رغم محاولة الحكومة الألمانية تقليل التوقعات فيما يتعلق بمؤتمر برلين حول الأزمة الليبية، عبر وصفها بأنه «مجرد بداية ولبنة أولى على طريق الحل السياسي»؛ فإن الجميع يترقب من الآن ماذا يمكن أن تسفر عنه مخرجات وقرارات هذا المؤتمر، تحديداً فيما يتعلق بإقرار هدنة طويلة الأمد بين طرفي الصراع العسكري الراهن، تحت إشراف ومراقبة قوات أممية، خصوصاً أن الغموض يكتنف مصير الهدنة الراهنة، التي أعلنت مساء السبت الماضي في ظل تبادل الطرفين الاتهامات بخرقها.
وكما هو متوقع تباينت آراء طرفي الصراع الليبي، أي قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وعدد من الميليشيات المسلحة الموالية له حول هذا المقترح، الذي يتوقع أن تتضمنه بنود وترتيبات بمسودة البيان الختامي للمؤتمر مساء اليوم.
وأكد مسؤول عسكري بالجيش الوطني أن «الأمر قد يكون مقبولاً؛ إذا كانت القوات التي سيتم إرسالها خاضعة للإشراف الأممي، ومن دول يوصف موقفها بالمحايد بالنسبة للملف الليبي. أما الدول التي تعتبرها القيادة العامة للجيش دولاً داعمة للإرهاب فمشاركتها مرفوضة، شكلاً وموضوعاً».
وكان حفتر قد رفض قبل أيام في موسكو توقيع بنود مبادرة رعتها الأخيرة، لتضمنها جزئياً إشراك تركيا، التي يعدّها «شريكاً بالقتال في معركة العاصمة، وجزءاً أساسياً من الأزمة، في عملية الإشراف على وقف إطلاق النار».
وأشار المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «مقترح إيطاليا إرسال قوات من جانبها لمراقبة عملية السلام في ليبيا، أمر لا يمكن قبوله من قبل القيادة العامة للجيش، كون إيطاليا لاعباً أساسياً في الأزمة الليبية، ولا يمكن بأي حال اعتبار دورها محايداً»، لافتاً إلى أن اقتراحها بإرسال قوات في هذا التوقيت جاء «لتعارض مصالحها مع مصالح تركيا، التي يرصد الجميع تعمق دورها، بل وتغوله في المشهد الليبي الراهن».
أما يوسف العجوري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الليبي (طبرق)، فقد دعا لضرورة مشاركة جامعة الدول العربية بتنفيذ هذا المقترح، إذا تم إقراره والتوافق حوله، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه على جامعة الدول العربية «التصدي لهذا الأمر، ويجب أن يكون دورها مفصلياً فيه. ونحن نفضل أن تكون القوات المرسلة عربية، لأن وجود قوات أجنبية على الأراضي الليبية قد يعقّد الأزمة، ويضاعف التوترات. كما ينبغي التأكد من هوية ومواقف الدول التي ستشارك بإرسال قواتها لبلادنا، هل هي دول صديقة أم محايدة أم دولة عدوة؟»، موضحاً أنه ينبغي أن تعرض تفاصيل أي مقترح للحل، بما في ذلك الترتيبات الأمنية المتعلقة بوقف إطلاق النار الدائم طبقاً للمقترح، أو الاتفاق الأممي.
على الجانب الآخر، رأى مصطفى المجعي، الناطق باسم عملية «بركان الغضب»، التابعة لحكومة الوفاق، أن «هدنة طويلة الأمد لن تكون محل خلاف؛ لكن الأساس هو معرفة الترتيبات التي تصاحبها أو تسبقها، كانسحاب القوات المعادية من العاصمة، ثم يتم التركيز بعد ذلك على مناقشة تفاصيل وترتيبات الحل الأمني».
أما جلال الشويهدي، عضو مجلس النواب الليبي (طرابلس)، فدعا لعدم رفع سقف الطموحات المنتظرة لمخرجات مؤتمر برلين فيما يتعلق بحل الأزمة الليبية، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «أغلبية مجلس النواب في طرابلس لن تعارض أي توجه يؤدي لوقف نزيف الدماء، وإن ظل الرأي الأول والأخير فيما يتعلق بالترتيبات المتعلقة بوقف إطلاق نار دائم، حتى لو كان تحت إشراف أممي، يعود بالدرجة الأولى للقيادات العسكرية ورئاسة حكومة الوفاق، مع مناقشة التفاصيل بالبرلمان؛ لكننا لسنا متفائلين بمؤتمر برلين، كون أن الآلية التي يتحرك بها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، أحد أركان هذا المؤتمر، غير صحيحة، ويوجد حولها عدد من الشبهات، وفي مقدمتها انحيازه للطرف الآخر، وتبني أطروحاته فيما يتعلق بترتيبات المشهد السياسي في ليبيا».
بدوره، أكد سالم أقنان، عضو مجلس النواب (بطرابلس) عدم اعتراضه على المقرح الأممي، إذا تم إقراره بمؤتمر برلين، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أنه «طالما سيتم إرسال قوات متعددة الجنسيات، فالأمر مقبول، مع ضرورة معرفة كل التفاصيل، وهل ستتراجع القوات المعادية التي تقدمت بالعاصمة إلى مواقعها قبل أبريل (نيسان) الماضي، أم لا».
كيف تنظر القيادات الليبية لمقترح «الرقابة الدولية لإقرار هدنة»؟
تساؤلات في صفوف «الجيش» و«الوفاق» حول «حيادية» المراقبين للملف الليبي
كيف تنظر القيادات الليبية لمقترح «الرقابة الدولية لإقرار هدنة»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة