مصر وفرنسا واليونان وقبرص تعتبر اتفاقيتي تركيا مع السراج «باطلتين»

المؤتمر الصحافي لوزراء خارجية مصر وفرنسا واليونان وقبرص بعد اجتماعهم بالقاهرة (رويترز)
المؤتمر الصحافي لوزراء خارجية مصر وفرنسا واليونان وقبرص بعد اجتماعهم بالقاهرة (رويترز)
TT

مصر وفرنسا واليونان وقبرص تعتبر اتفاقيتي تركيا مع السراج «باطلتين»

المؤتمر الصحافي لوزراء خارجية مصر وفرنسا واليونان وقبرص بعد اجتماعهم بالقاهرة (رويترز)
المؤتمر الصحافي لوزراء خارجية مصر وفرنسا واليونان وقبرص بعد اجتماعهم بالقاهرة (رويترز)

اعتبر وزراء خارجية فرنسا واليونان وقبرص ومصر في بيان مشترك أصدروه في ختام اجتماعهم في القاهرة اليوم الأربعاء أن اتفاقيتي تركيا مع حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج «باطلتان».
وأضافت الدول الأربع أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط تشكل «تعديا على الحقوق السيادية لدول أخرى ولا تتوافق مع قانون البحار ولا يمكن أن تترتب عليها أي نتائج قانونية».
وكان الوزراء الأربعة قد أعربوا بعد اجتماعهم في القاهرة، عن دعمهم لمؤتمر برلين الدولي الذي سيُعقد الشهر الجاري، في محاولة للتوصل إلى تسوية للأزمة الليبية.
ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، شارك وزير خارجية إيطاليا لويجي دي مايو، في هذا الاجتماع، دون أن يوقّع البيان المشترك أو يحضر المؤتمر الصحافي.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في مؤتمر صحافي مشترك مع الوزراء الأوروبيين الثلاثة: «نحن مجمعون على دعم عملية برلين»، معتبراً أن هذا المؤتمر «ربما يكون الفرصة الأخيرة» للتوصل إلى توافق بين الأطراف الليبيين حول تسوية سياسية للأزمة في بلادهم.
وقال شكري إن الدعم التركي في ليبيا متواصل لمجموعات وميليشيات تقودها عناصر متطرفة معروفة وبعضها مدرج على قوائم عقوبات مجلس الأمن.
ووفقاً لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية، أشار شكري إلى أن توقيع مذكرتي التفاهم بين الحكومة التركية ورئيس حكومة «الوفاق» الليبية فايز السراج، مؤخراً، يعد «مخالفة صارخة لاتفاق الصخيرات وقرارات مجلس الأمن، فضلاً عن التهديدات المتواصلة بالتدخل العسكري بليبيا، في محاولة لترجيح كفة طرف وضربة للجهود الدولية الرامية للتوصل إلى الحل السياسي».
وقال إن «الاجتماع كان فرصة لمناقشة التطورات المقلقة في منطقة الشرق المتوسط وخاصة اتصالاً بالوضع في ليبيا والذي تتأثر به دولنا جميعاً بالسلب»، مشيراً إلى «أننا نعمل على مساعدة الليبيين منذ سنوات من أجل التوصل إلى التفاهم السياسي بين الأطراف والقوى المتصارعة على الساحة الليبية».
من جانبه، شدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، على أنه «لن يكون هناك حل عسكري للأزمة الليبية»، مضيفاً أن «الحل لا يمكن إلا أن يكون سياسياً».
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أعلن، الأحد، بدء نشر جنود أتراك في ليبيا استناداً إلى اتفاقين وقعتهما أنقرة مع حكومة «الوفاق» أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، أحدهما عسكري ينص على أن تقدّم تركيا مساعدات عسكرية لحكومة السراج، والآخر يتناول ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا.
وقال لو دريان إن تركيا يمكنها أن تكون «لاعباً مهماً في شرق المتوسط ولكنها لا يمكن أن تصبح كذلك إلا إذا احترمت قانون البحار ووافقت على الدخول في حوار مع الدول المطلة على المتوسط».
ويمسّ اتفاق ترسيم الحدود بين تركيا وحكومة السراج باتفاق بحري آخر موقّع بين اليونان ومصر وإسرائيل وقبرص، ما أثار قلق هذه الدول.
ويندرج الدعم التركي لحكومة السراج في سياق سعي أنقرة لتأكيد حضورها في شرق المتوسط، حيث يدور سباق للتنقيب عن موارد الطاقة واستغلالها وسط تسجيل اكتشافات ضخمة في السنوات الأخيرة.
وأثار اتفاق ترسيم الحدود البحرية غضب اليونان بشكل خاص التي دعت الأمم المتحدة إلى إدانة الاتفاقية التي من شأنها أن تمنح أنقرة سيادة على مناطق غنية بموارد الطاقة، خصوصاً قبالة جزيرة كريت.



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.