تفاقم المشكلات الحياتية أعاد اللبنانيين إلى الشارع

TT

تفاقم المشكلات الحياتية أعاد اللبنانيين إلى الشارع

عادت المظاهرات بزخم بعد انحسار وتحركات محدودة، إلى عدد من المناطق اللبنانية، بالتزامن مع فشل تام لإجراءات الطبقة السياسية، إن لجهة تشكيل الحكومة أو لجهة مواجهة الأزمات المعيشية المتفاقمة. لكن أفق التحرك الشعبي ورؤيته للمرحلة المقبلة لا تزال غير واضحة.
فالدينامية التي رافقت الأيام الأولى لهذا التحرك منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصيبت بأكثر من «نكسة»، ما يتطلب وفق أحد الناشطين «تنظيم جلسة محاسبة لتصويب المسارات، ووضع أسئلة محددة تتعلق بالمطالب، سواء لجهة المطالبة بالدولة المدنية وتغيير الطبقة السياسية والتحقيق في حالات النهب الممنهج للمال العام. وهذا من شأنه أن يجدد التحركات الشعبية وتفعيلها لتحقيق مطالبها ووضع لبنان على خط مواجهة الانهيار بخطوات ثابتة».
يقول الناشط والأستاذ الجامعي الدكتور وليد فخر الدين لـ«الشرق الأوسط» إن «تجدد المظاهرات ليس مستغرباً، فالجو العام في البلد لا يزال مستنفراً. طرد بعض المسؤولين من الأماكن العامة يشير إلى ذلك. كذلك التحركات باتجاه المؤسسات الرسمية والمصارف». ويضيف: «السبب الأهم يبقى الوضع الاقتصادي المتدهور، مع أزمات الغاز والمازوت والكهرباء، واشتداد قبضة المصارف على أموال المودعين وتفشي البطالة، مقابل التلكؤ في تأليف الحكومة. فقد كانت المعلومات تشير إلى احتمال صدور التشكيلة الحكومية قبل أسبوع. لكن مع تأزم الوضع وعدم وجود ما يشير إلى حلحلة على هذا الصعيد، عادت التحركات الشعبية إلى الشارع مع ارتفاع منسوب عدم الثقة بقدرة الطبقة السياسية الحالية على حل أي من الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون».
ولا يلغي فخر الدين تأثير التطورات الإقليمية، فيشير إلى أن «المظاهرات في بغداد ساعدت في تحفيز المتظاهرين اللبنانيين لاستعادة بعض الزخم الذي كان قد غاب، إن بفعل الأعياد مع انتهاء العام، أو بفعل الشتاء والمطر». ويشير إلى أن «التحركات ستستمر مع عدم وجود أي انفراج في المشهد العام، ولكن بأي وتيرة. الأمر ليس واضحاً».
ناشط آخر قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التحركات مستمرة ولم تتوقف منذ انطلاقتها، فنحن ندعو للتظاهر كل أسبوع ونجد من يلبي، وإن بوتيرة أقل مما كانت عليه. وذلك لأن الشعب اللبناني يأمل خيراً من تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة، الذي رفضته شرائح معينة لأسباب طائفية وليس انطلاقاً من المطالب الأساسية لثورة اللبنانيين، ومعاييره لم تكن واضحة. لذا انتظر الناس تأليف الحكومة للحكم عليها، مع رغبة بأن يحمل دياب فرصة لحل المشكلات الحياتية والاقتصادية فيتحسن الوضع».
لكن مع فشل الطبقة السياسية وتفاقم المشاكل وتضييق المصارف على المودعين ووصول الأزمة إلى الدواء والكهرباء والوقود، عاد اللبنانيون إلى الشارع، كأنهم أصبحوا على يقين بأن الشارع هو الحل الوحيد لمواجهة هذه السلطة.
وأضاف: «اليوم، نلاحظ أن هناك طبقة نزلت إلى الشارع بغضب أكبر، بعد أن خاب أملها من فترة السماح التي منحتها للطبقة السياسية». وتوقع الناشط أن «تتحول الحركة الشعبية إلى حركة عنف يسيِّرها الغضب بسبب تجاهل السلطة الخطر المحدق بالمواطنين، وإصرارها على المحاصصة وسلوكها غير المطمئن. ونحن نترقب هذه المرحلة».
وينفي الناشط أن «يكون غياب القيادة عن الحراك الشعبي سبب تراجع زخمها في الفترة السابقة»، مشيراً إلى أن «المطالب لم تتحقق، ليس لأننا لا نعرف كيف نحققها، ولكن لأن القرار سياسي يحول دون تحقيقها وبأسلوب حكم يراعي مصالح السياسيين، ويلاقيه مناصرو الأحزاب والمجموعات التي خفضت سقف هذه المطالب في محاولة لاستمالة جمهور هذه الأحزاب، سواء عبر الابتعاد عن شتم الزعماء والتوقف عن قطع الطرق أو حصر المطالب بالشؤون الاقتصادية والمعيشية، والاكتفاء بالشق الإصلاحي على حساب الشق الثوري».
في المقابل لا تزال المجموعات التي حركت الشارع منذ البداية متمسكة بسقف سياسي واضح في سعيها إلى تحقيق أهداف الثورة. وفي حين يصر الناشط على توصيف ما يحصل بـ«الثورة»، يوضح أن «السلطة قامت بثورة مضادة عبر الإعلام وتخويف الناس والعمل على تحوير خطاب اللبنانيين». وعن المرحلة المقبلة يقول الناشط: «ليس هناك مشترك واضح بين مجموعات الحراك سوى الخطوط العريضة للمطالب التي لا نقاش بشأنها ويصر اللبنانيون عليها. والتجاوب الشعبي الذي ارتفعت وتيرته أمس، سيعود بزخم أكبر لأن لا حلّ في الأفق».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.