تونس: ارتفاع عدد الرافضين لحكومة الحبيب الجملي المقترحة

اتهامات بعدم استقلالية بعض أعضائها... وشبهات فساد تحوم حول آخرين

TT

تونس: ارتفاع عدد الرافضين لحكومة الحبيب الجملي المقترحة

قبل موعد انعقاد الجلسة البرلمانية المخصصة لمنح الثقة للحكومة التونسية المقترحة، يوم الجمعة المقبل، توسعت دائرة الغاضبين والرافضين لاختيارات رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، بعد أن وجهت اتهامات بعدم استقلالية بعض أعضائها، ووجود شبهات فساد تحوم على بعضهم الآخر، واتهام عناصر في الحكومة المرتقبة بأنها كانت تؤيد عودة ترشح الرئيس السابق زين العابدين بن علي، فيما وجهت لعناصر أخرى تهمة أنها «محسوبة على النظام السابق».
فبالإضافة إلى رفض معظم الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان للتشكيلة الحكومية الجديدة، وتعبير قياداتها عن عدم استعداد ممثليهم في البرلمان لمنح الثقة للحكومة المقترحة، فقد نشرت عدة أسماء كانت مقترحة للانضمام إلى تركيبة حكومة الجملي، بعض خفايا المشاورات التي دارت حول تولي بعض الحقائب الوزارية. وفي هذا الشأن، أكدت ألفة الحامدي، التي كانت مرشحة بارزة لتولي حقيبة وزارة الخارجية أن إلقاءات دامت لساعات طويلة مع رئيس الحكومة المكلف، وطرحت فيها وثيقة «النوايا الاستراتيجية لوزارة الخارجية 2020 - 2025». لكن لم يتم إلحاقها بالفريق الحكومي، كما نفت الحامدي اقتراحها على رأس وزارة أخرى مثلما تم الترويج لذلك. وفي نهاية المطاف منحت حقيبة الشؤون الخارجية لخالد السهيلي، وهو دبلوماسي وسفير لتونس لدى الأردن.
في السياق ذاته، كشف كمال العيادي، الرئيس الحالي للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية (هيئة حكومية) أنه اعتذر عن تولي وزارة وظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد، قبل أن تقترح عليه حقيبة الدفاع عليه، التي استحسنها رئيس الحكومة وقبلها العيادي دون تردد، باعتبار أن التعيين بخصوصها يتم بصفة مشتركة مع رئيس الجمهورية.
واعتبر العيادي أن انسحاب حزبي التيار وحركة الشعب من المشاورات كان وراء تغيير وجهة اختيارات الجملي، الذي أعلن عن تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة.
ومنحت وزارة الدفاع الوطني في نهاية المشاورات إلى القاضي عماد الدرويش، وهو اقتراح أثار حفيظة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (منظمة حقوقية مستقلة)، التي اتهمته بأنه من أذرع النظام السابق، الذي استخدمه في عرقلة الرابطة ومنع هيئتها المديرة من النشاط، وتعليق صلاحياتها سنة 2000. وقد أكد المختار الطريفي، الرئيس السابق لهذه الرابطة، أن الوزير المقترح كتب هذا الحكم بخط يده، وذيله بتوقيعه، ولذلك دعت إلى مراجعة تعيينه ضمن التشكيلة الحكومية.
وكانت أحزاب المعارضة قد عددت التسريبات، التي شابت حكومة الكفاءات الوطنية المستقلة عن الأحزاب، وتحدثت عن وجود بعض الشخصيات المتحزبة ضمن الفريق الحكومي. ومن بينها مها العيساوي، كاتبة الدولة للصحة، التي تنتمي لحزب «قلب تونس» والناشطة بمكتبه في فرنسا. أما الفاضل عبد الكافي، وزير التخطيط والتنمية والتعاون الدولي فهو مدعوم أيضا من الحزب ذاته.
ووفق تصريحات إعلامية، فقد انتمت لبنى الجريبي، الوزيرة لدى رئيس الحكومة، المكلفة العلاقة مع البرلمان، سابقا إلى حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي يترأسه خليل الزاوية.
فيما تنتمي سناء السخيري، كاتبة الدولة لدى وزير الخارجية، إلى حركة مشروع تونس، الذي يتزعمه محسن مرزوق. أما روني الطرابلسي، وزير السياحة فهو مؤيد لحركة «تحيا تونس»، وكان أبرز مرشحي الحزب عن دائرة فرنسا الشمالية في الانتخابات البرلمانية. وقد كان سفير فرنسا لدى تونس أول من أكد بقاء روني الطرابلسي في نفس منصبه بحكومة الحبيب الجملي، وهو ما أثار جدلا حادا في الوسط السياسي.
أما بالنسبة لوزير التجارة بشير الزعفوري، فيعتبر أيضا محسوبا على حركة النهضة، وقد اشتغل كوزير معتمد لدى وزير الصناعة والتجارة مكلف التجارة والصناعات التقليدية في حكومة حمادي الجبالي (قيادي سابق في النهضة)، ليصبح بعدها وزيرا للتجارة حتى مارس (آذار) 2013، كما أن سفيان السليطي وزير الداخلية المقترح ومنجي مرزوق وزير الصناعة والطاقة والمناجم، والهادي القديري وزير العدل، وطارق ذياب وزير الشباب والرياضة، يعدون مقربين من حركة النهضة ويحظون بدعمها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.