تونس: الجملي يواصل حشد الدعم لحكومته المقترحة

TT

تونس: الجملي يواصل حشد الدعم لحكومته المقترحة

قبل يوم من الجلسة البرلمانية المخصصة للتصويت على الحكومة التونسية الجديدة، جدد رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي تمسكه بعرض تركيبة الحكومة التي اقترحها على البرلمان، دون تغيير في تركيبتها، وذلك رغم الانتقادات والاتهامات التي وجهت لعدد من أعضائها.
وأوضح الجملي أنه من غير الممكن، دستورياً وإجرائياً، إعادة النظر في تركيبة الحكومة المقترحة قبل عرضها على البرلمان، مبرزاً أن «المراجعة لن تكون قبل التصويت على تركيبة الحكومة وانطلاقها في العمل»، وهو رأي خالفه فيه عدد من الخبراء التونسيين في القانون الدستوري، ولا يراعي موقف حركة النهضة التي دعت إلى إدخال بعض التحسينات العاجلة على الحكومة المقترحة.
وقال الجملي أمس: «ألتزم شخصياً بعرض القائمة دون تغيير، احتراماً لتعهدي بتشكيل حكومة كفاءات»، مبرزاً أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أكد خلال اللقاء، الذي جمعه به مساء الثلاثاء الماضي، أنه «لا مجال لمراجعة قائمة الحكومة، ويجب عرضها على البرلمان كما هي».
ويواصل الجملي سلسلة مشاوراته مع رؤساء الأحزاب والكتل البرلمانية، بخصوص الحكومة وتشكيلتها، والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم حول أعضائها، مشيراً في هذا السياق إلى أنه برمج لقاء مع محمد عبو، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي (22 مقعداً برلمانياً)، ويوسف الشاهد رئيس حكومة تصريف الأعمال، ورئيس حركة «تحيا تونس» (14مقعداً)، في محاولة لحشد الدعم وتقوية الحزام السياسي الداعم للحكومة المقترحة.
لكن جل الأحزاب ما زالت تعترض على بعض الأسماء والشخصيات التي اختارها الجملي لترؤس حقائب وزارية، وشككت في استقلاليتها واتهمت بعضها بشبهة الفساد.
كما أجرى الجملي اجتماعاً مع حسونة الناصفي، رئيس الكتلة البرلمانية «الإصلاح الوطني» (15 مقعداً برلمانياً)، خصص لحثّ ممثلي هذه الكتلة البرلمانية على منح الثقة لحكومته بهدف تجنب سيناريو إجراء انتخابات برلمانية مبكرة. كما عقد خلال الأيام الأخيرة لقاءين غير معلنين مع يوسف الشاهد ونبيل القروي، سبقتهما محادثات بين قيادات حركة «تحيا تونس» وحزب «قلب تونس» بهدف تنسيق المواقف قبل جلسة منح الثقة للحكومة.
وكانت حركة «تحيا تونس» قد أعلنت قبل أسابيع اصطفافها في شق المعارضة، وهو ما أضفى ضبابية إضافية على مغزى اللقاءات مع نبيل القروي.
وفيما اعتبر مراقبون أن الشاهد قد يسعى إلى تقريب وجهات النظر، وإقناع قيادات حزب «قلب تونس» بالتصويت لصالح الحكومة المرتقبة، فإن أطرافاً سياسية أخرى ترى أن اللقاءات قد تتطابق مع طموحات يوسف الشاهد، ورغبته في تكليفه من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد بتشكيل الحكومة، فيما بات يعرف في تونس بـ«حكومة الرئيس»، ويرون أن ضبابية موقف حزب «قلب تونس» بشأن منح الثقة للحكومة، قبل يومين من موعد الجلسة العامة في البرلمان، يصب في صالح الشاهد رئيس حكومة تصريف الأعمال في الوقت الحالي.
وفي حال عدم حصول الحكومة الجديدة على ثقة البرلمان، فإن الفصل 89 من الدستور التونسي ينص على إجراء رئيس الجمهورية في أجل 10 أيام مشاورات جديدة مع الأحزاب، والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر على تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».