فيلم {ذيب} الأردني يبحث مرحلة أفول الإمبراطورية العثمانية

{الشرق الأوسط} تلتقي مع مخرجه ناجي أبو نوار قبل عرضه في مهرجان أبوظبي

جاسر عيد لم يسبق له التمثيل من قبل
جاسر عيد لم يسبق له التمثيل من قبل
TT

فيلم {ذيب} الأردني يبحث مرحلة أفول الإمبراطورية العثمانية

جاسر عيد لم يسبق له التمثيل من قبل
جاسر عيد لم يسبق له التمثيل من قبل

حاز فيلم ذيب، وهو أول فيلم روائي للمخرج الأردني ناجي أبو نوار، الذي فاز بجائزة أوريزونتي في مهرجان البندقية السينمائي الدولي، على تزكية خاصة من قبل مهرجان لندن السينمائي الدولي خلال الأسبوع الماضي قبل أن ينتقل إلى وجهته التالية وهي مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي.
تلك القصة التي تنتقل بالبطل من مرحلة الطفولة إلى الشباب تدور حول صبي بدوي، يدعى ذيب، ويلعب الدور الطفل جاسر عيد، وهي أولى تجاربه في التمثيل. ويحكي الفيلم قصة الصبي وهو يرحل بعيدا عن طفولته البريئة، مواجها الوقائع الرهيبة على طول رحلته عشية اندلاع الثورة العربية في عام 1916. ولازم أبو نوار، مؤلف قصة الفيلم ومخرجها، طموحه من حيث البقاء ملتزما بقدر الإمكان بالثقافة البدوية لتلك الفترة. وكان اختيار شخصيات الفيلم بالكامل من البدو غير الممثلين جزءا من ذلك الالتزام.
ويفسر أبو نوار التزامه ذلك حين يقول: «إن لهجتهم تعود إلى الثقافة البدوية لتلك الفترة. إنها لهجة خاصة للغاية. حتى أننا وضعنا ترجمة باللغة العربية الفصحى من أجل عرض الفيلم في العالم العربي، وذلك لأن معظم الناس، حتى في عمان نفسها، لن يتمكنوا من فهم لهجة الفيلم بسهولة».
وتم تصوير الفيلم بشكل مذهل في ذات المواقع الصحراوية التي صُور فيها من قبل الفيلم الكلاسيكي لورانس العرب. ويدور الفيلم على خلفية التغيرات التاريخية الكبيرة التي شهدتها الإمبراطورية العثمانية. ويتابع المشاهدون الصبي ذيب من مدينة الجوف، الحالية، بشمال السعودية، حيث يتوجه شمالا إلى وادي رام في الأردن باتجاه معن. ويوجه المخرج أبو نوار سؤاله من خلال شخصيات الفيلم: «من هي الشخصيات الحقيقية على أرض الواقع؟ حيث لم يكن لورانس في أرض المعركة، فمن كان؟».
وتأتي ممارسات الفيلم التاريخية مقترنة بامتزاجات الصناعة الملحمية للقصة مع التمثيل العفوي التلقائي مما يقدم حالة إنتاجية فريدة. ويوضح أبو نوار تجربته فيقول: «لم يستغرق التصوير قدرا كبيرا من الزمن، غير أن الإعداد استغرق عامين ثم عامين آخرين في الموقع». إن اختيار البدو من المنطقة التي يجري فيها تصوير الفيلم يعني أن الكثير من التدريب بات لازما. وانتقال ذلك النوع من الفنون إلى تلك المنطقة كان في حد ذاته أحد التحديات. ويستطرد قائلا: «إنهم لا يهتمون كثيرا بالتمثيل، فهو لا يمثل جزءا من حياتهم الاعتيادية. لذا كنت مهتما للغاية بأن يكون أول أسبوعين من ورش التمثيل في غاية الإمتاع والبهجة بقدر الإمكان حتى أضمن مجيئهم في اليوم التالي».
ويوضح أبو نوار واصفا التعب والمشقة في عمليات البحث الأولية «طرقنا أبواب كافة القرى في المنطقة وتقابلنا مع الكثير من الناس، ثم دعوناهم إلى تناول الشاي لدى منزل شيخ القبيلة أو في مكان عام». وبعد تلك الدعوة المفتوحة إلى الناس في المنطقة، كان على فريق الإنتاج اختيار 11 شخصية فقط من بين 250 فردا. «عقدنا لهم ورشة تمثيل لمدة 8 أشهر لتدريبهم على فنون التمثيل من أجل تصوير الفيلم».
أما بالنسبة للملابس وغير ذلك من فنون الإخراج، كان يتعين إجراء نوعية مختلفة من البحوث. حيث يقول أوضح أبو نوار «شاهدت الكثير من الصور التاريخية. حيث تعتمد الملابس على الصور الأرشيفية للفترة بين عام 1905 وحتى عام 1920. وتحديدا الصور التي التقطها أناس مثل الرحالة الإنجليزية جيرترود بيل، التي تجولت في المنطقة في تلك الفترة. ويقبع أرشيف الصور الخاص بها لدى جامعة نيوكاسل الإنجليزية وكان علي أيضا استشارة مكتبة الكونغرس الأميركية، التي تحتفظ بأرشيف رائع فعلا من الصور».
نتيجة لتلك الجهود، قّدم فيلم ذيب قصة دافئة ذات إنتاج جذاب لتخرج بفيلم كبير حقا. لا تزال صور الصحراء الشمالية السعودية تتمتع بميزة فريدة على شاشة السينما، مثل تصوير الحياة، والثقافة، واللغة، والتاريخ البدوي. وتعرض الصور المعقدة للصحاري الجبلية الأردنية مقدمات رائعة وتومئ نحو الحبكة الدرامية الأصلية التي نتابع فصولها من خلال براءة الصبي ذيب. تقف تلك الوثيقة الثقافية الفريدة كعلامة مميزة من علامات السينما العربية، حيث تغطي أرضية جديدة وتخلق نماذج جديدة من حيث ما يمكن فعله من خلال الإنتاج هناك. يقول أبو نوار، بمزيد من التواضع الذي بلا شك قد مهد له طريقه إلى اقتحام المجالات غير المطروقة مسبقا من السينما «أرجو أن يكون الفيلم مثار إلهام لصناع الأفلام حتى يخرجوا علينا بالمزيد منها».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».