في خطابها التلفزيوني السنوي الذي أذيع يوم عيد الميلاد قالت الملكة إليزابيث إن عام 2019 كان عاما «مليئا بالمطبات» في إشارة ربما لتغيرات في حياة عائلتها مثل الأمير فيليب الذي تنحى عن الحياة العامة والضجة التي ثارت حول ابنها الأمير أندرو وعلاقته بجيفري أبستين المدان باستغلال القاصرات. ما لم تقله وربما لم تتوقعه الملكة أن 2020 لن يكون أفضل من سابقه، ربما كانت هناك إشارة ضمنية لاحظها الكثيرون من خلال إطارات الصور التي وضعت على المكتب الذي جلست إليه لتلقي خطابها. قال كثيرون إن الملكة لم تضع صورة لحفيدها الأمير هاري وزوجته ميغان وابنهما آرتشي، واستشف المعلقون أن ذلك يشي بمتاعب قادمة وبعدم رضا الملكة عن هاري.
بعد أن فجر هاري وميغان قنبلة ليلة أول من أمس من خلال صفحتهما على موقع إنستغرام معلنين اعتزامهما بأنهما سيتنحيان عن أداء مهامهما الرئيسية وسيمضيان مزيدا من الوقت في أميركا الشمالية، يبدو أن 2020 سيكون عاما صعبا على الملكة والعائلة.
تفاعلت وسائل التواصل الاجتماعي مع الإعلان على الفور وتصدر وسم «ميغان» و«هاري» «تويتر» وغيره من المنصات، وبالطبع تبارت الصحف اليومية في تغطية الخبر على صفحاتها الأولى مع اختلاف النبرة من الرصينة في صحف مثل «غارديان» و«تايمز» إلى الحادة مثل «صن» و«ديلي ميل» و«ميرور» التي اختارت عناوين صارخة مثل «ميغزيت» وهو على وزن «بريكست» ويحمل ميغان مسؤولية القرار المفاجئ ويلقي عليها باللائمة في تفكيك العائلة المالكة البريطانية. «ديلي ميل» خصصت 12 صفحة للموضوع مستعينة بعمود للصحافي بيرس مورغان الذي هاجم الزوجين بحدة ناعتا ميغان بأنها «صيادة مال» وأنها استغلالية. وعموما نقد مورغان لميغان قد لا يعد حياديا إذ إنه يحمل الكثير من العداوة لها. ولكن اللافت في الموضوع هو التقارير الت ي ظهرت بعد ذلك واعتمدت على مصادر داخل قصر باكنغهام، تؤكد على أن القرار سبب صدمة شديدة في الأوساط الملكية وأن الملكة إليزابيث غاضبة جدا ومستاءة من تصرف حفيدها وأن والده الأمير تشارلز وشقيقه ويليام يغليان من الغضب.
وحسب تلك المصادر فيبدو أن هاري قد زار الملكة إليزابيث في قصر «ساندريهام» فور عودته من إجازته الطويلة في كندا، وقيل إنه أخبرها برغبته في التنحي عن الصف الأول من أفراد العائلة ولكن الملكة طلبت منه عدم الإعلان عن القرار وأن يقوم بمشاورة والده الأمير تشارلز. ولكن الزوجين قررا عدم الانتظار وأعلنا قرارهما المثير للجدل على صفحتهما بموقع إنستغرام. وبالأمس اجتمع أفراد العائلة في قصر كنزنغتون للاحتفال بعيد ميلاد دوقة كمبريدج كيت الـ38 وتواتر أن موضوع النقاش الأول سيكون القرار الصادم.
وعلقت ريانون ميلز مراسلة الشؤون الملكية بقناة سكاي التلفزيونية على الأمر بقولها «قيل لي بأن هاري وميغان قاما بكتابة نص البيان الذي نشراه على إنستغرام، ولم يتم استشارة أي فرد من أفراد العائلة الرفيعي المستوى. الأمر كان في مراحل النقاش الأولى».
من ناحية أخرى قال مراقبون إن القرار يبدو موائما لتوجهات الأمير تشارلز بتقليص أعداد العائلة الرسميين وضربوا المثل بصور حديثة للملكة مع ولي عهدها تشارلز وابنه ويليام والحفيد الأمير جورج، أي خط الوراثة للعرش.
- ابتعاد هاري وميغان بدأ مبكرا
بدا من البيان أيضا أن هاري يشعر ببعده عن الصف الأمامي للعائلة وأيضا رغبته أو رغبة ميغان بالاستقلال بحياتهما بعيدا عن العائلة وهو ما ظهر واضحا بعد انتقال الزوجين من الإقامة في قصر كنزنغتون مع الأمير ويليام وكيت، لينقلا مقر إقامتهما إلى قصر صغير بالقرب من قلعة وندسور. ومنذ بداية الزواج عبر هاري عن استيائه من ملاحقة وسائل الإعلام له ولزوجته وقال في برنامج وثائقي أذيع بمناسبة رحلتهما لأفريقيا إنه لا يريد أن تتكرر قصة والدته الراحلة ديانا مع الصحافة التي يلومها بشكل كبير على وفاة ديانا في حادث سير في باريس.
وفسر المراقبون بأن قرار هاري بالاستقلال النصفي من الدور الملكي بأنه سيتخلى عن المخصصات المالية التي يتلقاها من الدولة وأنه سيكتفي بدخله الذي خصصه له الأمير تشارلز من ثروته الخاصة. وسيتخلى الزوجان أيضا عن الفريق الصحافي الذي يغطي تحركات العائلة المالكة وسيعتمدان فقط على عدد محدود من الصحافيين الثقة. وأضافت ميلز في تحليلها على موقع قناة سكاي «القرار لن يؤثر سلبا على علاقتهما بالإعلام فقط بل أيضا مع أفراد العائلة المالكة».
أما آرثر إدواردز المصور الصحافي السابق بصحيفة «صن» فقال: «لا أعرف ما الذي أصاب هاري وأتمنى أن يعود لرشده»، وأضاف أن فرص العمل محدودة لشخص في مكانة الأمير هاري «هناك برامج تلفزيونية محدودة يمكنه تقديمها وخطابات محدودة يمكن إلقاؤها. هو شخص يملك الثروة ولا يحتاج للمال ولكننا في حاجة لوجوده. في نظري هذه أكبر صدمة تصيب العائلة منذ أن قامت والدته ديانا بلقاء تلفزيوني شهير في برنامج (بانوراما) تحدثت فيه عن حياتها مع الأمير تشارلز وعن علاقته بكاميلا بصراحة».
ومن داخل الأوساط الصحافية التي عملت داخل قصر باكنغهام قال ديكي آربيتير، السكرتير الصحافي في القصر الملكي سابقا: «هاري وميغان تعودا على اتخاذ قرارات من دون علم المحيطين بهما. لقد نشأ هاري تحت أضواء الإعلام وكنت أتوقع أن يكون متمرسا في التعامل معها، ولكني أعتقد أن الأمر كله كان برغبة ميغان. وأتوقع أن كثيرين سيلقون باللائمة عليها».
- الرباعي الرائع والانشقاق
تواترت أنباء كثيرة خلال العامين الماضيين عن خلافات بين هاري وشقيقه ويليام وقيل بأن ويليام غير راض عن تصرفات هاري بعد زواجه، وأكد ذلك هاري في لقاء تلفزيوني قال فيه إنهما «على طريقين مختلفين»، وإنهما يمران بأيام جيدة وأيام سيئة.
وقالت صحيفة «صن» إن هناك الكثير من الغضب تجاه هاري وميغان داخل العائلة لأنهما اتخذا القرار من دون التفكير في تداعياته على العائلة وأضاف التقرير: «لا يصدق المقربون من العائلة ما حدث، هناك أسئلة كثيرة بلا أجوبة. كانت هناك خطة وتفكير في أن يتم الأمر بشكل يرضي كل أفراد العائلة ولكن هاري وميغان قررا التصرف من دون التفكير في الآخرين». وبدا غضب الملكة من التصرف واضحا من البيان المقتضب الذي أصدره قصر «باكنغهام» بعد أن نشر هاري وميغان قرارهما وجاء فيه: «المناقشات مع الدوق والدوقة لا تزال في مراحلها الأولية. نتفهم رغبتهما في اتخاذ طريق آخر، لكن هذه الأمور معقدة وستستغرق وقتا للعمل عليها». وقالت صحيفة «ديلي ميل» إن رغبة الزوجين معروفة لدى أفراد العائلة منذ أسبوع وتم الاتفاق على محاولة تحقيقها بهدوء.
وقال أحد المساعدين في القصر إن «هاري وميغان لا يعرفان بالضبط ما يجب أن يفعلاه ليكونا مستقلين ماديا، وضرب المثل بآخرين في العائلة حاولوا جني المال من عملهم الخاص ولكن كل تلك المشاريع باءت بالفشل. وقال آخر إن الزوجين يريدان أن يحصلا على كل شيء، «يريدان الكعكة في يديهما وأكلها في نفس الوقت. حتى الفريق العامل معهما حذرهما من الإعلان عن الأمر حتى تتم المناقشة مع العائلة بشكل مستفيض. ولكنهما يعيشان في فقاعة وبعقلية المحاصر، يشعران وكأنهما في مواجهة العالم وأن العائلة لا تفهمهما ولا تساندهما، وأعتقد أن ذلك محض هراء».
- متحف {مدام توسو} يبعد تمثالي هاري وميغان عن العائلة
في تصرف سريع وصفه بعض القراء بـ«القاسي» قام متحف الشمع الشهير بلندن «مدام توسو» بتغيير ترتيب التماثيل الشمعية للعائلة الملكة وأبعد تمثالي ميغان وهاري من مكانه المعتاد إلى جوار تماثيل الملكة ودوق إدنبره الأمير فيليب والأمير ويليام وكيت ميدلتون. وقال ستيف ديفيز المدير العام للمتحف الشهير: «كبقية العالم نتفاعل مع الأخبار المثيرة للاستغراب أن دوق ودوقة ساسيكس قررا التراجع عن دوريهما كأفراد رفيعي المستوى في العائلة المالكة. من اليوم لن يقف تمثال هاري وتمثال ميغان في عرضنا الخاص بالعائلة المالكة».
- على خطى إدوارد ومسز سيمبسون
مقارنة هاري وميغان مع الملك إدوارد الثامن الذي تخلى عن العرش بسبب قصة حبه مع المطلقة الأميركية واليس سيمبسون وزواجه منها، كانت أول ما ردده المعلقون. وفي الواقع أوجه المقارنة كثيرة فمسز سيمبسون كانت مطلقة أميركية مثل ميغان وتسبب زواجها من إدوارد في شرخ في العائلة المالكة. ولكن أيضا يمكن القول بأن قرار التنحي أثر على إدوارد نفسه وعلى رضاه عن حياته بعيدا عن القصر الملكي بعد أن أقصته العائلة عنها. وذلك ما عبر عنه الكاتب المختص بحياة شخصيات العائلة المالكة هيوغو فيكرز الذي قال لراديو بي بي سي 4 مقارنا بين الحالتين: «إذا لم يكونا حذرين سينتهي بهما الأمر كمثل المشاهير الملطخي السمعة، حتى لو حاولا عمل دائرة ملكية خاصة بهما لن ينجح الأمر». وفي الواقع هناك مقارنة أخرى مع الأميرة الراحلة ديانا التي تركت العائلة المالكة بعد طلاقها من الأمير تشارلز وقررت التفرغ للأعمال الخيرية، وربما يكون هاري متأثرا بها أكثر من أي شخص آخر فهو عانى نفسيا الكثير منذ تلك اللحظة التي مشى فيها طفلا خلف نعشها.
وكان هاري قد اعترف سابقا بأنه عانى بعد وفاة والدته ديانا وعبر عن ذلك في عدد من المقابلات الصحافية وقال في إحداها إنه في كل مرة يرى كاميرا صحافي أمامه ويسمع صوتها يتذكر وفاة والدته، وقال: «أعتقد كوني أني فرد من العائلة أقوم بهذا الدور وهذه الوظيفة، في كل مرة أرى فيها كاميرا مصور وكل مرة أسمع فيها صوت التقاط الصورة، كل مرة أرى فيها (الفلاش)، يأخذني ذلك للوراء، كل ذلك بالنسبة لي أسوأ ذكرى لحياة والدتي بدلا من أن يكون الأفضل».
قرار هاري وميغان بالانسحاب يغضب الملكة ويثير سخط الصحافة البريطانية
اجتماع للعائلة في قصر كنزنغتون... ومقربون: لم يستشيرا أحداً و«مدام توسو» يغيّب تمثاليهما
قرار هاري وميغان بالانسحاب يغضب الملكة ويثير سخط الصحافة البريطانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة