تحذير روسي من استمرار انتهاك الهدنة

افتتاح ثلاثة معابر إنسانية في إدلب

TT

تحذير روسي من استمرار انتهاك الهدنة

حملت التصريحات الروسية حول افتتاح ثلاثة معابر «إنسانية» لخروج المدنيين من محافظة إدلب، بدءاً من اليوم، تأكيداً على تحميل الفصائل المسلحة في المنطقة مسؤولية تعثُّر الهدنة الهشة التي تم الإعلان عنها باتفاق روسي - تركي قبل أيام. وبالتزامن مع إطلاق حملة دعائية واسعة لحث المدنيين على مغادرة المدينة، تواصلت التحذيرات الروسية المتكررة من «استمرار انتهاك الهدنة» من جانب متشددين.
ودعت وزارة الدفاع الروسية المدنيين في المنطقة إلى استغلال فتح المعابر التي تبدأ نشاطها منتصف نهار اليوم، وأفاد مدير مركز «حميميم» للمصالحة، التابع لوزارة الدفاع الروسية، يوري بورينكوف، في بيان أصدره مساء أول من أمس (السبت)، أن الجيش السوري سيعمل مع القوات الروسية على تنظيم خروج المدنيين إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية السورية اعتباراً من الساعة 12:00 يوم 13 يناير (كانون الثاني)، مضيفاً أن العابر التي تم تجهيزها تقع في أبو الظهور والهبيط والحاضر.
وأوضح أن هذه المعابر تشمل على مراكز لتقديم الإسعافات والماء الصالح للشرب والغذاء الساخن والأدوية والمستلزمات الأساسية، مضيفاً أنه سيتمّ تخصيص وسائل نقل لإخراج الراغبين في الانسحاب من مناطق سيطرة المسلحين.
ووفقاً لمدير مركز حميميم، فسيجري إبلاغ السكان المحليين بنظام الخروج وعمل المعابر عن طريق رسائل نصية قصيرة ومنشورات وتقارير تلفزيونية وإذاعية.
وكان بورينكوف أعلن، في وقت سابق، عن بدء عمل نظام لوقف إطلاق النار في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، بموجب اتفاق تم التوصل إليه مع تركيا اعتباراً من الساعة 14:00 من الخميس الماضي. لكن إعلان المسؤول العسكري الروسي تزامن مع تسارع وتيرة البيانات الروسية حول «انتهاكات واسعة» للهدنة من جانب الفصائل المعارضة السورية. ولفتت وزارة الدفاع الروسية إلى تلقي «بلاغات متعددة من قبل المواطنين السوريين من مناطق سيطرة التشكيلات المسلحة في منطقة إدلب لخفض التصعيد، بطلب إعادتهم إلى بيوتهم الواقعة في الأراضي التي تم تحريرها من المسلحين».
وأعلن مصدر عسكري، أمس، أن الفصائل المسلحة استهدفت محيط مطار حلب الدولي ومطار النيرب العسكري بقذائف صاروخية. ووفقاً للمصدر، فإن نقاط تمركز القوات السورية، في محيط مطار النيرب العسكري بريف حلب الشرقي، تعرضت لقصف باستخدام قذائف صاروخية من طراز «غراد».
وكانت وزارة الدفاع أشارت إلى أن القوات الحكومية تصدّت، صباح السبت، لهجوم شنه مئات المسلحين بالقرب من بلدة جرجناز بريف إدلب. وقال الناطق العسكري إن نحو 200 مسلح شاركوا في الهجوم، مستخدمين 30 سيارة «بيك آب» مزودة بمدافع رشاشة ذات أعيرة كبيرة. وأشار إلى أن قوات الجيش تصدت للهجوم، وأرغمت المسلحين على التراجع إلى مواقعهم السابقة.
ووفقاً للبيان، فإن العسكريين الروس رصدوا 31 عملية قصف من قبل الفصائل المسلحة خلال الساعات الـ24 الماضية، مع الإشارة إلى أن القوات الحكومية السورية «توقفت عن الأعمال القتالية في إدلب ولم يتم استخدام الطيران الحربي في هذه المنطقة». وقال بورينكوف: «على الرغم من ذلك، فإن التشكيلات المسلحة غير الشرعية لم تتخلّ عن قصف مواقع القوات المسلحة للجمهورية العربية السورية والبلدات السكنية المسالمة، مستفزة القوة الحكومة لشن عمليات جوابية».
وتزامنت التحذيرات الروسية من وقوع استفزازات قد تعرقل عمل المعابر الإنسانية، مع تركيز وسائل إعلام على حملة واسعة أطلقتها القوات الحكومية لإقناع المدنيين بمغادرة إدلب، ونقلت أن مروحيات الجيش السوري، ألقت، أمس، قصاصات ورقية فوق ريفي إدلب وحلب تحث المدنيين المقيمين في مناطق سيطرة تنظيم جبهة النصرة وحلفائه من التنظيمات الأخرى، على التوجه نحو المعابر الإنسانية لـ«الانتقال إلى مناطق سيطرة الدولة السورية».
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الحكومية الروسية أن القصاصات الورقية حملت رسائل إلى أهالي المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيمات الإرهابية تناشدهم مغادرة هذه المناطق باتجاه المعابر الإنسانية التي جهزتها الدولة السورية في ريفي المحافظتين، والتي ستكون جاهزة لاستقبالهم اعتباراً من الاثنين بعد توفير جميع المستلزمات الطبية والغذائية اللازمة لضمان خروج المدنيين من مناطق سيطرة المجموعات المسلحة باتجاه مناطق سيطرة الجيش السوري.
وأضاف المراسل أن الجيش السوري أكد للمدنيين في المنشورات «سعي التنظيمات الإرهابية إلى اتخاذهم دروعاً بشرية لمنع تقدم الجيش السوري، وأن قرار تطهير المنطقة من الإرهابين القتلة اتُّخذ ولا رجعة فيه»، مطالباً المدنيين بـ«مساعدة عناصر الجيش السوري في تحقيق النصر على الإرهاب».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».