«كان وجهه كافياً لترويعي بقية حياتي»... بعض ضحايا إبستين يروين تجاربهن

جينا ليزا جونز تحمل صورة لنفسها عندما كانت أصغر سناً (إيه بي سي)
جينا ليزا جونز تحمل صورة لنفسها عندما كانت أصغر سناً (إيه بي سي)
TT

«كان وجهه كافياً لترويعي بقية حياتي»... بعض ضحايا إبستين يروين تجاربهن

جينا ليزا جونز تحمل صورة لنفسها عندما كانت أصغر سناً (إيه بي سي)
جينا ليزا جونز تحمل صورة لنفسها عندما كانت أصغر سناً (إيه بي سي)

ما زالت ميشيل ليكاتا تتذكر بوضوح القلق والفزع اللذين شعرت بهما منذ 15 عاماً عندما عبرت السيارة التي كانت تستقلها جسراً إلى بالم بيتش في ولاية فلوريدا الأميركية، وحولت مسارها إلى طريق إل بريلو، وهو طريق مسدود يوصل إلى بعض المنازل الفخمة.
وتتذكر ليكاتا قائلة: «بينما كنا نمشي في أحد الأحياء، بدأت أتساءل: أين نحن؟ هل نحن ذاهبون إلى منزل شخص ما؟»
كان ذلك قبل عيد الميلاد مباشرة عام 2004 عندما اتصلت إحدى صديقات ليكاتا بها، وكانت الأخيرة حينها طالبة في المدرسة الثانوية وتبلغ من العمر 16 عاماً، وسألتها إن كانت تريد كسب بعض النقود السريعة لشراء الهدايا لإخوتها وأخواتها، وفقاً لتقرير نشره موقع شبكة «إيه بي سي نيوز».
وتقول ليكاتا إن صديقتها أخبرتها أن كل ما عليها فعله هو أن تقدم تدليكاً لرجل مسن، وستدفع لها 200 دولار أميركي.
وقالت ليكاتا: «قبلت الأمر... أردت أن أحصل على بعض الأموال الإضافية لعيد الميلاد».
وبعد الانتهاء من عملها بمتجر في غرب بالم بيتش، قالت ليكاتا إن صديقتها أتت وأوصلتها لتنفيذ المهمة التي أخبرتها عنها.
ولم يكن لدى ليكاتا أي فكرة في ذلك الوقت أنها على وشك الدخول إلى قصر جيفري إبستين في بالم بيتش، الذي كان آنذاك أحد كبار الممولين الأثرياء البالغ من العمر 51 عاماً، والذي خضع فيما بعد للتحقيق من قبل السلطات المحلية والاتحادية بسبب جرائم جنسية مزعومة ضد أكثر من 30 فتاة دون السن القانونية.
وبينما كانت هي والفتاة الأخرى تتجه نحو المنزل، استقبلت ليكاتا «سيدتين تشبهان عارضات الأزياء». ولاحظت ليكاتا أيضاً وجود أشخاص بالغين في جميع أنحاء مكان الإقامة.
وتعد ليكاتا، وهي الآن أم تبلغ من العمر 31 عاماً، واحدة من تسع نساء قابلتهن شبكة «إيه بي سي نيوز» خلال العام الماضي للتحدث حول تجاربهن المؤلمة مع إبستين في بالم بيتش وفي أماكن أخرى بمنازله في جميع أنحاء البلاد.
وقالت ليكاتا إنها في اليوم الذي ذهبت فيه إلى منزل إبستين، قادتها امرأة شابة في الطابق العلوي إلى الحمام الكبير حيث كان إبستين يتحدث عبر الهاتف، وكان مستلقياً بالفعل على كنبة مخصصة للتدليك. وقالت إن المرأة وضعت جهاز توقيت، وتركت ليكاتا وحدها في الغرفة لبدء التدليك.
وأشارت ليكاتا إلى أنه «طلب مني أن أنزع ملابسي. كان يلمسني بطريقة غريبة وطلب مني أموراً غير أخلاقية».
وأضافت: «كان وجهه كافيا لترويعي ومطاردتي بقية حياتي».
وأشارت ليكاتا إلى أن إبستين أعطاها 300 دولار؛ 200 دولار لها و100 دولار للفتاة التي أحضرتها إلى هناك، والتي كانت تنتظر في الطابق السفلي لتأخذها إلى المنزل.
وقالت ليكاتا إنها لم تخبر أسرتها بما فعله إبستين إلا بعد عام، عندما أتى رجال شرطة بالم بيتش إلى منزلهم.
وأوضح مايكل رايتر، رئيس الشرطة في بالم بيتش خلال عملية التحقيق بشأن إبستين: «كانت الفتيات بالتأكيد تخشى التحدث عن الموضوع. كانت النساء تقول دائما إن هذا رجل قوي للغاية. الخوف والاعتقاد بأن لا أحد سيصدق قصتهن جعل معظمهن مترددات للغاية في التعاون معنا».
ويقول الخبراء إن إحجام الضحايا عن التحدث إلى جانب شعورهن بالعار سمح على الأرجح لإبستين الاستمرار بمخططه دون الكشف عنه لسنوات، قبل أن تبدأ الشرطة بالتحقيق.
وقالت جيمي هاوارد، عالمة علم النفس بمعهد «تشايلد مايند»: «في كثير من الأحيان، فكرت بعض الفتيات كالتالي: «هذا خطأي... لن أخبر أحداً. لا أريد أن يلومني أحد. لا أريد أن يظن الناس أنني ارتكبت شيئاً خاطئاً حقاً، وبعد ذلك سوف أواجه مشكلة. لذلك سأبقي الأمر لنفسي وسأواجه كل هذا العار».
وقالت جينا ليزا جونز التي كانت في الرابعة عشرة من عمرها عندما تحرش بها إبستين: «إن وجودك في هذا المنزل الباهظ الثمن والمكان الذي يعيش فيه بشكل عام يظهر لك أنه أقوى منك بالفعل. لقد جعلني أشعر وكأنني لو أخبرت أحداً، فلن يصدقوني».
وحتى اليوم، فإن بعض النساء اللواتي تحدثن إلى شبكة «إيه بي سي» اشترطن إخفاء هوياتهن وحجب أسمائهن من التقارير.
«أريد أن أسمع قصتي»... قالت امرأة ذهبت إلى إبستين مرة واحدة، «لكن في الوقت نفسه، أنا أم، لدي وظيفة. إنه موقف محرج وهو أمر ما زال يزعجني».
بدوره، أكد براد إدواردز، محامي حقوق الضحايا الذي مثل عدة نساء في القضايا الموجهة ضد إبستين: «كان هناك بعض طلاب المدارس المتوسطة والمدارس الثانوية في جميع أنحاء بالم بيتش يحاولون العثور على فتيات لإبستين».
وبعد وقت قصير من تقرير الضحية الأولى لإبستين، أمر رايتر بمراقبة منزله طوال الوقت ونظم خطة لاستعادة نفايات إبستين، والتي تمكنت الشرطة من الحصول عبرها على أسماء ضحايا إضافيين محتملين، إلى جانب توقيت زياراتهم.
وقال رايتر إنه أبلغ المدعي المحلي في ذلك الوقت، المحامي العام في مقاطعة بالم بيتش، باري كريتشر، حول القضية في وقت مبكر، مع العلم أن الدور في نهاية المطاف سيكون لكريتشر لتقديم أي تهم ضد إبستين.
ومع التقدم في التحقيقات في بالم بيتش، علم إبستين أنه كان الهدف وجمع فريقاً من محامي الدفاع الذين بدأوا التواصل مع مكتب المدعي العام بشأن القضية وخلفيات بعض الضحايا المزعومين وأسرهم.
وبعد فترة وجيزة، قال رايتر ومحققوه إنهم بدأوا يلاحظون حدوث تغيير في الموقف القادم من كريتشر.
وأوضح رايتر: «شعرنا كما لو كنا نتحدث مع محامي دفاع بدلاً من مدعٍ عام. كان يدافع عن موقف المشتبه به وكأن هذه الظروف لم تكن في الحقيقة خطيرة».
وحتى بعد إعادة اعتقال إبستين بتهمة الاتجار الجنسي في يوليو (تموز) 2019 ووفاته بعد شهر، لا يزال العديد من ضحاياه يشعرون بالخيانة بسبب الطريقة التي عوملوا بها، ويبحثون عن إجابات عن سبب تعامل النظام معه بتساهل.


مقالات ذات صلة

هل قام إبستين بابتزاز بعض المشاهير جنسياً؟

الولايات المتحدة​ جيفري إبستين أثناء محاكمته في 2008 (أ.ب)

هل قام إبستين بابتزاز بعض المشاهير جنسياً؟

كشفت الدفعة الأخيرة من «وثائق إبستين» أن الملياردير الراحل رفض الرد على أسئلة المحامين التي تتعلق بقيامه بابتزاز بعض المشاهير جنسياً

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الملياردير الأميركي الراحل جيفري إبستين (رويترز)

كشف لائحة أسماء مرتبطة بقضية إبستين

بدأت قاضية في نيويورك مساء أمس (الأربعاء) كشف أسماء أشخاص على صلة بقضية شبكة الملياردير جيفري إبستين الذي انتحر في سجنه عام 2019 قبل محاكمته بجرائم جنسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الملياردير الأميركي جيفري إبستين في صورة التُقطت لقسم خدمات العدالة الجنائية بولاية نيويورك في 28 مارس 2017 حصلت وكالة «رويترز» على نسخة منها في 10 يوليو 2019 (رويترز)

وزارة العدل الأميركية: إبستين انتحر في السجن عندما كان وحده دون مراقبة

قالت وزارة العدل الأميركية (الثلاثاء) إن الملياردير جيفري إبستين الذي توفي في السجن في نيويورك في أغسطس 2019 انتحر نتيجة «إهمال» من العاملين في السجن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جيفري إبستين (أ.ب)

تقرير: إبستين حاول ابتزاز غيتس بسبب علاقته برياضية روسية

أفاد تقرير صحافي أن رجل الأعمال الأميركي الراحل، جيفري إبستين، هدد الملياردير الأميركي بيل غيتس، وحاول ابتزازه بسبب علاقته برياضية روسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق طيار إبستين يكشف سفر الأمير أندرو وترمب وكلينتون بطائرة الملياردير الراحل

طيار إبستين يكشف سفر الأمير أندرو وترمب وكلينتون بطائرة الملياردير الراحل

كشف الطيار السابق للملياردير الأميركي الراحل جيفري إبستين، المتهم بجرائم جنسية، أنه نقل مشاهير مثل الأمير البريطاني أندرو، والرؤساء الأميركيين السابقين دونالد ترمب وبيل كلينتون، في طائرة الملياردير، وذلك أثناء إدلائه بشهادته خلال محاكمة غيلاين ماكسويل المعاونة السابقة لإبستين. ووفقاً لشبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد قال الطيار، لورينس فيسوسكي، إنه عادة ما كان يتم إخطاره ما إذا كان هناك مشاهير أو شخصيات رفيعة المستوى ستسافر على متن الطائرة التي يقودها. وأشار فيسوسكي إلى أنه نقل الأمير أندرو وترمب وكلينتون في طائرة الملياردير الراحل، وهي أسماء سبق أن ذكرت بين الشخصيات التي كانت لها علاقات مع جيفر

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
TT

علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)

كشفت دراسة أميركية أن علاجاً مبتكراً للأطفال الذين يعانون من الكوابيس المزمنة أسهم في تقليل عدد الكوابيس وشدّة التوتر الناتج عنها بشكل كبير، وزاد من عدد الليالي التي ينام فيها الأطفال دون استيقاظ.

وأوضح الباحثون من جامعتي أوكلاهوما وتولسا، أن دراستهما تُعد أول تجربة سريرية تختبر فاعلية علاج مخصصٍ للكوابيس لدى الأطفال، ما يمثل خطوة نحو التعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل، وليس مجرد عَرَضٍ لمشكلات نفسية أخرى، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Frontiers in Sleep».

وتُعد الكوابيس عند الأطفال أحلاماً مزعجة تحمل مشاهد مخيفة أو مؤلمة توقظ الطفل من نومه. ورغم أنها مشكلة شائعة، فإنها تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والجسدية للأطفال، إذ تُسبب خوفاً من النوم، والأرق، والاستيقاظ المتكرر، وهذه الاضطرابات تنعكس سلباً على المزاج، والسلوك، والأداء الدراسي، وتزيد من مستويات القلق والتوتر.

ورغم أن الكوابيس قد تكون مرتبطة باضطرابات نفسية أو تجارب مؤلمة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، فإنها لا تختفي بالضرورة مع علاج تلك المشكلات، ما يتطلب علاجات موجهة خصيصاً للتعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل.

ويعتمد العلاج الجديد على تعديل تقنيات العلاج المعرفي السلوكي واستراتيجيات الاسترخاء وإدارة التوتر، المستخدمة لدى الكبار الذين يعانون من الأحلام المزعجة، لتناسب الأطفال.

ويتضمّن البرنامج 5 جلسات أسبوعية تفاعلية مصمّمة لتعزيز فهم الأطفال لأهمية النوم الصحي وتأثيره الإيجابي على الصحة النفسية والجسدية، إلى جانب تطوير عادات نوم جيدة.

ويشمل العلاج أيضاً تدريب الأطفال على «إعادة كتابة» كوابيسهم وتحويلها إلى قصص إيجابية، ما يقلّل من الخوف ويعزز شعورهم بالسيطرة على أحلامهم.

ويستعين البرنامج بأدوات تعليمية مبتكرة، لتوضيح تأثير قلّة النوم على الأداء العقلي، وأغطية وسائد، وأقلام تُستخدم لكتابة أفكار إيجابية قبل النوم.

وأُجريت التجربة على 46 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاماً في ولاية أوكلاهوما الأميركية، يعانون من كوابيس مستمرة لمدة لا تقل عن 6 أشهر.

وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في عدد الكوابيس ومستوى التوتر الناتج عنها لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج مقارنة بالمجموعة الضابطة. كما أُبلغ عن انخفاض الأفكار الانتحارية المتعلقة بالكوابيس، حيث انخفض عدد الأطفال الذين أظهروا هذه الأفكار بشكل كبير في المجموعة العلاجية.

ووفق الباحثين، فإن «الكوابيس قد تُحاصر الأطفال في دائرة مغلقة من القلق والإرهاق، ما يؤثر سلباً على حياتهم اليومية»، مشيرين إلى أن العلاج الجديد يمكن أن يُحدث تحولاً كبيراً في تحسين جودة حياة الأطفال.

ويأمل الباحثون في إجراء تجارب موسعة تشمل أطفالاً من ثقافات مختلفة، مع دراسة إدراج فحص الكوابيس بوصفها جزءاً من الرعاية الأولية للأطفال، ما يمثل خطوة جديدة في تحسين صحة الأطفال النفسية والجسدية.