ترحيب عربي ودولي بدعوة روسيا وتركيا إلى وقف إطلاق النار في ليبيا

مصر والجزائر تتفقان على رفض أي تدخل أجنبي... وفرنسا: اتفاق أنقرة مع السراج يزيد الوضع سوءاً

TT

ترحيب عربي ودولي بدعوة روسيا وتركيا إلى وقف إطلاق النار في ليبيا

أعربت حكومة «الوفاق» الوطني الليبية، أمس، عن ترحيبها بمساعي الدول الصديقة لإيجاد حل للأزمة الليبية، ودعوة الرئيسين الروسي بوتين والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما، أول من أمس، في إسطنبول لوقف إطلاق النار في 12 من الشهر الجاري، وذلك رغم تضارب مصالح الدولتين في هذا الملف.
وأكدت حكومة «الوفاق» في بيانها، الذي نشرته أمس أن الحرب التي تخوضها قواتها «هي حرب فرضت عليهم بسبب الانقلاب على المسار الديمقراطي في البلاد من قبل قوات حفتر، والدول الداعمة له... ونحن نؤكد على الترحيب بأي دعوات جادة لاستئناف العملية السياسية، وإبعاد شبح الحرب، طبقاً لما ينص عليه الاتفاق السياسي، ودعم مسار مؤتمر برلين برعاية الأمم المتحدة».
بدوره، رحب غسان سلامة، الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أمس، بالدعوات الأخيرة لوقف إطلاق النار في ليبيا من قبل عدد من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، والتي كان آخرها الدعوة المشتركة التي أطلقها أول من أمس الرئيسين التركي والروسي.
وجاء في بيان لسلامة على الصفحة الرسمية لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن «غسان سلامة يرحب بالدعوات الأخيرة لوقف إطلاق النار في ليبيا من قبل الدول والمنظمات الدولية والإقليمية... ويدعو جميع الأطراف الدولية والمحلية إلى الاستجابة لهذه الدعوات، والمبادرة فوراً إلى وقف العمليات العسكرية في جميع أنحاء ليبيا، من أجل تجنيب البلاد المزيد من إراقة الدماء، والمزيد من المعاناة لشعبها، الذي عانى الويلات جراء هذه الحرب».
وتابع البيان مناشدا المجتمع الدولي، وخاصة الدول المعنية بالملف الليبي، «الاستفادة من الزخم الراهن للدفع قدماً بمسار برلين، قصد الوصول إلى توافق دولي حول الأزمة الليبية في أقرب وقت ممكن، وذلك بهدف إيجاد مظلة دولية لدعم وحماية المسارات الثلاثة، التي أطلقتها بعثة الأمم المتحدة، والتي تقتصر حصراً على الليبيين، والهادفة إلى معالجة الأزمة الليبية من جميع جوانبها، الاقتصادية والمالية، والعسكرية والأمنية، والسياسية».
بالموازاة مع ذلك، رحب أمس وزيرا خارجية الجزائر وإيطاليا صبري بوقادوم ولويجي دي مايو بالدعوات لوقف إطلاق النار في ليبيا، واتفقا على ضرورة التوصل لحل سلمي، ووقف الحرب، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده الوزيران بالعاصمة الجزائر أمس، عقب زيارة وزير الخارجية الإيطالي إلى الجزائر لبحث العلاقات الثّنائية من جهة، والتباحث حول الملف اللّيبي من جهة ثانية.
وخلال اللقاء الثنائي جدّد وزير الخارجية الجزائري موقف بلاده من الأزمة الليبية، المتمسّك بعدم التدخل العسكري في الأراضي الليبية، وتبني الحل السياسي السّلمي للخروج من الوضع الرّاهن الذي تعيشه ليبيا. وقال بوقادوم بهذا الخصوص: «الحل في ليبيا حاليا هو إرساء المفاوضات بين جميع الأطراف الليبية، بتعاون وتأييد المجتمع الدولي، خاصة دول الجوار».
ومن جهته، قال الوزير دي مايو إن «كل الدول التي زارها، بما فيها تركيا ومصر وبلجيكا والجزائر متفقة على ضرورة التوصل لحل سلمي، ووقف إطلاق النار في ليبيا». مشددا على دعم بلاده لموقف الجزائر فيما يتعلق بالملف الليبي، وعلى أن «التدخل الأجنبي سيزيد الوضع سوءا، والكل موافق على ضرورة التوصل لحل يضمن الاستقرار بالمنطقة».
وفي العاصمة الجزائرية أيضا اتفقت مصر والجزائر «على رفض التدخل الأجنبي في ليبيا، والعمل على منع أي أطراف أجنبية من التدخل بما يعقد الأزمة».
وقال سامح شكري، وزير الخارجية المصري، إنه «سلم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، تتضمن دعوة الرئيس تبون لزيارة القاهرة».
وجاءت زيارة شكري للجزائر بعد يوم من دعوة وزراء خارجية كل مصر وفرنسا، واليونان وقبرص إلى العودة إلى «المسار السياسي» في ليبيا، ودعم مسار مؤتمر برلين برعاية الأمم المتحدة، وخلال اللقاء أعرب المجتمعون عن «رفض التدخلات التركية» في طرابلس.
وأضاف شكري في تصريحات للصحافيين، عقب لقائه بالرئيس تبون بقصر المرادية، أمس، أنه «نقل للرئيس تبون تحيات الرئيس السيسي، وتهنئته بانتخابه رئيساً للجزائر»، موضحاً أن «الرسالة تضمنت تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ودفعها قدما للأمام في شتى المجالات».
وأشار شكري بحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، إلى أنه «تم التطرق خلال اللقاء إلى أهمية العمل المشترك على الصعيد الإقليمي، والتحديات المشتركة، كما تم التطرق للملف الليبي باعتباره أحد أهم التحديات المشتركة التي تواجه البلدين». لافتا إلى أنه «تم التأكيد على وقف الصراع، ونزيف الدم الليبي، والوصول لتسوية سياسية تجمع الأفرقاء».
من جهته، قال المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن «الوزير شكري التقى نظيره الجزائري صبري بوقادوم، وبحثا سبل تعزيز العلاقات في شتى المجالات، فضلاً عن التشاور بشأن الملفات التي تهم البلدين، كما تطرقا إلى التطورات الإقليمية وخاصة على الساحة الليبية».
على صعيد متصل، يعقد البرلمان العربي أعمال جلسته العامة الثانية لدور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثاني، برئاسة الدكتور مشعل بن فهم السلمي، رئيس البرلمان العربي، الأربعاء المقبل بالقاهرة، وذلك بحضور رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الذي سيلقي بياناً أمام الجلسة، حول التطورات الأخيرة في الشأن الليبي.
يشار إلى أن زيارة دي مايو إلى الجزائر جاءت غداة زيارتين مماثلتين لكل من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للجزائر. كما جاءت هذه الزيارة بعد ساعات من لقاء رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، مساء أول من أمس، بالمشير خليفة حفتر، وسط جهود دبلوماسية حثيثة يبذلها قادة الاتحاد الأوروبي لاحتواء الأزمة في ليبيا. وخلال اللقاء ناشد كونتي المشير حفتر بوقف هجومه على طرابلس، محذّرا من «المخاطر التي تواجه الاستقرار في المنطقة برمتها»، ودعا إلى «التخلي عن الخيار العسكري»، وفق بيان للحكومة الإيطالية.
كما شدد كونتي على أن «الحل الوحيد المستدام لا يمكن أن يكون إلا سياسيا»، وهي الأصداء التي وردت من بروكسل، حيث التقى قادة الاتحاد الأوروبي فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الليبية التي تعترف بها الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، تصدر أمس الملف الليبي وتطورات الوضع الميداني في طرابلس جدول مباحثات جون إيف لودريان، وزير الشؤون الخارجية الفرنسية، مع رؤساء تونس الثلاثة، حيث التقى صباح أمس قيس سعيد رئيس الجمهورية، وراشد الغنوشي رئيس البرلمان، ثم يوسف الشاهد رئيس حكومة تصريف الأعمال.
وقال لودريان بخصوص اللقاء الذي جمعه أمس بالرئيس سعيد، إن الوضع في ليبيا المجاورة، وتفاقم الأزمة إثر محاولة خليفة حفتر السيطرة على العاصمة طرابلس، يطرح أهمية اللجوء إلى الحل السياسي لإنهاء هذه الأزمة، مشددا في هذا السياق على أهمية الدور التونسي في تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء الليبيين.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي أن اللقاء الذي جمعه مع الرئيس قيس سعيد كان «مهما جدا، ويأتي في إطار العلاقات الوثيقة التي تجمع تونس وفرنسا». كما تم التطرق إلى أهمية القمة الفرنكوفونية، التي ستحتضنها تونس في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأضاف لودريان أن التصعيد في ليبيا «يهدد استقرار دول منطقتي المغرب والساحل». مبرزا أن محادثاته مع الرئيس سعيد ركزت بالأساس على «الوضع في ليبيا، والعمل على استقرار الوضع هناك، مع احترام القانون الدولي وهي أولوية نتقاسمها مع تونس».
وقال بهذا الخصوص: «تحادثت مع الرئيس أيضا حول اجتماع القاهرة وبروكسل مع زملائنا الأوروبيين والمصريين حول التصعيد في ليبيا، الذي يهدد بضرب استقرار المنطقة».
وتابع لودريان موضحا: «فرنسا مثل تونس تدعم جهود مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا، والتوافق الدولي في مؤتمر برلين، الذي سيعقد في وقت لاحق من أجل التوصل إلى حلول للأزمة»، والابتعاد عن الحرب، مشددا على أن الخروج من الأزمة «يستدعي حوارا ليبيا - ليبيا، ومسارا سياسيا بدعم من دول الجوار خاصة، ومن بينها تونس».
كما أبرز المسؤول الفرنسي أن الاتفاق بين حكومة الوفاق الوطني في ليبيا وتركيا «سيزيد الوضع في ليبيا تأزما».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.