التحركات الشعبية تتسع في المناطق احتجاجاً على الأوضاع المعيشية

من الصرافين إلى مراكز شركة كهرباء لبنان

جانب من الاعتصام أمس أمام مبنى بلدية بيروت (الشرق الأوسط)
جانب من الاعتصام أمس أمام مبنى بلدية بيروت (الشرق الأوسط)
TT

التحركات الشعبية تتسع في المناطق احتجاجاً على الأوضاع المعيشية

جانب من الاعتصام أمس أمام مبنى بلدية بيروت (الشرق الأوسط)
جانب من الاعتصام أمس أمام مبنى بلدية بيروت (الشرق الأوسط)

عادت الاحتجاجات الشعبية أمس، إلى عدد من المناطق اللبنانية انطلاقاً من مطالب معيشية مرتبطة بالوضع الاقتصادي الهش الذي يعاني منه اللبنانيون، في ظل شح السيولة والقيود المصرفية وارتفاع سعر صرف الدولار لدى الصرافين، وأضيف إليها في الفترة الأخيرة انقطاع التيار الكهربائي.
ووصل سعر صرف الدولار في السوق غير الرسمية أمس، إلى أعلى مستوياته حيث قارب 2500 ليرة، علماً بأن التسعيرة الرسمية تقارب 1500 ليرة. وكانت المصارف محطة للمحتجين في بيروت. ونفذت مجموعة شباب وقفات احتجاجية أمام محلات صيرفة في شارع الحمرا هاتفين شعارات منها: «ليرتنا هي الخيار لا يورو ولا دولار».
وفي سياق «الحرب مع المصارف» نتيجة القيود التي فرضتها على السحوبات، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن مواطنين دخلوا مصرفاً في جل الديب مطالبين بأموالهم، وعندما رفض أحد الموظفين الاستجابة لمطلبهم، حصل تضارب بين الموظفين والمواطنين.
ومن جهة أخرى، كانت بلدية بيروت أيضاً محطة للاحتجاج من قبل مجموعة من الناشطين، مرددين هتافات تطالب باستقالة محافظ بيروت ورئيس البلدية وأعضائها، وهو ما استدعى تحركاً مضاداً من قبل شبان داعمين لرئيس البلدية والمحافظ، ما أدى إلى تدخل القوى الأمنية للفصل بين المجموعتين.
وأمس أيضاً، نفذ اعتصام أمام مبنى ديوان المحاسبة في بيروت احتجاجاً على عدم توقيع العقد بين وزارة الاتصالات وشركة أوجيرو، وللمطالبة بتمرير العقود الجديدة بين شركتي الخليوي بمناقصات شفافة بعيداً عن المحاصصة.
واعتراضاً على انقطاع الكهرباء، نفذت مجموعات من المحتجين تحركات أمام مراكز شركة الكهرباء في عدد من المناطق. واعتصم أهالي منطقة عاليه وناشطون أمام مركز كهرباء عاليه احتجاجاً على الانقطاع القاسي في التيار الكهربائي، الذي وصل إلى قرابة 18 ساعة في اليوم. وحصل الأمر نفسه في حلبا - عكار، حيث انتشرت دعوات للاعتصام أمام شركة الكهرباء احتجاجاً على التقنين.
وفي بعلبك، نفذ المحتجون أيضاً اعتصاماً أمام مبنى مؤسسة الكهرباء واقتحمت مجموعة منهم المبنى، حيث احتجزت الموظفين في مكاتبهم ومنعتهم من مزاولة عملهم. كما منعت آخرين من دخول المبنى، احتجاجاً على زيادة ساعات التقنين في المنطقة، وسط إجراءات أمنية اتخذها الجيش من دون تصادم مع المحتجين.
وفي صور، في الجنوب، نفذ محتجون اعتصاماً أمام شركة كهرباء لبنان اعتراضاً على الانقطاع المتواصل والدائم للتيار الكهربائي في المنطقة، مرددين شعاراتهم المعتادة، متوعدين «بعدم دفع الفواتير وطرد الجابي في ظل أزمة الكهرباء الدائمة»، مؤكدين «ضرورة تشكيل حكومة تكون على قدر تطلعات وطموحات الشعب اللبناني».
وفي الشمال أيضاً، نفذت وقفة احتجاجية أمام الدائرة المالية في طرابلس وسط إجراءات لعناصر قوى الأمن أمام المدخل الخارجي وعناصر الجيش في المحيط.
وبعدما أشارت المعلومات إلى توقيف عدد من الناشطين، قطع أمس أهالي البداوي الطريق الدولية في طرابلس بالاتجاهين بالإطارات المشتعلة ومكعبات الباطون والحجارة، احتجاجاً على توقيف الجيش عدداً من الشبان، إثر الإشكال الذي حصل ليلاً بين الطرفين. وأكد المحتجون عدم فتح الطريق حتى الإفراج عن الموقوفين.
وفي هذا الإطار، أوضحت قيادة الجيش في بيان أن عدداً من الشبان أقدموا على قطع الطريق العامة في منطقة البداوي بواسطة الحجارة الإسمنتية. وعلى الفور، تدخلت الوحدات المنتشرة في المنطقة لفتح الطريق، فأقدم هؤلاء على رشق عناصر الجيش بالحجارة وقنابل المولوتوف، ما أدى إلى إصابة 14 عسكرياً بجروح مختلفة، وتمّ توقيف 8 أشخاص لارتكابهم أعمال شغب والتسبب بإصابة العسكريين أثناء قطع الطرقات في المحلة، مشيرة إلى أنه بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص.
من ناحية أخرى، أخمد فوج الإطفاء في طرابلس حريقاً شب في سيارتين كانتا مركونتين داخل مرآب مبنى في محلة أبي سمرا، بعد أن رمى مجهول قنبلة يدوية على السيارات. وحضرت على الفور الأجهزة الأمنية المختصة، وبدأت التحقيقات لمعرفة الفاعلين، وتعرضت امرأة لحال اختناق نتيجة الدخان وتم إسعافها ميدانياً.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».