عبد القادر الشيبي.. من إدارة خطوط الطيران إلى سدانة الكعبة المشرفة

يعد السادن التاسع في عهد الدولة السعودية

الشيبي في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» في سبتمبر 2013
الشيبي في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» في سبتمبر 2013
TT

عبد القادر الشيبي.. من إدارة خطوط الطيران إلى سدانة الكعبة المشرفة

الشيبي في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» في سبتمبر 2013
الشيبي في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» في سبتمبر 2013

يعد عبد القادر بن طه الشيبي، كبير سدنة بيت الله الحرام، الذي توفي فجر أمس الخميس عن عمر يناهز الـ74، هو السادن التاسع في عهد الدولة السعودية، بحسب شقيقه عبد الملك الشيبي في حديثه لـ«الشرق الأوسط».
ويبدأ ترتيب طبقات سدنة الكعبة المشرفة، عقب عهد محمد بن زين العابدين الذي يعتبره الشيبيون الحاليون هو من أوقف الأملاك الحالية لآل الشيبي، كما أنه يعد الجد الخامس للشيبيين الحاليين وتدنوه الطبقة الأولى، وتتوالى بعده الطبقات، وانتهت الطبقة الرابعة بوفاة كبير سدنة بيت الله الحرام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الشيبي، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2010، وهو سلف الشيخ عبد القادر، لتبدأ الطبقة الخامسة.
ويجتمع نسب أسرته آل الشيبي مع الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) في قصي بن كلاب، والاسم الكامل للفقيد عبد القادر بن طه بن عبد الله بن عبد القادر بن علي بن محمد السابع بن زين العابدين بن محمد عبد المعطي بن عبد الواحد بن محمد جمال الدين بن القاسم بن أبي السعود بن أبي فخر الدين بن محمد جمال الدين بن عمر بن سراج الدين بن محمد بن علي بن غانم بن محمد بن مفرج بن محمد بن يحيى بن عبيدة بن حمزة بن بركات بن شيبة بن عبد الله بن شعيب بن جبير بن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي.
وللفقيد عشرون ولدا ما بين ذكور وإناث من ثلاث زوجات، وعرف عنه حبه للخير ومساعدة الضعفاء، واجتماعيته والتقاؤه بأقاربه وذويه. ومن المتعارف عليه أن مشيخة السدانة تكون للأكبر من آل الشيبي، وإذا احتاج كبير السدنة للعون فإنه يعين وليا له أو مشرفا، غير أن المشيخة لا تنزع منه.
وقبل أن يتولى الفقيد الشيخ عبد القادر الشيبي مهام كبير سدنة بيت الله الحرام، في عام 2010، التحق بالعمل الحكومي من خلال «الخطوط السعودية للطيران»، وتدرج في العمل بها لعدة سنوات حتى وصل لمرتبة مدير لإدارة «الخطوط السعودية» بشمال السعودية في مدينتي عرر والجوف، قبل أن يتقاعد ويعود لمسقط رأسه بالعاصمة المقدسة مكة المكرمة قرب أهله وذويه، حتى جاء عليه الدور في حمل مهمة كبير سدنة بيت الله الحرام كأكبر فرد في أسرة آل الشيبي بمكة المكرمة، بعد وفاة كبيرهم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الشيبي. أما حياته التعليمية فقد درس في مكة المكرمة بداية بالمرحلة الابتدائية، مرورا بالمتوسطة، قبل أن يكمل مرحلة الثانوية ثم يتجه للحياة العملية.
ويعد عبد القادر الشيبي من أسرة آل الشيبي الذين يعودون لنسب محمد بن زين العابدين، ولا تقر السدانة إلا للشيبيين الحاليين الذين بقوا داخل مكة وعاشوا فيها ولم يهاجروا منها، حتى جاء الحكم السعودي وأقر الملك عبد العزيز العائلة الموجود والقائمة بأعمال سدانة الكعبة. ويرفض بنو شيبة السماح بمشاركة أي مدع بالانتساب يأتي من خارج المملكة، ويوجد منتسبون لبني عبد الدار في أماكن كثيرة في العالم الإسلامي في الصومال واليمن والعراق والأردن وفلسطين، لكن السدانة خصص بها بنو شيبة دون سائر بني عبد الدار.
واعتاد الفقيد الشيخ عبد القادر الشيبي أن يتسلم كسوة الكعبة المشرفة من قبل الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، في غرة شهر ذي الحجة، جريا على العادة السنوية التي تتم في مثل هذا اليوم من كل عام، بيد أن آخر مرة تسلمها نيابة عنه وكيل سدنة بيت الله الحرام الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي، بسبب وضعه الصحي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».