في دليل آخر على تجدّد الاهتمام الأميركي بالأزمة الفنزويلية بعد أشهر من الانكفاء، دعت الولايات المتحدة، بلسان وزير خارجيتها مايك بومبيو، إلى «حل سريع بالتفاوض لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية قبل نهاية هذا العام». وقال بومبيو، إن هذا هو السبيل الأكثر فاعلية واستدامة نحو السلام والازدهار في فنزويلا، مطالباً بإنشاء مجلس انتخابي وطني جديد ومستقل، وتجديد عضوية المحكمة العليا التي تدين بالولاء الكامل للنظام في الوقت الراهن، مضيفاً: «المخرج من الأزمة هو بتشكيل حكومة انتقالية تشرف على انتخابات حرة وعادلة».
ويأتي هذا الموقف الأميركي بعد الفوضى التي نشأت يوم الأحد الماضي في البرلمان الفنزويلي، حيث نفذ النواب الموالون للنظام، وهم أقلية في الجمعية الوطنية، ما يشبه الانقلاب على نواب المعارضة في الجلسة التي كانت مخصصة لتجديد هيئة مكتب البرلمان ورئاسته. وقد أدى ذلك إلى إعلان أحد النواب المنشقين عن المعارضة، لويس بارّا، انتخابه رئيساً جديداً للجمعية الوطنية في أعقاب جلسة غير مكتملة النصاب لم يحضرها نواب المعارضة، في حين كان خان غوايدو، الزعيم المعارض الذي أعلن توليه رئاسة الجمهورية بالوكالة مطلع العام الماضي، يعلن من جهته تجديد ولايته رئيساً للبرلمان بدعم من نواب المعارضة الذين يشكلون الأغلبية في الجمعية الوطنية.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، أن الأزمة السياسية التي تعيشها فنزويلا منذ سنوات قد دفعت بنحو خمسة ملايين من المواطنين إلى الهجرة، وأدت إلى انهيار الاقتصاد في المنطقة وانتهاك حقوق الإنسان والحرّيات الأساسية، وأن هذا العام هو «فرصة لإعطاء الفنزويليين ما يطالبون به منذ سنوات: انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة وحرة لاختيار قادتهم وبدء عملية التجديد الطويلة». ويقول المسؤولون الأميركيون، إن إجراء الانتخابات الحرة يقتضي من نظام نيكولاس مادورو إعادة السلطة إلى الجمعية الوطنية التي يرأسها المعارض خوان غوايدو، والسماح لجميع المواطنين بالمشاركة فيها. وشدّد بومبيو على السماح لجميع الأحزاب السياسية والمرشحين بالمشاركة في العملية الانتخابية في حرية تامة، وأن تتمكن وسائل الإعلام المستقلة من ممارسة عملها من غير قيود.
وقال بومبيو، إن الولايات المتحدة، ودولاً أخرى، على استعداد للمساعدة في إرسال مراقبين وتقديم الدعم الفني والموارد المالية اللازمة والمشورة لإنشاء الهيئة الانتخابية الجديدة، وأضاف: «هذه الإجراءات التي تتطابق مع أحكام الدستور الفنزويلي من شأنها أن تساعد على إنهاء الأزمة السياسية الفنزويلية، وأي عملية أخرى تنحرف عنها لن تكون شرعية».
وكانت الإدارة الأميركية قد وضعت وثيقة مفصلة حول تصورها لحل الأزمة الفنزويلية، بدأت بمناقشتها مع دول مجموعة «ليما» والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وبعض الدول التي اعترفت بشرعية غوايدو. وتهدف هذه الوثيقة، بحسب الأميركيين، إلى تسهيل عملية ممارسة المواطنين الفنزويليين في الخارج حقوقهم الانتخابية، وتوفير الدعم المالي والفني لتسجيلهم، بإشراف فريق من المراقبين المحايدين، بما يتيح للمجلس الانتخابي الجديد أن يباشر مهامه فور تشكيله. ومن المؤشرات الأخرى على الاهتمام المتجدد للإدارة الأميركية بالأزمة الفنزويلية، التصريحات التي وردت مؤخراً على لسان دونالد ترمب، في عز الأزمة مع إيران، حيث قال: «لم أفكر أبداً بأن الوضع في فنزويلا سيكون خالياً من العقبات. هذا البلد كان غنياً منذ 15 أو 20 سنة، لكنهم يفتقرون اليوم إلى الماء والطعام... لا بد من بعض الوقت لتحسّن الوضع، ولدينا استراتيجية جيدة لمساعدتهم... تابعونا».
وتجدر الإشارة إلى أن الدول التي اعترفت العام الماضي بشرعية رئاسة غوايدو، عادت لتجدد تأييدها له في خضم الفوضى الأخيرة التي انتهت بإعلان رئاستين للجمعية الوطنية. فبعد التأييد القوي من الولايات المتحدة ومجموعة «ليما»، برز موقفان لافتان من المكسيك والأرجنتين المحسوبتَين على المعسكر الذي ما زال يعترف بنظام مادورو، عندما انتقدتا محاولة النظام السيطرة على الجمعية الوطنية بطرق غير قانونية. وجاء الدعم الأخير لغوايدو من مجموعة الاتصال الدولية التي تشكلت في مارس (آذار) الماضي في أعقاب تجديد نيكولاي مادورو ولايته رئيساً للجمهورية في انتخابات اعتبرها المراقبون الدوليون مزوّرة، حيث أصدرت بياناً اعتبرت فيه أن انتخاب لويس بارّا رئيساً جديداً للبرلمان ليس قانونياً ولا ديمقراطياً.
وقد أعربت هذه المجموعة التي تضم المملكة المتحدة، وإسبانيا، وألمانيا، وهولندا، والبرتغال، وإيطاليا وعدداً من الدول الأميركية اللاتينية، عن قلقها العميق إزاء التصرفات التي تتعارض مع المبادئ الديمقراطية والدستورية التي يقوم عليها نشاط الجمعية الوطنية، وذلك خلال الجلسة الأخيرة لتجديد هيئة مكتب البرلمان ورئاسته.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الجديد للبرلمان لويس بارّا، الملاحق بتهم فساد لها صلة بالمساعدات الغذائية الدولية لفنزويلا، والذي لم يتمكن بعد من تقديم الأدلة على اكتمال النصاب في جلسة انتخابه وعلى عدد الأصوات التي حصل عليها كما طلبت منه منظمة الدول الأميركية، لم يعترف به حتى الآن سوى مادورو والاتحاد الروسي.
7:57 دقيقة
واشنطن تجدد اهتمامها بفنزويلا
https://aawsat.com/home/article/2076791/%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%87%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D9%81%D9%86%D8%B2%D9%88%D9%8A%D9%84%D8%A7
واشنطن تجدد اهتمامها بفنزويلا
ترمب: لدينا استراتيجية جيدة لمساعدة الفنزويليين... تابعونا
- مدريد: شوقي الريّس
- مدريد: شوقي الريّس
واشنطن تجدد اهتمامها بفنزويلا
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة