حادث تحطّم الطائرة الأوكرانية يشكّل تحدياً جديداً لـ«بوينغ»

شعار شركة «بوينغ» الأميركية (رويترز)
شعار شركة «بوينغ» الأميركية (رويترز)
TT

حادث تحطّم الطائرة الأوكرانية يشكّل تحدياً جديداً لـ«بوينغ»

شعار شركة «بوينغ» الأميركية (رويترز)
شعار شركة «بوينغ» الأميركية (رويترز)

تشكّل كارثة تحطّم طائرة من طراز «بوينغ» أمس (الأربعاء) ضربة جديدة للشركة الأميركية بعد نحو عام على وقف تشغيل طائراتها «ماكس 737» في أعقاب حادثتين داميتين.
ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، لم ترد الكثير من التفاصيل بشأن الحادثة التي تعرّضت لها الطائرة من طراز بوينغ 737 - 800 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية الدولية قرب طهران وقتل فيها 176 شخصاً هم جميع من كانوا على متنها.
لكن الأخبار الأخيرة السلبية المرتبطة بطائرة «بوينغ» ألقت بظلالها على أسهم الشركة التي أغلقت جلسة التداول الأربعاء على انخفاض بنسبة 1.8 في المائة عند 331.37 دولار.
وما كان للحادثة أن تأتي في وقت أسوأ بالنسبة لـ«بوينغ»، التي لا تزال تعاني من تداعيات حادثين تعرّضت لهما طائرتان من فئة «ماكس» أسفرا عن مقتل 346 شخصاً، ما دفع لوقف تشغيل طائرتها الأكثر مبيعاً حول العالم، وعرّض الشركة لانتقادات على خلفية طريقة تعاطيها مع الأزمة.
وقال الكندي بول نجوروغ، الذي خسر عائلته في حادثة تحطم طائرة ماكس التابعة للخطوط الإثيوبية في مارس (آذار) العام الماضي إن حادث الطائرة الأوكرانية «أشعرني بالقشعريرة».
وقال نجوروغ في بيان إن «طائرة 737 - 800 التي سبقت 737 - ماكس، لطالما اعتبرت موثوقة على مدى السنوات».
وأضاف «لكن لا يجب التسامح مع أي مشاكل تقنية في تركيبة الطائرة».
وشدد محللون في مجال الطيران على أن الطائرتين 737 - 800 و737 - ماكس من طرازين مختلفين، ولذا فيجب النظر في الحالتين بشكل منفصل.
وأشار ريتشارد أبو العافية من «مجموعة تيل» الاستشارية المعنية بالطيران والدفاع إلى أن حادثة تحطّم رحلة الخطوط الأوكرانية «مأساوية ولا يبدو الوضع جيّدا» بالنسبة لبوينغ، لكن سجلّ طراز 737 - 800 كان ممتازاً.
وأفادت شركة الطيران الأوكرانية بأن الطائرة التي تحطّمت صُنعت سنة 2016 وتم فحصها قبل أيام فقط من وقوع الحادثة. وكانت حادثة الأربعاء الأولى لشركة الخطوط الأوكرانية الدولية التي تتسبب بسقوط قتلى.
ولم تصدر أي مؤشرات بعد على أن الحادث كان مدبّراً، بينما حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من «التكهّن» بشأن أسباب الكارثة.
واختفت الطائرة عن شاشات الرادار بعد دقيقتين من التحليق بينما كانت على ارتفاع ثمانية آلاف قدم (نحو 2400 متر).
وأعلنت منظمة الطيران المدني الإيرانية التي نشرت نتائج تحقيقها الأوّلي على موقعها الإلكتروني مساء الأربعاء أن الطائرة الأوكرانية استدارت للعودة بعيد إقلاعها بعدما واجهت «مشكلة».
ونقلت عن شهود عيان تحدّثهم عن وقوع حريق على متنها.
وأفاد بيان نُشر على موقع السفارة الأوكرانية في إيران بداية أن عطلاً في المحرّك تسبب بالحادث واستبعد فرضية العمل الإرهابي. لكن ورد في تحديث نشر لاحقاً أن لجنة رسمية ستقدم جميع المعلومات المتعلقة بالأمر.
وأشار أبو العافية إلى أن تصريحات صدرت بعد وقت قصير من الحادثة وأرجعتها لصعوبات تقنية تعكس «درجة لا يمكن تصديقها من غياب المهنية»، إذ صدرت دون الوصول إلى صندوقي الطائرة الأسودين أو اتصالات الطيّار.
واعتبر سكوت هاملتن من «ليهام نيوز» أن التقارير التي ربطت حادث تحطم الطائرة الأوكرانية بأزمة طائرات ماكس «غير مسؤولة»، مضيفاً أن طراز 737 - 800 يوفر «طائرات يمكن الوثوق بها بدرجة عالية مع وجود الآلاف في الخدمة حول العالم».
وقال هاملتن إن التحقيقات بشأن حوادث التحطم تشمل عادة دراسة احتمال وجود خطأ من قبل الطيّار أو في الصيانة أو مشكلة تقنية أو عوامل خارجية على غرار الطقس والإرهاب أو دخول أجسام غريبة في المحرّك.


مقالات ذات صلة

قتيل بتحطم طائرة شحن في ليتوانيا... والشرطة لا تستبعد «فرضية الإرهاب»

أوروبا حطام طائرة شحن في باحة منزل قرب مطار فيلنيوس بليتوانيا (أ.ف.ب) play-circle 00:39

قتيل بتحطم طائرة شحن في ليتوانيا... والشرطة لا تستبعد «فرضية الإرهاب»

قال مسؤولون من المطار والشرطة والإطفاء إن طائرة شحن تابعة لشركة «دي إتش إل» تحطمت قرب مطار فيلنيوس في ليتوانيا.

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)
أوروبا صورة مثبتة من مقطع فيديو يظهر تحطم الطائرة

مقتل طيارين بتحطم طائرة عسكرية في بلغاريا

قال وزير الدفاع البلغارى أتاناس زابريانوف اليوم (الجمعة) إن طائرة تدريب عسكرية تحطمت في بلغاريا، مما أسفر عن مقتل الطيارين.

«الشرق الأوسط» (صوفيا )
أوروبا زيلينسكي في مؤتمر صحافي... وتظهر خلفه المقاتلة «إف-16» (أ.ب)

تحطم طائرة أوكرانية من طراز «إف-16»

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أميركي قوله إن طائرة أوكرانية من طراز «إف-16» تحطمت.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم قاذفة استراتيجية روسية فوق المياه المحايدة لبحر بيرنغ في هذه الصورة الثابتة المأخوذة من مقطع فيديو تم إصداره في 14 فبراير 2023 (رويترز)

طيار قتيل في تحطم القاذفة الروسية في سيبيريا

قُتل أحد طياري قاذفة روسية تحطمت في منطقة إيركوتسك في سيبيريا الروسية، على ما قال الحاكم المحلي إيغور كوبزيف.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا طائرتان مقاتلتان فرنسيتان من طراز «رافال» تحلقان خلال مناورة عسكرية دولية مع البحرية الهندية في 11 مايو 2017 قبالة سواحل بريست غرب فرنسا (أ.ف.ب)

اصطدام مقاتلتين من طراز «رافال» في شمال شرقي فرنسا

اصطدمت طائرتان مقاتلتان من طراز رافال أثناء تحليقهما في الجو، قبل أن تسقطا على الأرض وتتحطما في شمال شرقي فرنسا، اليوم (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.