«الجيش الوطني» يقصف تمركزات لـ«الوفاق» في مصراتة

قائد من «الميليشيات» يعلن عن رغبته في الاستسلام مقابل الحصول على «ممر آمن»

TT

«الجيش الوطني» يقصف تمركزات لـ«الوفاق» في مصراتة

كثف سلاح الجو، التابع لـ«الجيش الوطني» الليبي، مجدداً من ضرباته على الكلية الجوية في مدينة مصراتة، أمس، في وقت قالت فيه مصادر مقربة من المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش لـ«الشرق الأوسط»، إنه رفض الاستجابة لوساطة إيطالية لعقد اجتماع مع فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» في العاصمة الإيطالية روما مساء أول من أمس.
وقالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة لـ«الجيش الوطني» أمس، إن مقاتلات سلاح الجو «شنت غارات عدة على الكلية الجوية بمصراتة أمس لتدمير دشم الذخائر، واستنزاف مقدرات العدو»، وذهبت إلى أن الجيش، الذي قالت إنه «يتقدم ويبسط سيطرته على تمركزات جديدة في كل المحاور، بدءاً من العاصمة، ومروراً بغرب مدينة سرت حتى تخوم مصراتة، مستمر في استهداف العدو جواً».
في مقابل ذلك، قال العميد إبراهيم بيت المال، آمر غرفة عمليات سرت والجفرة، التابعة لحكومة «الوفاق»، إن قواتها سيطرت على منطقة «الوشكة»، وتتقدم باتجاه مدينة سرت الساحلية من ثلاثة محاور. لكن العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، نفى هذه المعلومات، بعدما ظهر برفقة عسكريين من الجيش في المنطقة، مؤكدا أن قوات الجيش ما زالت تتقدم باتجاه مدينة مصراتة، الوقعة غرب البلاد.
وقال مسؤول عسكري في «الجيش الوطني» إن قواته وصلت مساء أول من أمس بالفعل إلى جزيرة الشريف، التي تعتبر داخل منطقة أبو سليم، بعد اشتباكات متقطعة مع الميليشيات الموالية لحكومة السراج.
في شأن آخر، كشف مصدر في «الجيش الوطني» النقاب عن اتصالات سرية أجراها أغنيوة الككلي، أحد أبرز قادة الميليشيات الموالين للسراج، بعد اقتراب قوات الجيش من معقله الرئيسي، مشيرا إلى أنه «عرض أن يسلم نفسه ومجموعته وأسلحته، مقابل السماح له بمغادرة ليبيا، أو الحصول على وعود بعدم ملاحقته قانونيا. لكن القيادة العامة للجيش رفضت هذا العرض».
وقال مسؤول عسكري، طلب عدم تعريفه، إن الككلي، آمر قوة الردع السريع التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوفاق»، طلب من أكثر من طرف محلي نقل عرضه، بما في ذلك أحد ضباط الجيش من المنطقة الغربية، لافتا إلى أن الجيش رفض بشكل قاطع الاستجابة لرغبته في الحصول على ممر أو ملاذ آمن، مقابل انسحابه من القتال إلى جانب حكومة السراج.
في غضون ذلك، وطبقا لمصدر استخباراتي في الجيش الوطني، فإن المعلومات الأولية تشير إلى وصول 3 آلاف من المرتزقة السوريين، التابعين لتركيا، إلى ليبيا للقتال إلى جانب قوات حكومة السراج.
وقال المصدر، الذي طلب حجب هويته: «بعد وصولهم يتم توزيعهم على محاور القتال لأن معظم الميليشيات امتنعت أو تهربت من استقبالهم»، مشيرا إلى أن «أحد الأماكن التي يوجدون فيها حاليا هو مقر الثانوية الفنية العسكرية بطرابلس، الواقعة على طريق المطار».
من جانبها، اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات الوفاق «الجيش الوطني» بإطلاق عشرات القذائف العشوائية، وصواريخ «غراد» على عدد من أحياء طرابلس السكنية، كما نقلت عن الناطق باسم قوات السراج قيام قوات الجيش بما وصفه بـ«عمليات اقتحام وسطو» على منازل المواطنين بالحي رقم 1 في مدينة سرت، واعتقال المشاركين في عملية «البنيان المرصوص»، التابعة لحكومة السراج من سكان المدينة.
إلى ذلك، قالت مصادر مقربة من القائد العام لـ«الجيش الوطني» إنه رفض الاستجابة لوساطة إيطالية لعقد اجتماع مع رئيس حكومة «الوفاق». وكشفت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، النقاب عن أن حفتر زار روما أول من أمس، تلبية لدعوة من رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي، ولم يكن الاجتماع مع السراج مدرجاً على جدول مواعيد حفتر، مشيرة إلى أنه أبلغ كونتي أنه لن يصافح السراج مجددا، ولن يجتمع به تحت أي ظرف.
ونقلت المصادر عن حفتر قوله: «لا مفاوضات، ولا مصالحة ولا هدنة، وقوات الجيش مستمرة في عملياتها العسكرية لتحرير كامل التراب الليبي». وردا على إعلان مصدر بحكومة السراج أن الأخير قرر عدم حضور لقاء كان مبرمجا مع كونتي بعد أن تم إبلاغه خطأ بأن الإيطاليين يريدون منه الاجتماع مع حفتر خلال الزيارة، قال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط»: «الحقيقة هي أن المشير حفتر هو من أبلغ الجانب الإيطالي اعتذاره عن الاجتماع بالسراج».
وتساءل: «كيف يمكن لقائد الجيش الجلوس على مائدة حوار، أو مفاوضات مع السراج بعدما طلب البرلمان الشرعي إحالته رسميا للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، بعد إبرامه الاتفاق المشبوه مع تركيا، وتفريطه في السيادة الوطنية للبلاد».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.