متظاهرو الناصرية والبصرة يرفضون تشييعاً رمزياً لسليماني والمهندس

أحرقوا مقراً لـ«الحشد» وسيارة المشيعين... وسقط منهم جرحى

متظاهرون يسدون طريقاً في النجف أمس بحرق إطارات احتجاجاً على تحويل العراق ساحة لتصفية الحسابات بين إيران وأميركا (أ.ف.ب)
متظاهرون يسدون طريقاً في النجف أمس بحرق إطارات احتجاجاً على تحويل العراق ساحة لتصفية الحسابات بين إيران وأميركا (أ.ف.ب)
TT

متظاهرو الناصرية والبصرة يرفضون تشييعاً رمزياً لسليماني والمهندس

متظاهرون يسدون طريقاً في النجف أمس بحرق إطارات احتجاجاً على تحويل العراق ساحة لتصفية الحسابات بين إيران وأميركا (أ.ف.ب)
متظاهرون يسدون طريقاً في النجف أمس بحرق إطارات احتجاجاً على تحويل العراق ساحة لتصفية الحسابات بين إيران وأميركا (أ.ف.ب)

شهدت ساحات التظاهر في الناصرية والبصرة، أمس، توتراً شديداً بينها وبين عناصر «الحشد الشعبي» على خلفية رفضها القبول بدخول موكبي التشييع الرمزي الذي نظمه «الحشد» لقائد فيلق «القدس» الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس إلى ساحتي الاعتصام في المدينتين الجنوبيتين.
وأدت التوترات بين الجانبين إلى سقوط ما لا يقل عن 3 جرحى، حالة أحدهم خطيرة، في الناصرية، مركز محافظة ذي قار، بعد أن فتحت عناصر «الحشد» النار لتفريقهم. وبعد تطويق المتظاهرين مقر هيئة الحشد ومحاولة إحراقه، قامت شرطة المحافظة بتطويق المكان وأعلنت تسلمها رسمياً المقر. وعلى رغم حضور قائد الشرطة ريسان الإبراهيمي لإفراغ مقر الحشد من العاملين به لتجنب الاحتكاك مع المتظاهرين ومنع حرقه، فإن المتظاهرين عادوا وأحرقوا المبنى عصر أمس، بعد مغادرة القوات الأمنية.
وأبلغ الناشط والأكاديمي حازم هاشم «الشرق الأوسط» أن «هيئة الحشد التي نظمت التشييع الرمزي طلبت من المتظاهرين في ساحة الحبوبي وسط الناصرية بالسماح بمرور موكب التشييع في الساحة، لكن المعتصمين رفضوا ذلك وقاموا بقطع الطريق بالإطارات المحترقة أمام موكب التشييع». ويضيف هاشم: «بعض جماعات الحشد أصرت على الدخول إلى الساحة الأمر الذي آثار حفيظة المحتجين ليتطور الأمر بعد ذلك إلى إطلاق نار أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 3 متظاهرين». ويواصل: «بعد وقوع إصابات تصاعدت حدة التوتر بين الجانبين وقام المتظاهرون بالهجوم على موكب التشييع، ما دفع جماعات الحشد إلى الهروب وترك سيارة التشييع والجنائز الرمزية التي فوقها، فعمد المتظاهرون إلى حرق السيارة والجنائز، ثم قاموا بملاحقتهم إلى مقر هيئة الحشد التي تبعد نحو 5 كيلومترات عن ساحة الحبوبي».
وبسؤاله عن أسباب رفض المتظاهرين السماح بمرور موكب التشييع يقول هاشم إنهم «يشعرون بحيف شديد أن تتم عملية تشييع لجنرال إيراني في العراق والناصرية بهذا الحجم، فيما يتجاهل الجميع المجازر التي ارتكبت بحق المتظاهرين السلميين في الناصرية وبقية المحافظات، علما بأن أعداداً كبيرة من المتظاهرين يتهمون علناً سليماني وبعض فصائل الحشد بالتورط في دمائهم».
وأظهر متظاهرو الناصرية قدراً عالياً من الشراسة في مواجهة السلطة وأحزابها وميليشياتها منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وعمدوا إلى حرق مباني ومقار الأحزاب والفصائل المسلحة في عموم المحافظة، رداً على العنف المفرط التي واجهتهم به السلطات الأمنية، كما أحرقوا منازل عدد كبير من المسؤولين وأعضاء مجلسي المحافظة المحلي والبرلمان الاتحادي.
وارتكبت السلطات الأمنية نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مجزرة كبيرة ضد المتظاهرين في الناصرية قتل وأصيب فيها العشرات. وما زال المحتجون يضعون ضمن أولويات مطالبهم محاسبة المسؤولين عن تلك المجزرة وخاصة الفريق الركن جميل الشمري الذي ارتكبت المجزرة خلال ترؤسه لخلية الأزمة في الناصرية ليومين فقط.
بدورها، أصدرت هيئة الحشد بياناً أمس، قالت فيه إن «الآلاف من أبناء الناصرية أطلقوا تشييعا رمزيا للشهيدين القائدين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني والشهداء الآخرين، وإن الحشود المشيعة جابت شوارع المحافظة منددة بالعدوان الأميركي».
ولم يشر البيان إلى الأحداث التي رافقت التشييع والصدام مع المتظاهرين في ساحة الحبوبي وعملية التطويق التي طالت مقرها من قبل المتظاهرين.
لكنها ذكرت أن «الحشد الشعبي في الناصرية أقام مجلس عزاء على أرواح شهداء القادة في مقر الهيئة». وفي البصرة قامت جماعات تابعة للحشد بحرق بعض خيام المعتصمين بعد رفضهم السماح بمرور موكب التشييع الرمزي لسليماني والمهندس عبر الساحة. وأفاد مصدر صحافي في البصرة بسماع إطلاق نار مكثف قرب ساحة الاعتصام وانتشار عناصر قوات الشغب بشكل مكثف في الشوارع القريبة من الساحة.
وبرغم الأوضاع المتوترة الناجمة عن مقتل سليماني والمهندس في عموم البلاد، تواصلت الاحتجاجات الشعبية في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، وانطلق آلاف الطلبة في الجامعات الحكومية والأهلية ببغداد في مسيرة طلابية بدأت من وزارة التعليم العالي وصولا إلى ساحة التحرير وسط بغداد. وترجح مصادر في وزارة التعليم العالي اتخاذ قرار بتأجيل العام الدراسي الحالي، نظرا لإصرار طلبة الجامعات على الإضراب وعدم الالتزام بالدوام الرسمي حتى نهاية فصله الأول.
وفي محافظة بابل استمر، أمس، إضراب الطلبة الذين كسروا دعوى تقدمت بها نقابة المعلمين للانتظام في الدوام.
وفي محافظة الديوانية تواصل خروج الطلبة بمظاهرات واسعة. وأبلغ الصحافي ميثم الشباني «الشرق الأوسط» أن المحافظة شهدت إغلاق غالبية الطرق الرئيسية بواسطة الإطارات المحترقة. وذكر أن «متظاهرين أغلقوا طريق الديوانية الرابط مع قضاء الحمزة، وكذلك طريق الرابطة مع محافظ النجف، وقاموا كذلك بإغلاق معظم الدوائر الحكومية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.