تلويح ياباني بربط مساعدة لبنان بمحاكمة غصن

رجل الأعمال الفارّ طالب شركة «رينو» بدفع تعويضات

TT

تلويح ياباني بربط مساعدة لبنان بمحاكمة غصن

علمت «الشرق الأوسط» أن اليابان لوّحت بربط مساعداتها المقررة للبنان في إطار مؤتمر «سيدر» الدولي للمانحين لدعم الاقتصاد اللبناني، بمحاكمة بيروت رئيس شركة «نيسان» السابق كارلوس غصن، الذي فرّ من الإقامة الجبرية في طوكيو حيث يلاحقه القضاء بتهم فساد.
وكشفت مصادر في وزارة الخارجية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، أن تقريراً ورد إلى بيروت من طوكيو يفيد بأن السلطات المختصة في اليابان «ترصد كيفية تعاطي لبنان مع غصن، وهي راضية لمنعه من السفر وبدء التحقيق معه». كما أن «الدوائر القضائية اليابانية تعدّ ما طلبته النيابة العامة التمييزية اللبنانية من وثائق حول أسباب سجن غص ثم السماح له بالإقامة الجبرية في طوكيو بانتظار محاكمته».
وأوحى التقرير في الختام بأن على لبنان التعاون ومحاكمة غصن في الاتهامات التي تلاحقه في اليابان، وورد «تلميح إلى تجميد المساعدات المالية التي خصصتها طوكيو لمؤتمر (سيدر) وكذلك الدعم المالي في مجالات أخرى زراعية وإنمائية وما شابه»، ما لم يحدث ذلك، حسب أحد المصادر.
وعُلم أيضاً أن السفير الياباني في بيروت نقل إلى الرئيس اللبناني ميشال عون وإلى وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، أكثر من مرة «الأهمية التي توليها بلاده لمعرفة كيفية فرار غصن من طوكيو والخط الجوي الذي سلكه عبر إسطنبول للوصول إلى بيروت»، علماً بأن هذا الهرب شكّل عامل قلق لدى سلطات بلاده وأن تحقيقات كثيرة أجرتها الأجهزة الأمنية المختصة لم تتوصل إلى الرواية الكاملة. ولم يُخفِ السفير «الانزعاج القوي» لدى كبار المسؤولين من نجاح غصن في الفرار.
وطلب السفير مقابلة وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في «زيارة مجاملة»، لكنّ ذلك سيكون مناسبة للتطرق إلى مسألة هروب غصن.
وقال سفير لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن طوكيو امتنعت عن الإجابة عن مراسلات دبلوماسية أرسلتها بيروت للاستفسار عن صحة غصن وحاجاته الشخصية داخل الزنزانة، وقت احتجازه في طوكيو.
وتنتظر النيابة العامة التمييزية وصول نسخة من التحقيقات التي كان القضاء الياباني قد أجراها مع غصن منذ توقيفه بتهمة تزوير مستندات ورشى، بعدما نفذت النشرة الحمراء التي تلقتها من الإنتربول مرسلة من طوكيو تتضمن مذكرة توقيف غصن.
واستجوب مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، غصن، وأصدر قراراً بمنعه من السفر، وتسليم جواز سفره الفرنسي. ولفت مصدر وزاري إلى أن لبنان لم يقبل بطلب اليابان توقيف غصن وإعادته إلى طوكيو لاستكمال محاكمته، «لأنه ليست هناك اتفاقية استرداد للتعاون القضائي بين البلدين»، مشيراً إلى أن ما جرى هو «تنفيذ لما نصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقّعة من لبنان واليابان».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن صحيفة «لوفيغارو»، أمس، أن غصن قدّم باعتباره الرئيس السابق لشركة «رينو»، شكوى لمطالبة الشركة بدفع تعويضه التقاعدي. وأفاد مصدر من أوساط غصن بأنه حرك دعوى لدى «مجالس التحكيم في نزاعات العمل»، وهي هيئة التحكيم في الخلافات بين أرباب العمل والموظفين في بولوني - بيانكور، حيث مقر الشركة قرب باريس. وأكد متحدث باسم «رينو» أن الشركة تلقت في أواخر الشهر الماضي أمر «حضور إلى مجلس التحكيم في نزاعات العمل». وأشار الطرفان إلى أنه يُرتقب عقد جلسة في أواخر الشهر المقبل.
وتتعلق الدعوى بدفع تعويض تقاعد قدره 250 ألف يورو. ولم تدفع «رينو» هذا المبلغ بحجة أن غصن استقال من الشركة أواخر يناير (كانون الثاني) 2019 في وقت كان لا يزال قابعاً في السجن. إلا أن غصن الموجود حالياً في لبنان، يؤكد أنه غادر الشركة من دون الاستقالة بغية الحصول على حقوقه في التقاعد، في حين أنه كان في الواقع ممنوعاً من إدارة الشركة.
وتشير مصادر من أوساطه إلى وجود شكوى أخرى لدى المحكمة التجارية تهدف إلى الحصول على تعويضات تقاعد إضافية قدرها 774 ألف يورو سنوياً، إضافة إلى 380 ألف سهم مكافأة على أدائه.
وتقدّر قيمة هذه الأسهم التي مُنحت له بين عامي 2015 و2018 بشرط وجوده في الشركة بعد أربع سنوات، بنحو 15.5 مليون يورو، وفقاً للسعر الحالي لسهم «رينو».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.