الأمم المتحدة تدرس آلية رصد «محايدة» لوقف النار

TT

الأمم المتحدة تدرس آلية رصد «محايدة» لوقف النار

كشف مسؤولون ودبلوماسيون في الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» أن البعثة الدولية في ليبيا «أنسميل» تسجل الانتهاكات التي تحصل لوقف النار الذي جرى التوصل إليه أخيراً في البلاد. غير أن المراقبة الفاعلة «تحتاج إلى آلية رصد وتنفيذ محايدة» ولكن «غير مسلحة» و«ليست بزي عسكري».
وشبه البعض أي مهمة طارئة كهذه بلجنة تنسيق إعادة الانتشار (أونمها) لتنفيذ اتفاق الحديدة في اليمن.
ورداً على أسئلة من «الشرق الأوسط»، أفاد الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في مؤتمره الصحافي اليومي، بأن الأمين العام «يحض الأطراف الليبية على مواصلة التزام وقف النار الذي بدأ في 12 يناير (كانون الثاني) الجاري»، مضيفاً أن المؤتمر الدولي الخاص بليبيا (أي قمة برلين) المقررة في 19 يناير «لمرافقة» مبادرة الخطوات الثلاث التي اقترحها رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل» المبعوث الخاص للأمين العام غسان سلامة، يهدف إلى «إظهار الوحدة الدولية لدعم استئناف العملية السياسية بين الليبيين، وإنهاء التدخل الأجنبي، والوصول إلى احترام تام لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة». وأكد أنه «من أجل وقف النار في ليبيا، يجب أن تكون هناك آلية رصد وتنفيذ محايدة وكذلك تدابير لبناء الثقة»، موضحاً أن «أنسميل تقوم حالياً بتسجيل والتحقق من انتهاكات وقف النار المبلغ عنها».
وعن الوضع الإنساني في ليبيا، نقل دوجاريك عن العاملين في المنظمة الدولية للهجرة أن هناك «زيادة مفاجئة في عدد المهاجرين الذين يغادرون ليبيا»، موضحاً أن «أكثر من ألف شخص غادروا البلاد عن طريق البحر منذ 1 يناير. وأعيد أكثر من 950 بينهم، بما في ذلك 136 امرأة و85 طفلاً، إلى السواحل الليبية ونقلوا إلى مراكز احتجاز، معظمها في طرابلس». وقال المهاجرون الذين تحدثوا إلى موظفي المنظمة الدولية للهجرة إن «التصعيد في الأعمال العدائية في العاصمة وحولها، وتدهور الوضع الإنساني كانا السببين الرئيسيين لمحاولتهم الرحيل». وأفادت المنظمة بأن «الزيادة في عدد المغادرين تثير القلق بشكل خاص، بالنظر إلى محدودية قدرة البحث والإنقاذ في البحر المتوسط». وطالبت بـ«تفكيك نظام الاعتقال والإطلاق المنظم للمهاجرين»، مضيفة أنه «يجب إيجاد حلول بديلة لحماية الأرواح لتخفيف معاناة الآلاف من الرجال والنساء والأطفال المحتجزين في ظروف غير إنسانية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.