الأحزاب اللبنانية تعيد تقييم أدائها وسياساتها بعد الانتفاضة الشعبية

ورشتا عمل لـ«المستقبل» و«الاشتراكي» لبحث التوجه إلى الشباب

TT

الأحزاب اللبنانية تعيد تقييم أدائها وسياساتها بعد الانتفاضة الشعبية

يدرك معظم الأحزاب اللبنانية التي داهمتها الانتفاضة الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنها لم تعد قادرة على الاستمرار بنفس النهج والسياسات المتبعة منذ 30 عاماً، خصوصاً بعدما خسرت قسماً كبيراً من جماهيرها التي انقلبت عليها برفع شعار «كلن يعني كلن».
وينكبّ أكثر من حزب على ورش عمل داخلية بهدف اعتماد مقاربات جديدة واستنباط خطاب سياسي مختلف قادر على إعادة اجتذاب المؤيدين خصوصاً الشباب. وفيما يكشف مستشار رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» رامي الريس، عن اعتماد القيادة مقاربة نقدية شاملة للواقع السياسي والحزبي مهّدت لإطلاق ورشة عمل حزبية داخلية تهدف للتجديد والتحديث وترتكز على بناء خطاب سياسي شبابي جديد يكون أكثر محاكاةً لتطلعات اللبنانيين ورغبتهم في بناء دولة قوية وقادرة، يتحدث عضو المكتب السياسي لتيار «المستقبل» راشد فايد، عن ورشة عمل داخلية للتيار انطلقت قبل 17 أكتوبر الماضي، اقتضتها التجارب التي مر بها منذ عام 2008، تهدف لإعادة تقييم الأمور وتصويبها بناءً على المتغيرات التي طرأت سواء على الحياة السياسية أو على الإطار التنظيمي للتيار.
ويستعد «التيار الوطني الحر» كذلك لإعادة تقييم أدائه وسياساته، ويرى النائب في تكتل «لبنان القوي» أسعد درغام أن هذا الأمر طبيعي ومن المفترض أن تقوم به كل الأحزاب في أزمة مماثلة للأزمة التي يمر بها لبنان، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الوطني الحر» سيقوم لا شك بإعادة تقييم الوضع ووضع الأطر المناسبة لمواجهة الترددات الاقتصادية والاجتماعية ومعالجتها، مضيفاً: «الاهتمام منصبّ حالياً على تشكيل الحكومة، وبعد ذلك سيكون هناك نقاش طويل إن كان عبر ورشة عمل أو بأي إطار تنظيمي حزبي آخر للاتفاق على الخطوات الواجب القيام بها».
من جهتها، تشير مصادر حركة «أمل» إلى أن إعادة تقييم عمل الحركة واستراتيجيتها ليست مرتبطة بانتفاضة أكتوبر الماضي، بل تحصل عشية كل مؤتمر تنظيمي، لافتةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجديد الواجب العمل عليه بعد 17 أكتوبر هو إعادة النظر بطبيعة علاقة الأحزاب مع الدولة وعلاقة الأحزاب مع الناس، قائلة: «الأحزاب ليست بديلاً عن الدولة، وإن كانت في فترة من الفترات تقدم خدمات توجب أن توفرها المؤسسات العامة، فقد آن الأوان لتصويب الأمور لأن الاستمرار في هذا المنحى يؤدي لخسارة الأحزاب الكثير من رصيدها الشعبي». وبعكس كل الأحزاب الأخرى، لا يجد حزب «القوات اللبنانية» حاجة إلى إجراء نقد ذاتي أو اعتماد مقاربات سياسية جديدة، إذ يرى رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور، أن حزبه كان ممهداً للثورة من خلال الأدبيات التي حاول أن يرسيها منذ 3 سنوات لجهة الشفافية والمساءلة والمحاسبة ومكافحة الفساد وبناء الدولة الحقيقية وحث الناس على المشاركة بصناعة القرار، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كنا سباقين حين طرحنا في سبتمبر (أيلول) الماضي، تشكيل حكومة من الإخصائيين... كما أنه وحين اندلعت الثورة كان وزراؤنا أول من قدموا استقالاتهم وجمهورنا أول من انضم إلى صفوف هذه الثورة».
وينسجم موقف «القوات» في هذا المجال مع موقف «الاشتراكي»، إذ يؤكد رامي الريس أن «رئيس الحزب وليد جنبلاط، كان أول من قرأ مؤشرات الثورة سواء من خلال تحذيراته المتتالية من عدم اتخاذ قرارات اقتصادية إصلاحية جذرية أو من خلال إيعازه للحزب بإعداد ورقة اقتصادية جُلنا بها على القوى السياسية دون طائل، وصولاً لتلقفه المباشر للثورة فور اندلاعها». ويضيف الريس لـ«الشرق الأوسط»: «لا ننكر أن هناك واقعاً استجدّ على الصعيد السياسي وعلى صعيد تطلعات اللبنانيين ورغبتهم في التغيير الحقيقي لذلك يتم العمل على عملية تحديث متكاملة وعلى ورشة داخلية تتم بهدوء بعيداً عن الضجيج الإعلامي وبخطوات غير متسرعة لمواكبة الواقع المستجدّ ومحاولة الانتقال بالحزب إلى مرحلة جديدة من النضال، ولا شك أن قرارنا عدم الاشتراك في الحكومة التي يتم تشكيلها والانتقال إلى صفوف المعارضة أفضل تعبير عن ذلك».
وكـ«الاشتراكي» يفضل «المستقبل» عدم الخوض في الخطوات التي ستُتخذ بعد انتهاء ورشة العمل، إذ يوضح راشد فايد لـ«الشرق الأوسط» أنه يجري إعادة النقاش بملفات كثيرة مرتبطة ببنية التيار كما بالمفاهيم العامة، لافتاً إلى أن كل شيء قيد الدرس على أن يتم الإعلان عن أي قرارات عندما تصبح نهائية وجاهزة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.