إقصاء تونس عن مؤتمر برلين يثير تساؤلات حول تأثيرها الدبلوماسي

TT

إقصاء تونس عن مؤتمر برلين يثير تساؤلات حول تأثيرها الدبلوماسي

لم تشمل قائمة الدول التي دعتها ألمانيا للمشاركة في المؤتمر، المقرر عقده الأحد المقبل في برلين حول الأزمة الليبية، دولة تونس، رغم أنها مجاورة لهذا البلد الذي تعمه الفوضى، وهو ما خلف تساؤلات كثيرة داخل الأوساط والقيادات السياسية التونسية، حول أسباب وسر هذا الإقصاء عن مؤتمر يهم بلادهم بشكل مباشر، باعتبارها من بين أهم دول الجوار التي تتأثر مباشرة بالوضع السياسي والأمني المتأزم في ليبيا.
وما يبرر هذه التساؤلات هو أن الرئيس التونسي قيس سعيد أجرى اتصالاً هاتفياً الأسبوع الماضي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أكدا فيه وجود مشاورات حول إشراك تونس في مؤتمر برلين، ولذلك اعتبر «اختفاء» اسم تونس من قائمة الدول المشاركة غير مبرر وغير مفهوم، وخلف في الوقت نفسه جدلاً سياسياً حاداً حول مدى فاعلية ونجاعة الدبلوماسية التونسية، ودفاعها عن مصالحها، ومدى تأثير التأخير في تشكيل الحكومة الجديدة على القرار الألماني.
وفي هذا السياق، لم يستبعد أحمد ونيس، وزير الخارجية التونسية السابق، عرقلة دول بعينها حضور تونس مؤتمر برلين، لافتاً الانتباه إلى أهمية حفاظ تونس على المسافة نفسها من جميع الأطراف الليبية المتنازعة، وتمسكها بفرض الحل السياسي التفاوضي في تواصل لمبدأ الحياد، الذي عرفته الدبلوماسية التونسية منذ عقود من الزمن.
واعتبر ونيس أن الحضور التركي على الساحة الليبية قلب المعادلة السياسية والميدانية، ما جعل عدة قوى سياسية، وفي مقدمتها روسيا وألمانيا تولي اهتماماً إضافياً للأزمة في ليبيا المجاورة.
ومن ناحيته، فسر طارق الكحلاوي، المدير السابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، عدم دعوة تونس لحضور مؤتمر برلين، بـ«استهداف ألمانيا للدول الأجنبية المتداخلة عسكرياً في ليبيا، وهو ما قد يعطي تفسيراً يمكن قبوله بخصوص استبعاد تونس من المؤتمر»، على حد تعبيره.
وكانت وجوه سياسية ونخب تونسية قد عبرت عن امتعاضها من تغييب تونس عن حضور مؤتمر برلين، في الوقت الذي تتأهب فيه القوات التونسية العسكرية والمستشفيات الواقعة جنوب شرقي تونس لكل التطورات المحتملة على الميدان في ليبيا المجاورة.
يذكر أن ألمانيا وجهت الدعوة إلى فائز السراج رئيس حكومة الوفاق، وخليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، وممثلين عن الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وتركيا، ومصر، والصين، وإيطاليا، وفرنسا، والجزائر، والإمارات، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي. وستقتصر المشاركة - وفق بيان للحكومة الألمانية - على مستوى رؤساء الحكومات والدول فقط.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.