«حريم السلطان» للسيدات فقط

أول مطعم يمنع دخول الرجال في لندن

عصائر طازجة في أجواء أنثوية بامتياز
عصائر طازجة في أجواء أنثوية بامتياز
TT

«حريم السلطان» للسيدات فقط

عصائر طازجة في أجواء أنثوية بامتياز
عصائر طازجة في أجواء أنثوية بامتياز

المطاعم العربية في لندن كثيرة، وازداد عددها في الآونة الأخيرة في «بارك رويال» Park Royal التي تشتهر كونها منطقة صناعية توجد بها مصانع كبرى ومخابز عربية، وأصبحت في الآونة الأخيرة مرتعاً للعرب بعيداً عن وسط لندن، وتركز المطاعم العربية فيها على تقديم الشيشة إلى جانب المأكولات الشرقية. وفي الحقيقة، فجميع المطاعم في هذه المنطقة تتشابه من حيث المبدأ والأسلوب إلى أن جاءت سيدة سورية وكسرت المألوف وافتتحت مطعماً مخصصاً للنساء فقط يمنع دخول الصنف الخشن إليه عمالاً وزواراً وذواقة.
نسرين إسطنبولي انتقلت للعيش في لندن مع عائلتها منذ 23 عاماً، ولدت في إدلب السورية ودرست تصميم الديكور وعملت في هذا المجال إلى أن سنحت لها الفرصة لامتلاك المطعم الذي كان في السابق مقهى عادياً، زوجها يعمل في مكان قريب وأخبرها منذ نحو السنة بأن المقهى برسم الاستثمار، فوافقت على خوض تجربة جديدة ليس فقط في عالم الطهي، بل في الفكرة بحد ذاتها، فقررت بأن يكون المطعم مخصصاً للسيدات فقط؛ لأنها امرأة اجتماعية جداً وكانت تقيم الكثير من الحفلات لصديقاتها وكن يذهبن دائماً إلى المقاهي التي تقدم الفطور، لكن لطالما شعرت إسطنبولي بأن هناك نوعاً من الخصوصية غير موجود في تلك الجلسات، فصارحت زوجها بالفكرة فاستغربها في بادئ الأمر، لكنه بارك لها وافتتحت المطعم الذي أطلقت عليه اسم «حريم السلطان» في الخامس عشر من مارس (آذار) 2019.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قالت إسطنبولي إنها واجهت الكثير من الانتقادات في بداية افتتاحها المطعم، ولا سيما من الرجال العرب، الذين رأوا بأن الفكرة فيها نوع من التحيز للمرأة، لدرجة أن بعضهم وصفها بالعنصرية والتعصب للجنس اللطيف.
لكن من وجهة نظر إسطنبولي؛ فالفكرة ليست مبنية على أي مبدأ عنصري، وليست سوى حاجة للسيدات تمكنهن من الشعور بالراحة، خاصة أن البيوت في لندن ليست كبيرة الحجم، وبالتالي من الصعب تلاقي عدد كبير من الصديقات وإجراء الحفلات الخاصة في المنازل.
وعن سؤالنا عما إذا كان المطعم جاذباً للمحجبات فقط، أجابت نسرين بأن المطعم يستقبل الأجنبيات والسيدات العربيات غير المحجبات بنسبة تتفوق على المحجبات منهن، والسبب هو الجو المريح والمأكولات الشامية التي تقدم في المطعم الذي تعمل فيه سيدات فقط، ثلاث في المطبخ، إضافة إلى سيدة تهتم بتحضير الشيشة.
وتقوم نسرين بطهي المأكولات بنفسها، فهي ليست طاهية بالأساس إلا أنها تعشق الطهي وهي ربة منزل من الطراز الأول بحسب رأي أهلها وأصدقائها، طعامها يضم الكثير من المأكولات التقليدية واليخنات السورية وأنواع الكبة التي يجهلها الكثير من الناس حتى بعض السوريات.
لائحة الطعام تضم الكثير من أطباق المازة الشرقية إلى جانب أطباق مبتكرة، مثل «فتوش حريم السلطان»، و«تبولة حريم السلطان»، كما تقدم يومياً أطباقاً خاصة من طبخات المنزل مثل الكبة بلبن والأرز مع الدجاج، وغيرها.
نكهة الطعام التي تتذوقه في «حريم السلطان» هي السبب الذي يجعل السيدات يعاودن الزيارة في المقام الأول، وتأتي الخصوصية في المقام الثاني.
وبحسب نسرين، تكثر الحجوزات فترة المساء للاحتفال بأعياد الميلاد والمناسبات الخاصة في أجواء مرحة، ويتم استقدام «دي جي» سيدة أيضاً تقوم بتولي مهمة اختيار الأغاني.
المطعم ليس كبير الحجم وتنوي نسرين تكبيره وإجراء بعض التغييرات عليه، ديكوره أنثوي يطغى عليه اللون الوردي، وأهم ما فيه جدارية عملاقة عليها صورة امرأة شرقية تذكرك بألف ليلة وليلة، جلسات مريحة وخلال الحفلات الخاصة تقوم نسرين بفتح السقف في المطعم وتطلق من الداخل الألعاب النارية التي تضوي سماء المنطقة.
فكرة المطعم جميلة للسيدات الباحثات عن الراحة والخصوصية، ولكي تثبت نسرين بأن الفكرة لا تقلل من شأن الرجل فهي تسمح بدخول العائلات والأزواج خلال شهر رمضان والأعياد، وكل يومي جمعة وسبت تقدم حفلاً خاصة ولائحة طعام Set Menu لقاء مبلغ 30 جنيهاً إسترلينياً يشمل المازة والطبق الرئيس والحلوى ومرطبات.
وتسعى نسرين حالياً للتأكيد لزبائنها بأن المطعم مفتوح من الصباح للفطور وفترة الغداء والعشاء؛ لأنها تشعر بأن هناك نوعاً من اللغط بما يخص مسألة الحجوزات.
وبما أن المنطقة المحيطة بالمطعم مكتظة جداً بالسيارات؛ يتولى أحدهم مهمة ركن السيارات على طريقة الـ«فاليه» لكي تسهل الأمور للسيدات اللاتي يأتين بسياراتهن.
الجميل في «حريم السلطان» أنه يشعرك وكأنك في بيت شامي، فالمأكولات لذيذة جديداً وفيها نَفَس منزلي، وتساعد بنات نسرين في تقديم الطعام، وهذا ما يجعل المكان أكثر جاذبية.
وفي النهاية، تقول نسرين إن اسم المطعم يعني - في نظرها - إن المرأة التي تأتي إلى المطعم ستكون سلطانة وتعامل معاملة السلطانة، وفسرت ذلك لكي تتفادى اللغط، بعدما فسرت بعض السيدات بأن الاسم مسيء للمرأة.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.