انطلاقة «أونلاين» تسيطر على سوق الإعلام والترفيه الأميركية في 2020

حجم سوق عملاق وتوقعات نمو ضخمة

سوق الألعاب الإلكترونية من المتوقع أن تنمو بنسبة 9 % في العام الجديد
سوق الألعاب الإلكترونية من المتوقع أن تنمو بنسبة 9 % في العام الجديد
TT

انطلاقة «أونلاين» تسيطر على سوق الإعلام والترفيه الأميركية في 2020

سوق الألعاب الإلكترونية من المتوقع أن تنمو بنسبة 9 % في العام الجديد
سوق الألعاب الإلكترونية من المتوقع أن تنمو بنسبة 9 % في العام الجديد

مع بداية عام 2020، ما زال التدفق قوياً في أسواق الإعلام والترفيه، وصارت وسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي تحمل كل يوم أدوات وأشكالاً جديدة على منصات بثّ المحتوى بفئات متنوعة، وهي تنفق مليارات الدولارات في معارك تستهدف ضمان حصة سوقية في منافسة شرسة على سوق ضخمة للمستخدمين.
ويُعدّ التفاعل بين شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية الموضوع الرئيسي في زخم الجدال حول مستقبل الإعلام والترفيه في العام الجديد.
وترى ناتاشا لوماس الكاتبة المتخصصة في الإعلام في موقع «تيك كرانش» أن هناك تحولاً كبيراً حادثاً في وسائل الإعلام باختلاف منصاته، خصوصاً ما يتصل بمحتوى الفيديو الرقمي أو الألعاب الإلكترونية.
وفيما يخص مجال محتوى الأفلام والتلفزيون، فإن المعركة مستمرة للمنافسة مع منصة «نتفليكس» في العام الجديد بصورة أكبر مما كانت عليه في العام المنقضي (2019). ففي الولايات المتحدة أطلقت شركة «ديزني» شرارة بداية العام بشبكة «ديزني بلاس» التي صار لها 10 ملايين مشترك مع انطلاقها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ويتوقع البعض أن يصل عدد مشتركيها إلى 25 مليون مشترك بحلول مارس (آذار)، ومن بينهم المشتركون جزئياً لفترة مجانية، ومَن يحصلون على اشتراك هدية من خلال الشراكة مع شركة «فيريزون» لشبكات الهاتف الجوال.
ومن خلال ملكيتها لشبكتي «هولو» و«إي إس بي إن بلاس» فقد جعلت «ديزني بلاس» مؤسسة «ديزني» العملاقة ومعها «أمازون» و«نتفليكس» يمثلون الثلاثة الكبار في السوق الأميركية.
ومن جانبها، أطلقت شركة «إيه تي آند تي» في مايو (أيار) الماضي اشتراكا بنحو 15 دولارا أميركيا شهريا، ورغم أنه من غير المحتمل أن يجعلها ذلك ضمن الثلاثة الكبار، لكنها بالتأكيد جعلها تنافس على المركز الثاني.
وفي هذه المنافسة هناك خدمة «آبل تي بلاس» باشتراك بلغ 5 دولارات شهرياً، ولكن هذه الخدمة تتضمن عدداً قليلاً من المنتجات الإعلامية.
على أن أكثر التطورات الإعلامية في هذا القطاع لعام 2020 سيكون هو انطلاق خدمات منصة «كويبي» للفيديو عبر الهاتف الجوال، في أبريل (نيسان) من هذا العام، التي يبلغ اشتراكها نحو 5 دولارات شهرياً، وتقدّم عروضاً مهمة لمستخدمي الهاتف، كأول مشاهدين، بما يضمن الحصول على نحو مليار دولار، إلى جانب 150 مليون دولار من عائدات الإعلانات.
ومن المقرر أن تكون عروض «كويبي» مقتضبة في زمنها «أقل من 15 دقيقة»، وقد استثمرت الشركة مئات الملايين من الدولارات لاستقطاب الكثير من النجوم للتعاون معها وتقديم عروضها، مثل ستيفن سبيلبيرغ وجويليرمو ديل تورو، في الوقت الذي تقدم فيه شبكات «إن بي سي» و«سي بي إس» عروضاً جديدة معها.
وتخطط «كويبي» لتقديم 125 برنامج محتوى، بعضها في حلقات، بصورة أسبوعية، كما أنها تنفق 470 مليون دولار في التسويق هذا العام.
وفي هذه الأثناء، فما زالت عروض المباريات الرياضية على الهواء هو الأمل المتبقي لشبكات البث التلفزيونية التقليدية، حيث يظل المشاهدون يفضلون مشاهدة المباريات على الهواء، وهو ما دفع شبكات البث الرقمي إلى تقديم خدماتها على الهواء أيضاً، وتسعى إلى تأكيد تقدمها في هذا التنافس في عام 2020.
وتواصل «أمازون» و«يوتيوب» استكشاف مجالات الحقل الرياضي وحقوق بث المباريات، بينما تتراجع «فيسبوك» و«تويتر» في هذا المجال، لتصبح المنافسة بين خدمة «يوتيوب تي في» و«هولو لايف تي في»، لاجتذاب المزيد من المشتركين، بما يؤدي لإلغاء كثير من اشتراكات خدمة الكابل التلفزيونية في عام 2020، والاكتفاء بخدمات «الأونلاين».
ويرى الخبراء أن الفائزين الآن في قطاع الأفلام والتلفزيون كبرى الشركات المنتجة لهذا النوع من المحتوى، وتؤدي الحرب من أجل بسط السيادة في مجال بث الفيديو الرقمي إلى دفع عدد من أغنى شركات العالم في هذا المجال، وحتى بعض الأثرياء الأفراد، إلى تقديم عشرات المليارات من الدولارات في شراء المحتوى.
وتدخل في هذه المنافسة كبرى شركات التوزيع، ولا تدخل أي شركات لخوض غمار هذه المعركة إلا بتقديم بضعة مليارات، والاهتمام ينصب على ابتكار المحتوى وبرامج حية وعروض مشاهدة وليس على منصات برامج تصميم.
أما سوق الألعاب الإلكترونية؛ فمن المتوقع أن ينمو بنسبة 9 في المائة في العام الجديد، وأن يحقق 165 مليار دولار في 2020 بالمقارنة بـ152 ملياراً في 2019 على مستوى العالم، وفقاً لبحث أجرته مؤسسة «نيوزو».
ويصل حجم سوق مستخدمي الألعاب إلى 2.5 مليار مستخدم كل عام، وانتشرت الألعاب على نطاق واسع على مستوى ديموغرافي كبير، ويمثل مستخدمو الألعاب بصورة عارضة على الجوال أكبر شريحة من المستخدمين، ويحققون نسبة 45 في المائة من الصناعة.
ويتواصل النمو في حجم استخدام الألعاب على أجهزة الكومبيوتر المكتبية، حيث مثلت أكثر من 4 في المائة من السوق، العام الماضي، لكن أسرع شريحة للنمو في هذا المجال كانت على أجهزة «كونسول» للألعاب، حيث حققت نمواً بنسبة 13 في المائة في العام الماضي.
وكان أكثر مجال في قطاع الألعاب في العام الماضي هو اللعب المتفاعل عبر منصات مختلفة، مع التركيز على التشابك الافتراضي والتوسع في حجم اشتراكات الألعاب الافتراضية.
وجذبت لعبة «فورتنايت» كثيراً من المستخدمين من خلال مميزات اللعب عبر عدة منصات، حيث تسمح للاعبين بالانتقال بين الكومبيوتر المكتبي، والجوال، و«كونسول»، بما يحمل توقعات بمزيد من التوسع في العام الجديد.
كذلك كانت لعبة «كول أوف ديوتي فرانشيايز» التي انتقلت إلى الجوال وسجلت رقماً قياسياً في حجم تنزيل اللعبة، وهو 100 مليون مرة في الأسبوع الأول من انطلاقها، ومن المتوقع استمرار هذا التوجه الذي يحمل معه نموذج «حرية اللعب».
ويرى الخبراء أن من بين المنصات المتوقع نموها «تيك توك» لمقاطع الفيديو الموسيقية، التي نمت في عام 2019، وتم تنزيل هذا التطبيق الصيني 5.‏1 مليار مرة في ذلك العام، بسبب تزايد الشعبية بين فئات المراهقين وقوة حملاتها التسويقية واستثمارات الشركة في التوسع الجغرافي لتنتشر في نحو 150 دولة.
كما أنه من المتوقّع نمو حجم تسويق المنتجات عبر فيديوهات مقدمي برامج «اليوتيوب» أو من يسمون بالـ«إنفلوينسرز»، رغم أن البعض كان يرى إمكانية تراجع هذا المجال، لكن قوة أداء الشخصيات وتأثيرها في نفوس المستهلكين لشراء المنتجات جعل تلك البرامج منصة تسويقية قوية ومتواصلة النمو في العام الجديد.
كما يرى الخبراء أن منصات التواصل الاجتماعي ستزداد قوة في عام 2020، لا سيما في مجال التجارة الإلكترونية ورغبة المزيد من المستهلكين للشراء المباشر عبر تلك المنصات، بدلاً من التوجه إلى تطبيقات التسوق عبر المتاجر الإلكترونية.
وبالنظر إلى ما قدمته شبكات مثل «إنستغرام» و«فيسبوك» وغيرهما، فإن محتوى التسوق الإلكتروني سيكون أسرع انتشاراً على شبكات التواصل الاجتماعي خصوصاً أن الاستجابة تكون أسرع حتى من خلال تقديم المزيد من المميزات التي تسهل عملية التفاعل بين المستخدمين.


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.