمتاحف، وغير ذلك من التخصصات الفنية والثقافية.
وأكد عبد الكريم الحميد المتحدث باسم وزارة الثقافة السعودية لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزارة تعمل حالياً على الصعد كافة، من أجل إيجاد بيئة خصبة محفزة للإنتاج الثقافي بما يسهم في تحقيق رؤية السعودية 2030.
وأضاف أن برنامج الابتعاث الثقافي يشمل 3 مسارات؛ الأول مسار الدارسين على حسابهم الخاص، والثاني مسار الحاصلين على قبول مسبق في التخصصات الثقافية شرط أن تكون ضمن الجامعات المدرجة في المنصة، والثالث يعنى بالراغبين الجدد بالدراسة خلال العام المقبل، وتحتوي المنصة على استمارات وشروط ومزايا كل مسار.
وعن الوجهات المرشحة لقبول طلاب برنامج الابتعاث الثقافي، قال الحميد: «الوزارة حرصت لدى اختيارها الجامعات على توفير جامعات عالمية متخصصة وعريقة، من بينها هارفارد، وستاند فورد وكمبردج وسنغافورة وبكين، إضافة إلى بعض المعاهد والأكاديميات المتخصصة في بعض جوانبها الثقافية مثل الطهي والأزياء وغيرها».
ولفت إلى أن وزارة الثقافة وقّعت منذ أسبوعين اتفاقية تعاون مع وزارة التعليم بهدف صياغة ودراسة تصور كامل ينتج عنه إدراج الثقافة والفن في المناهج التعليمية، إضافة إلى دراسة إدراج الأنشطة اللاصفية في المدارس والمعاهد.
وعن المدى الزمني المحدد لدخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ، ذكر الحميد أن الموضوع يحتاج إلى 3 أو 4 أشهر للدراسة، يتبين بعدها إمكانية اختيار التوقيت المناسب لإدراج برامج اتفاقية التعاون بين وزارتي الثقافة والتعليم في مناهج التعليم.
وتطرق إلى أن السعودية تشهد حالياً نهضة ثقافية وفنية غير مسبوقة بدعم القيادة، وتنظر وزارة الثقافة إلى قطاع التعليم على أنه ركيزة أساسية في النهضة الثقافية، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل حالياً على مشروع تعليمي متكامل أحد مخرجاته برنامج الابتعاث الثقافي.
وبيّن أن البرنامج يعد فرصة عظيمة للمبدعين والمبدعات كافة ونستبشر بميلاد كوادر ومواهب وطنية متخصصة، قادرة على الإسهام في دفة الحركة الثقافية والفنية في السعودية.
وتحتوي المنصة الإلكترونية لبرنامج الابتعاث على الشروط العامة والخاصة المطلوبة للقبول في البرنامج بجميع مساراته، كما تضم نماذج التقديم، وأسماء المؤسسات التعليمية الأساسية المشمولة.
ويقدم البرنامج برامج إرشاديّة تركز على متابعة المبتعث وتقييم تطوّره الأكاديمي، ومدّ يد العون له في كل ما من شأنه تعزيز غايات البرنامج وتحقيق تطلعاته، إضافة إلى إمكانيّة الانضمام لبرامج تدريبيّة خارج السعودية بعد التخرّج، تتفاوت مدّتها بما يصل إلى سنتين كحدّ أقصى، مع استمرار صرف مكافأة الطالب الشهريّة، والمميزات الأخرى كافة.
ويقدم البرنامج مزايا إضافية لطلاب المسار الثالث للدارسين الجدد الذين لم يبدأوا الدراسة ولم ينالوا القبول الجامعي، إذ سيقدم تأهيلاً كاملاً للمتقدمين يتضمن تزويدهم بما يساعدهم في الحصول على قبول من المؤسسات التعليمية وتذليل العقبات التي تواجههم، واستكمال أوجه النقص لديهم كالقدرة اللغوية والمهارات الشخصية.
ويقيم البرنامج ورش عمل تدريبية لتطوير مواهبهم وتزويدهم بالقدرات والمهارات اللازمة لإكمال دراستهم، وتمكينهم من الالتقاء بالخبراء المختصين في المجالات المتعلقة بالبعثة، وتوفير الوقت والجهد على الطلاب ودعمهم بكل الخدمات التي تتطلبها عملية تسجيلهم، كالتدريب على كتابة النبذة الشخصية، وتجهيز الملف الشخصي بأسلوب صحيح، إضافة إلى التدريب على تجارب الأداء الحي، إن تطلب التخصص المراد دراسته ذلك.
وستكون المنصة الإلكترونية مفتوحة لاستقبال طلبات الالتحاق بالبرنامج في أي وقت، وتتم مراحل القبول وفق آلية ثابتة وفي فترة زمنية محددة موضحة بالتفصيل، تبدأ من تقديم الطالب لنموذج الطلب وتنتهي بقبول الطلب بعد أن تطابق إدارة البرنامج مستندات مقدم الطلب ومدى ملاءمته لشروط البرنامج المعلنة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».