اسرائيل تطلق أسيرين سوريين قبل أيام من زيارة الرئيس الروسي

مقتل 8 من «الحشد الشعبي» العراقي في غارات على شرق سوريا

صدقي المقت في مجدل شمس في الجولان بعد خروجه من السجن في إسرائيل أمس (أ.ف.ب)
صدقي المقت في مجدل شمس في الجولان بعد خروجه من السجن في إسرائيل أمس (أ.ف.ب)
TT

اسرائيل تطلق أسيرين سوريين قبل أيام من زيارة الرئيس الروسي

صدقي المقت في مجدل شمس في الجولان بعد خروجه من السجن في إسرائيل أمس (أ.ف.ب)
صدقي المقت في مجدل شمس في الجولان بعد خروجه من السجن في إسرائيل أمس (أ.ف.ب)

أكدت مصادر سياسية في تل أبيب، أن الإفراج المفاجئ عن الأسيرين السوريين، صدقي المقت وأمل فوزي أبو صالح، الجمعة، جاء بادرة «حسن نية» من الحكومة الإسرائيلية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عشية وصوله إلى تل أبيب، على أمل أن يقرر العفو عن المواطنة الإسرائيلية الشابة، نعاما يساخار، التي تقضي عقوبة السجن لمدة سبعة أعوام ونصف العام بتهمة حيازة مخدرات.
وقد وصل الأسيران إلى بيتيهما في بلدة مجدل شمس السورية المحتلة، ظهر أمس، فاستقبلهما المواطنون في مهرجان جماهيري كبير في ظل عاصفة ثلجية شديدة، فأعلنا أن إطلاقهما هو انتصار للإرادة القوية للأسرى السوريين والفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، حيث إنهما تحررا بعد أن تراجعت السلطات الإسرائيلية عن شروطها. وأكدا أنهما سيواصلان الكفاح من أجل تحرير الجولان، وعودته إلى الوطن الأم.
والأسير أبو صالح كان قد اعتقل في يونيو (حزيران) من عام 2015، بتهمة الهجوم مع آخرين على سيارة إسعاف تابعة للجيش الإسرائيلي كانت تنقل مصابين اثنين من جرحى الحرب الأهلية السورية، قيل إنهما من «جبهة النصرة». وقتلوا واحداً منهما وأصابوا الثاني بجراح بليغة. وقد أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية حكمها في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016 بالسجن لمدة سبع سنوات وثمانية أشهر عليه وغرامة مالية تفوق 3 آلاف دولار.
أما الأسير صدقي المقت، فهو يحمل لقب «عميد الأسرى العرب في سجون الاحتلال»، إذ كان قد أمضى في السجن الإسرائيلي 27 عاماً (من 1985 حتى 2012) بعد إدانته بتهمة تنظيم خلية فدائية وتنفيذ هجوم على معسكر إسرائيلي في الجولان المحتل. ثم أعيد اعتقاله في عام 2015، وحكمت المحكمة العسكرية عليه بالسّجن لمدة 14 عاماً، بتهمة تصوير فيلم فيديو يعكس التعاون بين إسرائيل و«جبهة النصرة»، وجرى تقديم استئناف على القرار، وتم تخفيض الحكم لمدة 11 عاماً.
وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، تقرر إطلاق سراحهما مقابل استعادة رفات الجندي الإسرائيلي، زخاريا باومل، الذي كان مفقوداً في لبنان منذ اجتياحها لبنان في عام 1982، في صفقة أشرفت عليها روسيا، لكنهما رفضا التحرير، لأن إسرائيل اشترطت عليهما المغادرة إلى سوريا، وليس إلى بلدة مجدل شمس في الجولان.
وفي الأسبوع الأخير، قررت الحكومة الإسرائيلية التنازل عن شرطها. وأصدرت بياناً، أمس، جاء فيه أن «الحكومة صادقت على إطلاق سراح أسيرين سوريين كبادرة سياسية وحسن نية في أعقاب استرداد جثة (الجندي) زخريا باومل من سوريا إلى إسرائيل».
لكن مصادر سياسية أكدت أن إطلاقهما جاء بادرة للرئيس بوتين، الذي سيزور إسرائيل في الأسبوع بعد المقبل للمشاركة في احتفال عالمي بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتحرير معسكر الإبادة النازي «أوشفتس» البولندي، بحضور زعماء من 40 دولة. ويأمل الإسرائيليون أن يرد بوتين على هذه البادرة ببادرة من عنده لإطلاق سراح المواطنة الإسرائيلية يساخار.
لكن أوساطاً سياسية أخرى اعتبرت هذه الخطوة أبعد من «بادرة طيبة لبوتين»، واعتبرتها جزءاً من «الحوار الخلفي» بين تل أبيب ودمشق؛ خصوصاً أن الأسيرين يعتبران من مؤيدي النظام. ففي إسرائيل يحاولون في الأسابيع الأخيرة نقل رسائل إلى الرئيس بشار الأسد، يعدونه خلالها بأن يوقفوا غاراتهم على الأراضي السورية في حال طلبه من إيران مغادرة أراضيه، ووقف نشاطها العسكري فيها. وحسب تلك المصادر، فإن الحكومة الإسرائيلية تنوي المبادرة لخطوات أخرى إيجابية تجاه الأسد، مثل إعادة فتح معبر القنيطرة، لنقل منتوجات الجولان إلى دمشق، وإعادة الطلاب أبناء الجولان إلى الجامعات السورية وغيرها.
تزامناً، قتل 8 مقاتلين على الأقل من «الحشد الشعبي» العراقي جراء غارات نفذتها طائرات مجهولة ليل الخميس - الجمعة، على مواقع تابعة للفصيل الموالي لإيران في شرق سوريا قرب الحدود العراقية، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الجمعة.
وذكر مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، أن «طائرات مجهولة استهدفت مستودعات وآليات لـ(الحشد الشعبي) في منطقة البوكمال» في محافظة دير الزور: «محدثة انفجارات عدة».
وأسفر القصف عن مقتل «8 مقاتلين عراقيين على الأقل»، بالإضافة إلى إصابة آخرين بجروح، وفق «المرصد».
ونفى متحدث باسم التحالف الدولي بقيادة واشنطن أن تكون قواته قد شنّت أي ضربات في المنطقة.
ومنذ الأربعاء، تعرضت ثلاث قرى على الأقل في ريف البوكمال، لضربات شنتها طائرات مسيّرة مجهولة الهوية، ولم توقع خسائر بشرية، وفق «المرصد».
وتتنشر في ريف البوكمال مجموعات شيعية مسلحة موالية لطهران، التي تتمتع بنفوذ كبير داخل مؤسسة «الحشد الشعبي» والفصائل المنضوية تحت لوائها.
وتعرضت فصائل «الحشد» لخسارة مع مقتل نائب رئيس هيئتها أبو مهدي المهندس، الذي كان يُعد رجل طهران الأول في العراق، إلى جانب الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني، بضربة أميركية قرب مطار بغداد في الثالث من الشهر الحالي.
كان سليماني يعدّ مهندس السياسة الإيرانية في دول المنطقة، لا سيما العراق وسوريا، وتقاتل المجموعات الموالية لإيران في سوريا إلى جانب قوات النظام.
وأطلقت إيران، الأربعاء، 22 صاروخاً على قاعدتي عين الأسد في غرب العراق، وأربيل في الشمال، رداً على اغتيال واشنطن لسليماني ورفاقه، على وقع تصاعد التوتر في المنطقة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.