دعوات إلى فتح «ممرات آمنة» لإجلاء العالقين في طرابلس

TT

دعوات إلى فتح «ممرات آمنة» لإجلاء العالقين في طرابلس

تأزمت أوضاع مئات المواطنين الليبيين المقيمين داخل مناطق الاشتباكات المسلحة في العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى الآلاف الذين نزحوا عن ديارهم مع تصاعد وتيرة القصف الصاروخي، بسبب الطقس القارس.
وأرسلت عشرات الأسر في مناطق صلاح الدين، والسدرة وطريق الشوك بجنوب العاصمة، التي تشهد قصفاً دائما للصواريخ، استغاثات متوالية للخروج من مناطق الاشتباكات، مؤكدين أن منازلهم تتعرض للقصف على مدار الساعة. فيما طالبت جمعية الهلال الأحمر الليبي، أمس، أطراف الحرب بتخصيص ممر آمن كي يتمكن فريقها من إخراج المواطنين العالقين وسط المعارك.
وقالت الجمعية في بيان لها إنها تلقت بلاغات ونداءات إنسانية من عشرات العائلات المقيمة بمحيط مناطق الاشتباكات، وطالبت بإخراجهم في أسرع وقت، أو إمدادهم بالطعام، مشيرة إلى أنها تلقت منذ الثلاثاء الماضي، وحتى أمس، عدة استغاثات من عائلات تريد المساعدة على النزوح.
وقال مصدر بجهاز الإسعاف والطوارئ في العاصمة لـ«الشرق الأوسط» إن فريق المسعفين لديهم تمكن وهو في طريقه لتلبية بعض البلاغات من انتشال 6 جثامين، تُركت منذ أيام في أرض المعركة من شدة تبادل النيران، قرب طريق السدرة بعين زارة.
وأضاف المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه لدواعٍ أمنية: «نحن في حالة تأهب لانتشال قتلى وجرحى من محاور القتال حال هدوء الاشتباكات».
وكان الهلال الأحمر قد قال نهاية الأسبوع الماضي إنه تلقى 67 بلاغاً، بينها 16 استغاثة من منطقة واحدة لعائلات عالقة تريد المساعدة في الخروج من مناطق القصف، إلى جانب مناشدات مواطنين يريدون مساعدات إنسانية، ومواد غذائية وأغطية ومراتب.
بدوره، قال الناشط الاجتماعي الليبي محمود الرويسي، لـ«الشرق الأوسط» إن مئات الأسر تريد النزوح الآمن من ديارها في مناطق صلاح الدين، «لكنهم يتخوفون من الاستهداف بالقنص العشوائي»، مطالباً باستثمار أجواء الدعوة إلى وقف إطلاق النار لمساعدة العالقين في محاور القتال، بدلاً من أن يظلوا محبوسين هناك، أو يقضوا حتفهم تحت أنقاض منازلهم.
وأضاف الرويسي أن «وضع المواطنين مأساوي جداً... فهم يفتقدون حالياً مقومات الحياة بسبب تواصل القصف على مدار الأيام الماضية، ويحتاجون إلى الطعام بشكل عاجل».
ويواصل مصرف الدم المركزي، بتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الليبي في طرابلس، حملة للتبرع بالدم، تحت عنوان «دمك حياة لغيرك».
وعلاوة على أزمة العالقين، تتعاظم مشكلة الأسر النازحة خارج نطاق عملية الاشتباكات، وسط تزايد شكواهم من صعوبة الحياة في العراء، خاصة في ظل أجواء باردة وممطرة.
وقالت أحلام من مدينة تاجوراء إنها تطوعت مع فتيات من غرب ليبيا لخدمة العائلات النازحة، ومساعدتها في إيجاد سكن ملائم، بمساعدة أهل الخير، ومنحها لمن لا يملك المقدرة على دفع إيجار شهري.
وأضافت الفتاة، التي اكتفت بذكر اسمها الأول: «نحن نتواصل مع الهلال الأحمر والمواطنين الليبيين، الذين يمكنهم دعم إخوانهم من النازحين بهدف توفير طعام وأغطية وحليب لأطفالهم».
وبحسب البعثة الأممية، فقد تجاوز عدد النازحين 150 ألف مواطن. لكن الجمعيات الخيرية العاملة في طرابلس تقول إن العدد مرشح للزيادة، كلما اقتربت قوات «الجيش الوطني» من قلب طرابلس.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.