خسوف شبه ظلي للقمر لا تلحظه العين في السعودية

فلكيون أكدوا أن الحدث سيتكرر 4 مرات في 2020

خسوف شبه ظلي للقمر لا تلحظه العين في السعودية
TT

خسوف شبه ظلي للقمر لا تلحظه العين في السعودية

خسوف شبه ظلي للقمر لا تلحظه العين في السعودية

تشهد الأرض اليوم أول خسوف شبه ظلي للقمر، يُعرف باسم «الخسوف الكاذب»؛ وذلك لعدم القدرة على ملاحظته بشكل واضح بالعين المجردة. ويعد هذا الخسوف الأول خلال عام 2020 من بين أربعة ستحدث على الأرض كلها من أنواع شبه الظل.
وأوضح الفلكي ملهم هندي، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، لـ«الشرق الأوسط»، أن خسوف اليوم يتمثل في دخول القمر في منطقة قريبة من ظل الأرض تسمى «شبه الظل»، فلا يسقط ظل الأرض على القمر ولا يحدث له خسوف حقيقي إنما خفوت في إضاءته بحدود 10 في المائة، مشيراً إلى أن دخول القمر منطقة شبه الظل يبدأ الساعة 8:07 مساءً بتوقيت السعودية، وستغطي تقريباً 90 في المائة من قرص الشمس خلال الذروة التي تصل الساعة 10:11 مساءً، ثم يبدأ القمر بالخروج من منطقة شبه الظل حتى ينتهي الساعة 12:12 بعد منتصف الليل.
وأكد أن عدم دخول القمر خلف ظل الأرض الحقيقي يؤدي إلى أن يكون الخسوف صعب الملاحظة للناس؛ لأنه يغير نسبة الإضاءة فقط، وسيكون الملاحظ فقط أن الجانب الجنوبي للقمر أقل إضاءة؛ ولذلك لا تقام له صلاة لعدم تمييز الخسوف.
إلى ذلك، قال الدكتور علي الشكري، المشرف على المرصد الفلكي لمركز سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية (سايتك): «لن يلاحظ أحد أي شيء؛ فالقمر يدخل في منطقة بين الظل والنور، ومن الصعوبة مشاهدة ذلك إلا إن كان عبر كاميرات خاصة، لكن عين الإنسان لن تلاحظ شيئاً؛ ولهذا الأمر لا صلاة لهذا الخسوف».
وأضاف الشكري لـ«الشرق الأوسط»، أن الناس تلاحظ في الخسوف عادة تآكل وجه القمر رويداً رويداً إلى حين أن ينتهي ثم يعود من جديد، لكن لا يمكن تجاهل أن هذا الخسوف الكاذب هو يُعتبر فلكياً من أنواع الخسوف، إلا أن الفلكيين لا يهتمون بأمر مشاهدته لأنهم لا يلاحظون أي تغيّر واضح في الإضاءة. ورغم كون الخسوف كاذباً وغير ملحوظ، فإنه سبب إرباكاً لبعض القائمين على تنظيم بعض الفعاليات؛ إذ أعلن الحساب الرسمي لفعاليات «شتاء الرياض»، عن تأجيل ليلة صقر الأغنية الخليجية التي كان من المنتظر أن يحييها الفنان السعودي رابح صقر، إلى غدٍ (السبت)، وعزت الجهة المنظمة ذلك إلى خسوف القمر الذي سيكون اليوم.
ويحدث هذا الخسوف بعد أسبوعين من كسوف الشمس الحلقي الذي جرى في 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأوضح ماجد أبو زاهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة، أن خسوف شبه الظل يحدث عندما يعبر القمر منطقة شبه ظل الأرض الباهتة، ويستمر أربع ساعات وأربع دقائق، وخلال هذا النوع من الخسوف ستقل إضاءة القمر قليلاً خلال مدة الخسوف.
وتابع: «هذا سينطبق على جميع خسوفات القمر في 2020؛ لكونها من نوع شبه الظل»، مشيراً إلى أن مراحل الخسوف ستكون في وقتٍ واحد في مناطق السعودية كافة.
ويشهد هذا العام ست ظواهر فلكية جماهيرية، هي كسوفان للشمس، إحداهما حلقي في 21 يونيو (حزيران)، والآخر كلي في 14 ديسمبر (كانون الأول)، و4 خسوفات للقمر كلها من نوعية «شبه الظل»، ويبدأ أولها اليوم، ويتكرر مرة أخرى في 5 يونيو وبعدها في 5 يوليو (تموز)، ثم أخيراً في 30 نوفمبر (تشرين الثاني).
وإذا كانت أغلب الظواهر الفلكية الجماهيرية من كسوف وخسوف تكون ملاحظة جيداً بالعين المجردة خلال مراحلها المختلفة، فإن ظاهرة خسوف شبه الظل، والتي ستكون مشاهدة في قارات أوروبا وأفريقيا وآسيا، لن تكون ملاحظة بشكل جيد إلا مع وصول الخسوف إلى ذروته العظمى عند الساعة (7:10 مساء بتوقيت غرينيتش)، حيث سيكون ذلك هو أفضل وقت لملاحظة الظاهرة، والتي يقتصر تأثيرها على ملاحظة «خفوت في سطوع القمر»، لكن سيبقى قرص القمر مضاء بالكامل.
ويقول الدكتور أشرف تادرس، الرئيس السابق لقسم الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخسوف بشكل عام يحدث عندما تقع الشمس والأرض والقمر على خط واحد وتكون الأرض في المنتصف، فتحجب أشعة الشمس عن القمر، ولذلك يختفي ضوء القمر حينها، ويشترط لحدوث ذلك أن يكون القمر بدراً، ويكون الخسوف سواء كان كلياً أو جزئياً ملاحظاً بالعين المجردة عندما يدخل القمر في منطقة ظل الأرض، أما في حالة اليوم فالقمر يدخل في منطقة شبه الظل، وعادة لا يكون هذا الخسوف ملاحظا بالعين المجردة، إلا عند مرحلة الذروة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».