كيف تنظر القيادات الليبية لمقترح «الرقابة الدولية لإقرار هدنة»؟

تساؤلات في صفوف «الجيش» و«الوفاق» حول «حيادية» المراقبين للملف الليبي

حفتر لدى وصوله إلى مقر إقامته في برلين أمس (أ.ف.ب)
حفتر لدى وصوله إلى مقر إقامته في برلين أمس (أ.ف.ب)
TT

كيف تنظر القيادات الليبية لمقترح «الرقابة الدولية لإقرار هدنة»؟

حفتر لدى وصوله إلى مقر إقامته في برلين أمس (أ.ف.ب)
حفتر لدى وصوله إلى مقر إقامته في برلين أمس (أ.ف.ب)

رغم محاولة الحكومة الألمانية تقليل التوقعات فيما يتعلق بمؤتمر برلين حول الأزمة الليبية، عبر وصفها بأنه «مجرد بداية ولبنة أولى على طريق الحل السياسي»؛ فإن الجميع يترقب من الآن ماذا يمكن أن تسفر عنه مخرجات وقرارات هذا المؤتمر، تحديداً فيما يتعلق بإقرار هدنة طويلة الأمد بين طرفي الصراع العسكري الراهن، تحت إشراف ومراقبة قوات أممية، خصوصاً أن الغموض يكتنف مصير الهدنة الراهنة، التي أعلنت مساء السبت الماضي في ظل تبادل الطرفين الاتهامات بخرقها.
وكما هو متوقع تباينت آراء طرفي الصراع الليبي، أي قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وعدد من الميليشيات المسلحة الموالية له حول هذا المقترح، الذي يتوقع أن تتضمنه بنود وترتيبات بمسودة البيان الختامي للمؤتمر مساء اليوم.
وأكد مسؤول عسكري بالجيش الوطني أن «الأمر قد يكون مقبولاً؛ إذا كانت القوات التي سيتم إرسالها خاضعة للإشراف الأممي، ومن دول يوصف موقفها بالمحايد بالنسبة للملف الليبي. أما الدول التي تعتبرها القيادة العامة للجيش دولاً داعمة للإرهاب فمشاركتها مرفوضة، شكلاً وموضوعاً».
وكان حفتر قد رفض قبل أيام في موسكو توقيع بنود مبادرة رعتها الأخيرة، لتضمنها جزئياً إشراك تركيا، التي يعدّها «شريكاً بالقتال في معركة العاصمة، وجزءاً أساسياً من الأزمة، في عملية الإشراف على وقف إطلاق النار».
وأشار المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «مقترح إيطاليا إرسال قوات من جانبها لمراقبة عملية السلام في ليبيا، أمر لا يمكن قبوله من قبل القيادة العامة للجيش، كون إيطاليا لاعباً أساسياً في الأزمة الليبية، ولا يمكن بأي حال اعتبار دورها محايداً»، لافتاً إلى أن اقتراحها بإرسال قوات في هذا التوقيت جاء «لتعارض مصالحها مع مصالح تركيا، التي يرصد الجميع تعمق دورها، بل وتغوله في المشهد الليبي الراهن».
أما يوسف العجوري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الليبي (طبرق)، فقد دعا لضرورة مشاركة جامعة الدول العربية بتنفيذ هذا المقترح، إذا تم إقراره والتوافق حوله، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه على جامعة الدول العربية «التصدي لهذا الأمر، ويجب أن يكون دورها مفصلياً فيه. ونحن نفضل أن تكون القوات المرسلة عربية، لأن وجود قوات أجنبية على الأراضي الليبية قد يعقّد الأزمة، ويضاعف التوترات. كما ينبغي التأكد من هوية ومواقف الدول التي ستشارك بإرسال قواتها لبلادنا، هل هي دول صديقة أم محايدة أم دولة عدوة؟»، موضحاً أنه ينبغي أن تعرض تفاصيل أي مقترح للحل، بما في ذلك الترتيبات الأمنية المتعلقة بوقف إطلاق النار الدائم طبقاً للمقترح، أو الاتفاق الأممي.
على الجانب الآخر، رأى مصطفى المجعي، الناطق باسم عملية «بركان الغضب»، التابعة لحكومة الوفاق، أن «هدنة طويلة الأمد لن تكون محل خلاف؛ لكن الأساس هو معرفة الترتيبات التي تصاحبها أو تسبقها، كانسحاب القوات المعادية من العاصمة، ثم يتم التركيز بعد ذلك على مناقشة تفاصيل وترتيبات الحل الأمني».
أما جلال الشويهدي، عضو مجلس النواب الليبي (طرابلس)، فدعا لعدم رفع سقف الطموحات المنتظرة لمخرجات مؤتمر برلين فيما يتعلق بحل الأزمة الليبية، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «أغلبية مجلس النواب في طرابلس لن تعارض أي توجه يؤدي لوقف نزيف الدماء، وإن ظل الرأي الأول والأخير فيما يتعلق بالترتيبات المتعلقة بوقف إطلاق نار دائم، حتى لو كان تحت إشراف أممي، يعود بالدرجة الأولى للقيادات العسكرية ورئاسة حكومة الوفاق، مع مناقشة التفاصيل بالبرلمان؛ لكننا لسنا متفائلين بمؤتمر برلين، كون أن الآلية التي يتحرك بها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، أحد أركان هذا المؤتمر، غير صحيحة، ويوجد حولها عدد من الشبهات، وفي مقدمتها انحيازه للطرف الآخر، وتبني أطروحاته فيما يتعلق بترتيبات المشهد السياسي في ليبيا».
بدوره، أكد سالم أقنان، عضو مجلس النواب (بطرابلس) عدم اعتراضه على المقرح الأممي، إذا تم إقراره بمؤتمر برلين، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أنه «طالما سيتم إرسال قوات متعددة الجنسيات، فالأمر مقبول، مع ضرورة معرفة كل التفاصيل، وهل ستتراجع القوات المعادية التي تقدمت بالعاصمة إلى مواقعها قبل أبريل (نيسان) الماضي، أم لا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».