توقعات نمو «متحفظة» للبنك الدولي في 2020

تفاؤل بالاقتصادات الناشئة... ومخاطر مستمرة لـ«المتقدمة»

أصدر البنك الدولي توقعات غلب عليها التحفظ للنمو في عام 2020 (رويترز)
أصدر البنك الدولي توقعات غلب عليها التحفظ للنمو في عام 2020 (رويترز)
TT

توقعات نمو «متحفظة» للبنك الدولي في 2020

أصدر البنك الدولي توقعات غلب عليها التحفظ للنمو في عام 2020 (رويترز)
أصدر البنك الدولي توقعات غلب عليها التحفظ للنمو في عام 2020 (رويترز)

يتوقع البنك الدولي حدوث تحسن بسيط في أداء الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي، وقال بنك التنمية متعدد الأطراف، إن 2019 شهد أضعف نمو اقتصادي منذ الأزمة المالية العالمية قبل عشر سنوات، وإن 2020 - رغم تحسن طفيف - يظل منكشفا على أوجه عدم تيقن فيما يتعلق بالتجارة والتوترات الجيوسياسية.
وقال أيهان كوسي، الذي أشرف على التقريرين السنويين للبنك الدولي حول الاقتصاد العالمي، إنه يتوقع تسارعاً طفيفاً في نمو الاقتصاد العالمي هذا العام، ولكن ليس بالسرعة الكافية، كما أن الانتعاش سيكون هشا.
وبحسب توقعات البنك الدولي الصادرة في تقرير «التوقعات الاقتصادية العالمية»، فإنه من المنتظر نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 2.5 في المائة خلال العام الحالي، مقابل 2.4 في المائة خلال العام الماضي، مدعوما بتحسن أداء قطاعي التجارة والاستثمار. في الوقت نفسه فإن تقديرات البنك الدولي بالنسبة لمعدل نمو الاقتصاد العالمي خلال العامين الماضي والحالي أقل بمقدار 0.2 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة. ويتوقع البنك نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 2.6 في المائة خلال العام المقبل.
وقال كوسي: «هذه الزيادة المتواضعة في النمو العالمي تؤذن بنهاية التباطؤ الذي بدأ في 2018 ونال بشدة من النشاط العالمي والتجارة والاستثمار، لا سيما العام الماضي... نتوقع بالفعل تحسنا، لكن إجمالا، ما زلنا نرى توقعات نمو ضعيفة».
وأشار البنك الدولي إلى أن تعافي الاقتصاد العالمي قد يصبح أقوى إذا ما أدت التحركات الحالية - وبخاصة الرامية إلى تهدئة التوترات التجارية - إلى خفض مستدام للغموض المحيط بالسياسات الاقتصادية والتجارية في العالم.
وتأخذ أحدث توقعات البنك الدولي في الحسبان ما يسمى باتفاق تجارة المرحلة 1 الذي أعلنته الولايات المتحدة والصين، والذي علق فرض رسوم جمركية أميركية جديدة على السلع الاستهلاكية الصينية كانت ستدخل حيز النفاذ في 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي وقلص الرسوم على بعض السلع الأخرى.
وقال كوسي إنه في حين سيكون لخفض الرسوم أثر «صغير على الأرجح» على التجارة، فمن المتوقع أن يعزز الاتفاق ثقة الشركات وآفاق الاستثمار، مما سيسهم في تحسن في نمو التجارة.
وقال البنك الدولي إن من المتوقع تحسن نمو التجارة العالمية على نحو متواضع في 2020 إلى 1.9 في المائة، من 1.4 في المائة في 2019، وهو ما كان أدنى مستوى منذ الأزمة المالية في 2008 و2009، ويظل هذا أقل من متوسط النمو السنوي التجاري البالغ خمسة في المائة منذ 2010، وفقا لبيانات البنك.
لكن يظل كل من التجارة وآفاق النمو العالمي عموما منكشفا على أي تصاعد في توترات التجارة الأميركية الصينية، فضلا عن تنامي التوترات الجيوسياسية. وقال مسؤولو البنك الدولي إنهم لم يتمكنوا من تقدير آثار صراع أميركي إيراني أوسع نطاقا على النمو، لكنهم أضافوا أنه سيزيد عدم التيقن، وهو ما سيضر بفرص الاستثمار.
وتظهر الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الناشئة والنامية مسارات متباينة في توقعات البنك الدولي. ووفقا للتقرير نصف السنوي الذي أصدره البنك الدولي مساء الأربعاء في واشنطن، فإن معدل نمو الاقتصادات المتقدمة سيتراجع إلى 1.4 في المائة خلال العام الحالي، مقابل 1.6 في المائة في العام الماضي، بما يعكس استمرار تراجع أداء قطاع الصناعات التحويلية.
لكن من المتوقع أن تشهد اقتصادات الأسواق الناشئة تسارعا في النمو إلى 4.3 في المائة في 2020، من 4.1 في المائة في 2019، وإن كان كلا الرقمين يقل نصف نقطة مئوية عن التوقعات الصادرة في يونيو (حزيران) الماضي.
وقال البنك الدولي إن معظم تحسن الأسواق الناشئة تقوده ثماني دول. ومن المتوقع أن تخرج الأرجنتين وإيران من الركود في 2020، وأن تتحسن آفاق ست دول عانت من تباطؤات في 2019، هي البرازيل والهند والمكسيك وروسيا والسعودية وتركيا.
ويتوقع البنك الدولي تراجع معدل نمو الاقتصاد الأميركي خلال العام الحالي إلى 1.8 في المائة ثم إلى 1.7 في المائة في 2021، وهو ما يزيد بمقدار 0.1 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة.
كما يتوقع البنك تراجع معدل نمو اقتصادات منطقة اليورو إلى 1 في المائة خلال العام الحالي، وهو ما يقل بمقدار 0.4 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة. ويتوقع البنك تباطؤ نمو الاقتصاد الياباني من 1.1 في المائة خلال العام الماضي إلى 0.7 في المائة خلال العام الحالي. وتراجع معدل نمو الاقتصاد الصيني من 6.1 في المائة في العام الماضي إلى 5.9 في المائة في العام الحالي، في حين كانت التقديرات السابقة 6.2 في المائة للعام الماضي و6.1 في المائة للعام الحالي. كما يتوقع البنك استمرار تراجع نمو الاقتصاد الصيني إلى 5.8 في المائة في 2021، في المقابل يتوقع البنك تحسن معدل نمو الاقتصاد الهندي من 5 في المائة خلال العام الماضي إلى 5.8 في المائة خلال العام الحالي، ثم 6.1 في المائة خلال العام المقبل.
وحذر البنك الدولي من أن الخطر الأساسي الذي يهدد الاقتصاد العالمي هو تراكم الديون في الدول الصاعدة والنامية. وحث البنك الحكومات على اتخاذ خطوات لتقليل المخاطر المرتبطة بتراكم الديون. كما أشار البنك إلى أن تراجع معدل الإنتاجية يمثل خطرا محتملا بالنسبة للاقتصاد العالمي.


مقالات ذات صلة

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.